بدأ الخلاف على الحوار مع واشنطن يطفو على السطح داخل أروقة المجلس الأعلى للثورة الاسلامية العراقي المعارض، واتضح أن ثمة معارضة، خصوصاً من جانب "فيلق بدر" الجناح العسكرى لما أعلنه رئيس المجلس السيد محمد باقر الحكيم ل"الحياة" عن استعداده للحوار المباشر وغير المشروط مع الادارة الأميركية لكن على قاعدة حماية الشعب العراقي. وقال العضو البارز والفاعل في الهيئة العامة للمجلس أبو حسن الهيثم "أن هذا القرار الحوار مع واشنطن لم يتخذ في الهيئة العامة - وهي أعلى جهة في المجلس - ولا من جانب الشورى المركزية". وقال الهيثم ل"الحياة": "ان الأساس الذي قام عليه المجلس يرفض قيام حوار مع الولاياتالمتحدة الأميركية خصوصاً ما يتعلق بالتدخل الأميركي في العراق أو الطلب من الادارة الأميركية المساعدة على رفع القمع عن الشعب العراقي علماً بأن تجربة السنوات العشر الماضية اثبتت ان الأميركيين لا يسعون سوى الى مصالحهم ولا يهمهم رفع القمع عن الشعب العراقي بل يعملون لزيادة المعاناة على هذا الشعب". وفي رفض واضح لموقف السيد الحكيم من الحوار مع واشنطن أضاف أبو حسن: "ما دام ان الهيئة العامة أو الشورى المركزية لم تتخذ هذا القرار فإن أي كلام في هذا الصدد هو شخصي لا يعبر عن رأي المجلس". وأعلن المسؤول في المجلس معارضة "فيلق بدر" الذراع العسكرية للمعارضة العراقية الاسلامية للحوار مع واشنطن، وقال "ان المجاهدين المخلصين في فيلق بدر وأعضاء المجلس الأعلى والشخصيات الأخرى التي جاهدت وناضلت في سبيل خلاص شعبنا، يرفضون بشكل قاطع الحوار مع أميركا والطلب اليها رفع الحيف والضيم عن الشعب العراقي". ورداً على سؤال ل"الحياة" عن امكان حدوث انقسام داخل المجلس على خلفية هذا الأمر قال ابو حسن الهيثم: "اعتقد انه لا يوجد خطر يهدد المجلس لأن الأكثرية القاطعة فيه ترفض الدعوة الى أي تدخل أجنبي في العراق، أما قرار بعض الشخصيات - ويقصد السيد الحكيم من دون تسميته - في الحوار مع أميركا فسيكون محدود التأثير في قرار المجلس". وردت مصادر في المجلس الأعلى على هذا الموقف بقولها ل"الحياة" انه "يعكس طابع التعددية وحرية الرأي داخل المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق، على أساس ان المجلس أشبه ببرلمان يعكس الآراء المتنوعة داخله". وأضافت هذه المصادر طالبة عدم كشف هويتها "ان اعلان السيد الحكيم الاستعداد للحوار مع واشنطن على قاعدة حماية الشعب العراقي لاقى أصداء ايجابية واسعة بين صفوف العراقيين المعارضين للنظام في الداخل والخارج، وان رسائل كثيرة وصلت الى السيد الحكيم تشيد بخطوته الجديدة هذه لرفع القمع عن الشعب العراقي. وجاء معظم هذه الرسائل من النخب المثقفة والواعية من العراقيين في طهران وقم وخارج ايران". ويرى مراقبون أن هذه المعطيات تُظهر "تباعداً قابلاً للاتساع" بين الأوساط القريبة من الذراع العسكرية للمعارضة العراقية، وبين قيادتها السياسية على رغم ان الأمر قابل للاحتواء سريعاً بفعل تدخل من الجانب الايراني، خصوصاً ان قراراً استراتيجياً كالحوار المباشر مع واشنطن لا يمكن تمريره من دون التوافق مع طهران. إلا أن الخلاف بين المحافظين والاصلاحيين أنفسهم حول النظرة الى كيفية التعاطي مع واشنطن قد يترك آثاره في هذا الأمر، على رغم ان المجلس الأعلى أكد مراراً ان قراراته نابعة من قناعاته وأن الجانب الايراني لا يتدخل إلا في القضايا التي تمس السيادة الايرانية.