قدم وزير الطاقة والمعادن التركي جمهور آرسومر استقالته من منصبه بعد تعرضه لضغوط كبيرة داخلية وخارجية، اثر اتهامه بالتورط في قضايا فساد. إلا أن آرسومر، الذي صمد بعناد خلال الشهور الستة الماضية أمام الاتهامات والدعوات إلى استقالته، أكد في مؤتمر صحافي عقده لإعلان الاستقالة، أنه "مرتاح البال والضمير"، وأنه "جاء إلى هذا المنصب بإرادته وتركه بإرادته وقد يعود إليه بإرادته أيضاً". وخاض آرسومر طويلاً خلال مؤتمره في تفاصيل قانونية عن التهم الموجهة إليه، معتبراً أن "لا أساس قانونياً لهذه التهم"، وأكد أن مذكرة الادعاء سربت عمداً إلى الإعلام "على رغم أن ذلك جريمة يعاقب عليها القانون"، ملاحظاً أن المدعي العام لم يرفع قضية ضده بعد. وتوعد وسائل الإعلام بمقاضاتها لنشر وثائق سرية أكد أنها أثرت سلباً في القضية. من جانبه، اعلن رئيس الوزراء بولنت أجاويد رسمياً قبول استقالة آرسومر، وسط أنباء عن احتمال سعي مسعود يلماز، زعيم حزب الوطن الأم، الذي ينتمي إليه آرسومر، إلى تعيين الوزير نفسه في منصب وزاري آخر. وجاءت استقالة آرسومر بعد اجتماع طارئ عقده زعماء الائتلاف الحاكم، وأصر خلاله زعيم حزب الحركة القومية دولت باهشلي ورئيس الوزراء أجاويد على الاستقالة، وذلك من أجل اظهار جدية الحكومة في محاربة الفساد واستعادتها بعض الشعبية التي فقدتها اثر الأزمة الاقتصادية الأخيرة. فيما ركز محللون على أن الاستقالة جاءت بعد إعلان كمال درويش، وزير الاقتصاد، أن صندوق النقد والبنك الدوليين سيقدمان مساعدات لتركيا تبلغ 10 بلايين دولار، وأن ذلك سيتأكد بعد أسبوعين، مشدداً على استمرار الحكومة في الاصلاحات لنيل ثقة المؤسسات المالية المانحة. يذكر أن آرسومر وحزبه الوطن الأم ورئيسه يلماز يدعمون المصالح الروسية في تركيا، وأنه كان شخصياً وراء إقرار مشروع خط الاثير الأزرق الذي سينقل الغاز الروسي إلى تركيا، ما أثار غضب الأوساط السياسية التركية وكذلك واشنطن. ويرى البعض أن استقالة آرسومر قد تؤدي إلى كشف كثير من الملفات، وصولاً إلى المساءلة بشأن هذا المشروع وربما إلى إلغائه، ما قد يؤثر على خريطة القوى الاقتصادية في آسيا الوسطى، كما ترغب واشنطن، لذلك يبدو أن استقالة آرسومر لن تكون نهاية المطاف بالنسبة إلى المشاكل التي تواجهها الحكومة التركية وقد تشكل بداية لتصفية "اللوبي الروسي" في تركيا بفضل ضغوط صندوق النقد الدولي والإدارة الأميركية التي كانت طلبت علناً في السابق إقالة آرسومر، كأحد شروط إمداد تركيا بالمساعدات المالية.