أكد السيد محمد باقر الحكيم رئيس "المجلس الأعلى للثورة الاسلامية" في العراق ان لا مانع لديه من حوار مع وزير الخارجية الأميركي كولن باول "على قاعدة حماية الشعب العراقي". وأيد في حديث الى "الحياة" تدخل الأممالمتحدة لفرض حظر بري على تحرك القوات العراقية، مستبعداً أي انعكاسات لتطور العلاقات بين طهرانوبغداد على دور "المجلس الأعلى". قال رئيس "المجلس الاعلى للثورة الاسلامية" في العراق السيد محمد باقر الحكيم ان "الادارة الاميركية الجديدة جاءت بنفس جديد، وتحاول اظهار جدية في التعامل مع قضية الشعب العراقي". وتابع في حديث الى "الحياة": "ندعو الى تجسيد اشارات واضحة في حماية الشعب العراقي من عمليات القمع غير المحدود التي يمارسها النظام وعندها يمكن ان يكون هناك حوار يقوم على اساس حماية الشعب كمدخل للاستقرار في العراق". واستدرك: "اذا توافر هذا الاساس لا مانع لدينا من الحوار المباشر مع الادارة الاميركية". واضاف: "لا نعتقد بوجود شروط لدينا، بل نتحفظ عن مثل هذه التعبيرات، ونقول ان اي حوار يحتاج الى قاعدة مشتركة، وهي قضية واحدة: وقف عمليات القمع غير المحدود الذي يمارسه النظام ضد الشعب" العراقي. ورأى ان "حماية الشعب العراقي هي مسؤولية المجتمع الدولي والولاياتالمتحدة عنصر مهم في هذا المجتمع لا يمكن التغاضي عنه، كما ان قضية العراق اصبحت دولية وليست داخلية او اقليمية، وهي خاضعة لقرارات الاممالمتحدة. وانطلاقاً من هذه القاعدة المشتركة، يمكن الانطلاق في الحوار اذا كانت الولاياتالمتحدة تؤمن بضرورة توقف القمع ضد الشعب العراقي". ولفت الى ان "للمجلس الاعلى نوعين من الخطاب حالياً مع الادارة الاميركية: الخطاب العام من تصريحات ومواقف، وخطاب قوى المعارضة السياسية التي نتعاون معها، وهي تقوم بدورها بمحاورة الادارة ونقل وجهات نظرنا اليها، وكذلك دوائر صنع الرأي في الولاياتالمتحدة. كما ان ممثلين عن المجلس كانوا ضمن الوفود التي زارت الاممالمتحدة واجتمعت مرات بالمندوب الاميركي في مجلس الامن". ونفى وجود مساع لترتيب لقاء بينه وبين وزير الخارجية الاميركي كولن باول، لكنه تحدث عن محاولات اميركية في عهد ادارة الرئيس بيل كلينتون تمت عبر اعطاء اشارات "وقد تعطي الادارة الجديدة نوعاً منها". واعلن ان لا مانع لديه من حوار مع باول "على قاعدة حماية الشعب العراقي"، مضيفاً ان "العالم كله يتحاور اليوم مع الولاياتالمتحدة، فلماذا نكون معزولين عن العالم... الفلسطينيون والسوريون وغيرهم يتحاورون مع واشنطن، فلماذا يُستنكر على معارضة عراقية تواجه هذا القمع من النظام العراقي ان تحاور الادارة الاميركية"؟ وفي اشارة ذات دلالات واضحة قد تتعلق بالموقف الايراني من هذا الطرح قال الحكيم ان "الجمهورية الاسلامية تتحاور مع الولاياتالمتحدة عن طريق الوساطات، كما ان حزب الله اشترك مع الادارة الاميركية في تفاهم نيسان ابريل 1996 الذي يمنع ضرب المدنيين اللبنانيين بأيدي القوات الاسرائيلية. والمهم هو وجود قاعدة مشتركة". ونفى رئيس "المجلس الاعلى" علمه بوجود مشروع خطة اميركية لايجاد "جيب آمن" للمعارضة في جنوبالعراق، وزاد ان "اي مشروع سياسي لا بد ان تكون له ارضية واقعية كي يتسنى درسه واعطاء الرأي فيه، ولا معنى لاعطاء المواقف تجاه الفرضيات. بحسب علمي ليس هناك مشروع لايجاد جيب آمن، وكل ما قيل بهذا الشأن هو كلام للإثارة فقط". واعلن الحكيم دعمه فكرة تدخل الاممالمتحدة لفرض حظر بري على القوات العراقية، وعدم الاكتفاء بمنطقتي الحظر الجوي في الشمال والجنوب. ونبّه الى ان "احدى المشكلات الاساسية التي يعانيها مشروع العقوبات الذكية هي ان الشعب العراقي مُغيّب في المشروع فالمشكلة ليست في عدم وجود امكانات مالية لتأمين الغذاء والدواء للشعب، بل تكمن في وجود نظام مستبد يفرض الحصار على الشعب ليفك الحصار عن نفسه، لذلك فإن العقوبات الذكية لا تتجه الى وقف القمع والحصار الداخلي". وعن التأثير المحتمل لتطور العلاقات بين طهرانوبغداد على دور "المجلس الاعلى" والمعارضة العراقية في ايران قال الحكيم ان "هذا الدور لا يعتمد على ايران و"حركتنا هي حركة الشعب العراقي وليست حركة مجموعة سياسية، ولدينا وجود داخل العراق، خصوصاً في المنطقتين الشمالية والجنوبية، وهو وجود عسكري وتنظيمي، اي ان لنا كياناً سياسياً اضافة الى الحال الشعبية العامة. حركتنا في الجمهورية الاسلامية في ايران ذات طابع سياسي وليست ذات طابع عسكري، وايران تطبّق قوانين منع التسلل العسكري من حدودها الى العراق، لذلك فان اي اتفاق ايراني عراقي لا يمسّ الحالة السياسية للمعارضة. كما ان لدينا حضوراً سياسياً في الخارج اكبر مما هو في ايران، خصوصاً في اوروبا والولاياتالمتحدة وكندا واستراليا وسورية ومناطق اخرى من العالم". ورفض الربط بين ملفي المعارضة الايرانية مجاهدين خلق المدعومة من بغداد والمعارضة العراقية الاسلامية المدعومة من طهران، وزاد: "هناك فرق كبير بين المعارضتين، فنحن حال شعبية ثم سياسية، وننطلق من قاعدة مختلفة عن القاعدة التي تنطلق منها تلك الجماعة مجاهدين خلق لاننا نواجه نظاماً يمارس القمع بصورة غير محدودة، مما ادى الى حال شعبية معارضة للنظام العراقي، كما ان دستور ايران يفرض عليها الوقوف الى جانبنا والى جانب الشعب الفلسطيني". وعن الدور العسكري ل"فيلق بدر" التابع ل"المجلس الاعلى" قال الحكيم: "وجود الفيلق غير محصور في ايران بل يتواجد في شمال العراقوجنوبه، والقرار العسكري للفيلق قرار عراقي وليس ايرانياً، سوى في القضايا التي تمسّ السيادة الايرانية، ومنها عدم التسلل الى العراق عبر ايران. ولا يُنقص شيئاً في استقلالية قرار الفيلق، كما كانت المقاومة الفلسطينية في الاردن، اذ ان وجودها هناك لم يكن يعني ان قرارها غير فلسطيني". واكد الحكيم ان "الفليق يُطوّر نفسه باستمرار ويتولى مسؤولية تدريب المقاومة داخل العراق ودعمها وتجهيزها مما ادى الى تطور المقاومة واتباعها اساليب جديدة حتى استطاعت الوصول الى داخل بغداد وضرب القصر الجمهوري قبل اسبوعين بصواريخ كاتيوشا، للمرة الثالثة خلال اقل من سنة". واشار الى ان "المجلس اتخذ قراراً بتطوير المقاومة نوعياً عبر ضرب المناطق الحساسة، كما ان هناك تعاوناً واضحاً من الجيش العراقي، وقصف القصر الجمهوري بالكاتيوشا كان بمساعدة من داخل الجيش بعدما طوّرنا خطابنا نحوه على قاعدة ان العراق ليس لمجموعة معينة بل لجميع العراقيين، ومنهم الجيش وابناء اجهزة النظام وللحزبيين" البعث. واتهم الحكيم نظام الرئيس صدام حسين بالعمل "لاستغلال القضية الفلسطينية لمصالحه الخاصة منذ العام 1968، وهو كان السبب في قتل كثيرين من القادة الفلسطينيين وتمزيق المنظمات الفلسطينية، وعبر غزوه الكويت كان السبب في طرد العمال الفلسطينيين من منطقة الخليج".