معدة ومقدمة برامج أطفال، وكاتبة دراما للأطفال، وتغني للأطفال، وترسم لوحات فنية... متميزة في أفكارها، وكلماتها، وتعشق الألوان الربيعية المتداخلة، وبطاقات العمل الخاصة بها لونها بمبي. تحمل 32 عاماً من الحياة على الأرض، منها ثماني سنوات من العمل من أجل الأطفال ومعهم اسمها عروب صبح، بدأت مشوارها المهني في تلفزيون الاردن، وقبل عامين التحقت ب"راديو وتلفزيون العرب ART"، قناة الأطفال. ارتبط اسمها ببرنامج "وقت الفرح" الذي تحول الى "أوقات الفرح" في ما بعد. وسبب تغيير اسم البرنامج - الذي كان من أول البرامج المذاعة على الهواء للأطفال في العالم العربي - هو أن الفرح يبقى فرحاً، لكن الأوقات تستمر. وصبح - بحكم دراستها إضافة الى موهبتها - مهندسة ديكور دخلت مجال الإعلام لتحقيق حلم ظل يراودها وهو العمل الاعلامي من أجل الأطفال، وهو ما دفعها الى الالتحاق بدورات دراسية في ذلك المجال وتحديداً في فرنسا وكندا والدنمارك. وهي بحكم عملها ودراستها وحلمها الذي تعمل على تحقيقه تؤكد أن نوعية برامج الأطفال في العالم واحدة، لكنها يجب أن تكون في الدرجة الأولى بغض النظر عن فحوى البرنامج: خيري، ترفيهي، تعليمي أو... تقول: "التسلية لأجل التسلية مشروعة للأطفال ولكن للأسف لا توجد استراتيجية اعلامية عربية واضحة لتلك البرامج يتضح من خلالها ما الذي نريده من أطفالنا بعد عشر سنوات". وتلفت صبح الى أن برامج الأطفال لا يمكن أن تكون موجهة لكل الأطفال ولكنها يجب أن تكون موجهة الى فئات بحسب العمر، إضافة الى نوعية البرنامج نفسه. أما "أوقات الفرح" فتصنفه عروب صبح بأنه منوع، يتناول مواضيع مختلفة تهم الأطفال ويحوي معلومات، وفرحاً، ومشاركة من الأطفال من 11 الى 15 عاماً. وتؤكد ان تقديم برنامج أطفال لكل أطفال العرب ليس صعباً، لكنه أمل تعمل على تحقيقه: "انتقلنا ب"أوقات الفرح" الى دول عربية عدة فقدمنا حلقات من دبي والقدس ومن غزة وبيت لحم والقاهرة. ليس من الصعب إذاً تقديم برنامج للأطفال العرب يلمس هموم الطفل العربي أينما كان". وما هي هموم الطفل العربي؟ تقول صبح: "الله يعينه، المشكلات كثيرة: رداءة التعليم، الانحياز والتمييز ضد الطفلة الأنثى، عمالة الأطفال، فقر الرعاية الصحية، النظرة الدونية الى الأطفال ولا سيما اليافعين الذين يعتبرون بمثابة معضلة...". وتؤمن صبح أن كلمة السر في كل ما يقدم الى الطفل هي الفرح، حتى لو كان الحديث حزيناً، تقول: "الفرح هو الطريقة الوحيدة لجذب المشاهد من تلك الفئة ليحكي عن أحزانه وأفراحه، وليجد حلاً مفرحاً لحزنه. علينا أن نضع الأمور التي تحوي عادة مشكلات، بطريقة مفرحة. فإذا قدمنا حلقة عن عمالة الأطفال، نصور الأطفال في أماكن عملهم، ونلتقي الاختصاصيين والمهتمين بحقوق الانسان، إضافة الى آراء الأطفال أنفسهم عن كيفية حصولهم على حقوقهم، ونحن نعلمهم أن الحق لا يعطى لكنه يؤخذ". وتعتبر عروب صبح عملها اليومي اضافة يومية الى خبرتها وعلمها، تقول: "أبذل قصارى جهدي لأتعلم أكبر كم ممكن لأفيد أكبر إفادة ممكنة، ودخولي مجال الإعلام لم يأت عن دراسة، لكنه جاء عن حب وتلقائية في التعامل مع الأطفال". ونعود الى تعامل الإعلام، وتحديداً التلفزيون العربي مع الأطفال، تقول صبح: "التعامل مع الأطفال يخلو من احترام تفكيرهم وانسانيتهم. وهناك برنامج مسابقات للأطفال قُدم قبل فترة وجيزة، دأب خلاله المقدم على الصراخ بالأطفال، وكان يعتبر ذلك ظرفاً، بل انه كان يشجعهم على الصراخ. وطوال الحلقة يحث المذيع الأطفال على ضرب الفريق الآخر، والفائز من يضرب أولاً. ومعروف عالمياً أن العنف من أكبر المحرمات في برامج الأطفال". وتلاحظ صبح كذلك الترويج للعنف في أفلام الكرتون المدبلجة، إضافة الى محادثة الأطفال في الكثير من برامجهم بطريقة دونية، وعدم مراعاة طريقة تقديم المعلومة اليهم، وهي تحصل عادة بطريقة التلقين والنصيحة المباشرة. مشاركة الأطفال في العمل الاعلامي وفي تقديم النصيحة بأسلوب غير مباشر أمر لا بد منه في رأي صبح، أو على الأقل تحقيق دراسات عن موقف الأطفال مما يقدم لهم وما يودون مشاهدته، وهو ما نفتقده في عالمنا العربي. وتنتقد صبح الاعتماد الزائد على الأفكار المستوردة. وترى أن تعريب برامج الأطفال أمر جيد، إلا أنه لا ينجح في كل الأحوال، تقول: "هناك تجارب ناجحة مثل "افتح يا سمسم" في التجربة الخليجية، لكن "شارع سمسم" الفلسطيني والمصري حفلا بالتحفظات على استخدام اللهجة المحلية مثلاً في الأخير". وتنتقد المغالاة في العامية في برامج الأطفال ولا ترحب بأن يستخدم المذيع لهجة غير المحلية. لكنّ المطلوب في رأيها التحدث بلغة عربية مفهومة وغير معقدة يفهمها الأطفال، على أن تكون مخارج أصوات الأطفال واضحة وسليمة. أما "شارع سمسم" الفلسطيني فتقول ان اخطاء عدة حدثت فيه سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة: "فمثلاً هدف هذا البرنامج كان التعايش السلمي بين الفلسطينيين والاسرائيليين. لسنا ضد السلام، ولكن كيف نوصل فكرة السلام الى أطفالنا. وورد في مشاهد عدة من "شارع سمسم" الفلسطيني ما يوصي بأن العرب ينتظرون بفارغ الصبر مصادقة الاسرائيليين. علماً أنهم سرقوا تراثنا وثقافتنا وطعامنا وقدموها باعتبارها جزءاً من الثقافة الاسرائيلية وهذا خطير جداً". وعن تجربة "كيف وليش" في لبنان، تقول صبح انها جميلة جداً ولكنها تتساءل: "ما الداعي الى استخدام ثلاث لغات. جميل أن يتعلم الأطفال لغات عدة، ولكن أين هويتهم، لا سيما أطفال ما قبل المدرسة، إذ ينبغي غرس أصول اللغة والثقافة العربية أثناءها؟". وتقول صبح ان استخدام غير لغة امر مقبول ويستحق التشجيع ولكن في مرحلة أكبر بعد أن يكون الطفل اكتسب أساسيات لغته من قراءة وكتابة وتشكيل. وهي لا تعتبر الاعلام وسيلة تعليم مباشرة "فكبسة زر تغير القناة أو تغلق جهاز التلفزيون. إذاً فالمشاهد هو الذي يحدد ما يستقبله منه". وعلى رغم ما يشاع عن الآثار السلبية للقنوات الفضائية، إلا أن صبح تؤكد انها تجربة ناجحة، على الأقل بالنسبة الى القنوات العربية. فهناك ثلاث قنوات عربية متخصصة للأطفال هي ART الأطفال، وJUN CHANNEL التابعة لأوربت، وSPACETOONS البحرينية. الأولى والثانية قناتان تتطلبان اشتراكاً. أما الأخيرة، فالأطفال يعشقون أفلامها الكارتون، وكثيرون يعتقدون ان هذه هي برامج الأطفال، لكني ضد ذلك تماماً". وتعلل صبح رفضها ان العالم العربي لا يصنع أفلام الكارتون هذه، لذا يجب أن تقدم القنوات العربية أشياء خاصة بها، فتخلق نجوماً وشخصيات وأحداثاً تؤثر بالأطفال في العالم العربي: "فإلى جانب تقديم تلي تابيز وباربي والبوكيمون، يجب أن تكون هناك أفكار وعناصر عربية". وتشير صبح الى أن السبب في مجانية النجاح لكل أفكار أو مشاريع ابتداع شخصية كارتونية عربية هو عدم وجود من يساندها بإصرار، مع ضعف القدرة المادية، وتدني النوعية، تقول: "نمتلك في العالم العربي الأجهزة ولكن لا نمتلك المنفذين ولا الصبر اللازم". وتدعو صبح الى مشاركة فنانين وفنانات من الصف الأول في أفلام الكارتون العربية، ما يساعدها على تحقيق النجاح والانتشار المفترضين أسوة بتوم هانكس مثلاً في JOY STORY. تحلم صبح حالياً بوضع مقاييس في العالم العربي لكيفية عمل برامج الأطفال، إعداداً وتقديماً وإنتاجاً. وأن تكون لدينا استراتيجية واضحة المعالم خلال 20 سنة مقبلة. على الصعيد الشخصي، عروب مخطوبة من زميل في الوسط الاعلامي، وينويان الزواج في الصيف، تقول: "الخطبة حدثت فجأة، حتى أن كل من يعرفني تعجب إذ أن ظروف العمل الاعلامي تتطلب تفرغاً وسفراً وتفهماً كاملاً من الطرف الآخر". ولأنها تعتنق مبدأ الاستراتيجيات الطويلة المدى، قررت صبح أن تربي ابناءها بنفسها، من دون الاستعانة بمربيات. وهي تؤمن كذلك أن دورها ليس فقط أمام الكاميرا، لذا فهي تنوي الاستمرار في الكتابة وابتداع الأفكار من وراء الكاميرا. وعروب صبح حصلت على الجائزة الثانية لأفضل دراما للأطفال عن مسلسل "الفانوس السحري" في مهرجان تونس عام 1997، وهو العام نفسه الذي حصل فيه برنامجها "أوقات الفرح" على الجائزة الذهبية في مهرجان الاذاعة والتلفزيون في القاهرة.