أعلنت فوساكو شيغينوبو، مؤسسة "الجيش الأحمر" الياباني، في الجلسة الأولى لمحاكمتها أول من امس الاثنين، أنها "بريئة" من تهم الإرهاب خصوصاً عملية لاهاي. لكنها اعترفت بتزوير جوازات سفر. وبدأت المحاكمة وسط إهتمام اعلامي بالغ واجراءات أمنية شديدة في محكمة منطقة طوكيو، في حضور مي - ابنة فوساكو - التي جاءت من لبنان "لمساندة" والدتها وحصلت على الجنسية اليابانية. وتواجه شيغينوبو خمسة اتهامات بينها أنها الرأس المدبر لعملية إحتلال السفارة الفرنسية في لاهاي في أيلول سبتمبر 1974 وإحتجاز رهائن منهم السفير الفرنسي لدى هولندا. وطلب الخاطفون آنذاك تحرير عضو من "الجيش الإحمر" كان معتقلاً في فرنسا وحصلوا أيضاً على فدية 300 ألف دولار. ومن التهم ايضاً أن شيغينوبو إجتمعت في الصين وروسيا وغيرها منذ عام 1997 مع عناصر مطلوبين دولياً، أحدهم متهم باحتلال فندق جبلي في ناغانو اليابانية. وتأتي محاكمة شيغينوبو بعد تطورات مثيرة بدأت بتوقيفها المفاجئ في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، ثم إعلانها الأسبوع الماضي عن حل منظمة "الجيش الأحمر" في بيان رومانسي جاء فيه أن "وجود الجيش الأحمر ازدهر في الدول العربية التي تؤمن شعوبها بالكفاح المسلح لكنه فشل في اليابان حيث لا يؤمن أحد بهذا النوع من الكفاح. ولهذا أخطط لبدء كفاح جديد من اليابان مستند الى المبادئ الدولية القانونية التي تناسب هذه المرحلة وطالما بالإمكان تحقيق الديمقراطية الكاملة فإن اصلاح المجتمع سلمياً أمر ممكن. وبحل الجيش الأحمر سأواصل كفاحاً جديداً". ورغم هذه "التطمينات" فإن السلطات اليابانية تضاعف مساعيها لتوقيف أعضاء الجيش الأحمر المتوارين عن الأنظار وعددهم ستة. ويذكر التقرير السنوي للشرطة اليابانية أن من أولويات منظمة "الجيش الأحمر" "تأسيس قواعد جديدة وإعادة بناء نفسها إنطلاقاً من قاعدة دعم في أوساكا". وتعتبر الشرطة إعلان شيغينوبو الحالي بمثابة تحرك استراتيجي لتحسين صورة "الجيش الأحمر" وإظهاره منظمة سلمية لا تشكل خطراً على المجتمع الياباني. لذلك لا تزال الشرطة تتهمه بالإرهاب. لكن السلطات اليابانية لا تعتقد بأن شيغينوبو شاركت مباشرة في أي أعمال عنف والتحقيقات معها تسعى لمعرفة مدى شعبية هذا الجيش في أوساكا وكانساي خصوصاً المناطق الفقيرة، وفيما إذا كان الهاربون من المنظمة موجودين في اليابان. لهذا تواصل حملة تمشيط المراكز التي يقيم فيها اعضاء "الجيش الأحمر" أو مناصريهم. واستناداً الى تقارير يابانية فقد أعدت شيغينوبو "نهج حزب الشعب الثوري" المستند الى مبادئ الماركسية واللينينية وعقدت إجتماعات مع مؤيديها لتشكيله. ولهذا الهدف حاولت مع مجموعة سياسية اختراق الحزب الإشتراكي الديموقراطي الياباني ومنظمة مدنية في أوساكا تسمى "آمال القرن الواحد والعشرين". وقد أوقفت الشرطة بعض أعضاء المنظمة المذكورة بتهمة التعاون مع شيغينوبو. ويذكر أن الشرطة أوقفت شيغينوبو في أوساكا في 8 تشرين الثاني الماضي متنكرة بزي رجل عندما خرجت من الفندق الذي كانت تقيم فيه مع إثنين من مؤيديها أوقفا لاحقاً. وكشفت التحقيقات أنها نجت بأعجوبة عندما دهمت السلطات اللبنانية أعضاء "الجيش الأحمر" الخمسة وبينهم كوزو أوكاموتو في بيروت عام 1997 حين فرّت إلى سورية قبل ساعات منذ ذلك. وحسب تحقيقات الشرطة فإن شيغينوبو سافرت بشكل متكرر بين اليابانوالصين منذ عام 1997 بأوراق وجوازات مزورة من أوساكا، وأن السلطات الصينية أعربت عن إستعدادها للتعاون مع اليابان. في هذا السياق نقلت مجلة "فورسايت" عن مصدر ديبلوماسي في اليابان أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية كانت أول من كشف لليابانيين إختباء شيغينوبو في بكين. ويبدو أن "الجيش الأحمر" يشهد إغلاق الستار الأخير على تاريخه خصوصاً أن مؤسسته شيغونوبو تعاني من نقص في الأعضاء والتمويلات المالية لتلبية طموحاتها السياسية والإجتماعية والثورية. وقال أحد الخبراء بأن عملية سلام الشرق الأوسط دفعت أعضاء "الجيش الأحمر" إلى "الخروج من جحورهم في سورية ولبنان وبقية الدول العربية التي تنصلت منهم لئلا توسم بالإرهاب". وحاول بعض عناصر المنظمة ايجاد مناطق بديلة في افريقيا وأميركا الحنوبية لكنهم فشلوا بسبب تعاون تلك الدول مع المساعي الدولية لتوقيف أعضاء "الإرهابيين الدوليين".