كشفت مصادر لبنانية مطلعة ل "الحياة" أن صفقة مثلثة الأطراف، أدت الى تسلم طوكيو عبر الأردن، أربعة من اليابانيين الخمسة أعضاء "الجيش الأحمر" الياباني، الذين كانوا أمضوا عقوبة بالسجن ثلاث سنوات في لبنان انتهت في 8 من آذار مارس الجاري. راجع ص4 وقالت المصادر التي اطلعت على جانب من المفاوضات التي سبقت عملية الإبعاد، ان أطراف الصفقة لبنانواليابانوالأردن، الذي أبعد إليه ماساو أداتشي وكاسيو توهيرا وهارو واكو وماريكو ياماموتو، ونقل هؤلاء إلى طائرة تابعة لشركة "ايروفلوت" الروسية أقلتهم الى العاصمة اليابانية التي وصلوا إليها أمس. وجاءت الصفقة تتويجاً لاتصالات مكثفة تولتها طوكيو، أدت الى موافقة لبنان على إبعاد الأربعة الى الأردن واستثناء الخامس، كوزو أوكاموتو، لأنه الوحيد بينهم الذي "شارك في عمليات مقاومة ضد إسرائيل فعلياً". ونفى مصدر رسمي لبناني وجود صفقة "لأن الأمر يفترض منفعة للبنان لا وجود لها"، في حين قالت المصادر المطلعة على المفاوضات التي جرت، أن السفير الياباني في بيروت عرض في إحدى مراحل الاتصالات مساعدات يابانية للبنان، تشمل هبة بملايين الدولارات، واستقبال الرئيس إميل لحود في اليابان لتعزيز العلاقات. لكن الجانب اللبناني الذي مثله المدير العام للأمن العام اللواء الركن جميل السيد، أكد أن على طوكيو أن تتفهم ظروفه ورفضه إبعاد أوكاموتو، نظراً الى حملة التضامن الواسعة مع الأخير كمناضل ضد إسرائيل. وأصر السفير ماساهيرو هيروغوتشي على تسلم أوكاموتو. وأدى السجال الى عدم البحث كثيراً في عرض المساعدات اليابانية، لكن المصادر أوضحت أن هذا لا يلغي أن العرض ما زال قائماً، إذ إن المفاوضات رسمت سيناريوات لأدوار كل من الدول المعنية بعملية الإبعاد، ثم التسليم، تفترض أثماناً معينة في المقابل. أما من الجانب الأردني فقالت المصادر التي اطلعت على المفاوضات، أن عمان قبلت باستقبال اليابانيين المبعدين الذين اعتبر لبنان أن بقاءهم على أرضه يضر بعلاقته بطوكيو والغرب، وأن السفارة الأردنية في بيروت منحتهم تأشيرات لمدة شهرين، على وثيقة سفر موقتة من دون تأشيرة عودة صادرة عن الأمن العام اللبناني. وقال مصدر لبناني ل"الحياة" إن نفي وزير الاعلام الأردني علم بلاده بابعاد الأربعة اليه غير مطابق للواقع اطلاقاً "فهم على علم بأنهم آتون إلى عمان، والدليل تأشيرة الدخول التي منحوهم اياها من السفارة في بيروت". وأوضحت المصادر أن للأردن مصالح مع طوكيو، منها جدولة ديون مستحقة عليه لتسديدها، فضلاً عن البت طلبات للحصول على قروض جديدة. ونفت المصادر ذاتها ومصادر أخرى رسمية صحة ما صدر عن مسؤولين أردنيين من أنهم فوجئوا بوجود اليابانيين الأربعة على الرحلة العادية لشركة "طيران الشرق الأوسط" أول من أمس. واتفقت المصادر على تأكيد معرفة عمان بالأمر بدليل تسلمهم من قبل أجهزة الأمن الأردنية بعدما رافقتهم بعثة أمنية لبنانية. وقال مصدر لبناني رفيع المستوى ل"الحياة" إن إبعاد اليابانيين الأربعة "تم وفقاً لسيناريو، يمكن أن يقال عنه انه يرضي الجميع، وفي الوقت نفسه يسبب استياء الجميع" في اشارة الى اليابان لأنها لم تسترجع أوكاموتو، والى اللبنانيين المتعاطفين مع عناصر "الجيش الأحمر" لأن لبنان وافق على إبعاد رفاقه. وينتظر أن يخرج أوكاموتو من السجن غداً ليحصل على بطاقة لجوء سياسي تصدر عن الأمن العام اللبناني، وتحدد شروط الإقامة في لبنان وحيزها الجغرافي. وعلمت "الحياة" أن لبنان كان نصح الجانب الياباني بعدم إقحام سورية في الاتصالات التمهيدية للاتفاق على معالجة القضية التي كانت جمدت عام 1997 بسجن اليابانيين الخمسة، بعدما لاحقتهم السلطات اليابانية بالتنسيق مع أجهزة لبنانية. لكن الجانب اللبناني أطلع الجانب السوري على ما يدور من اتصالات، فاكتفت دمشق بالنصح بمعالجة الأمر وفقاً للمصلحة اللبنانية. وفي عمان اكدت مصادر موثوق بها ان عناصر "الجيش الاحمر" الاربعة غادروا مطار العاصمة الاردنية اول من امس على متن طائرة تابعة لشركة "ايروفلوت" نقلتهم الى روسيا ثم الى طوكيو حيث سلّموا الى السلطات اليابانية. وفيما نفى مسؤولون اردنيون ان تكون السفارة الاردنية في بيروت ابدت استعداد عمان لاستضافة الاربعة، قالت المصادر ان ديبلوماسيين من السفارة اليابانية في عمان اشرفوا على نقلهم الى الطائرة الروسية التي توجهت الى موسكو. وترددت معلومات غير اكيدة تفيد ان طاقماً امنياً لم تحدد هويته رافق اليابانيين في رحلة ابعادهم الى طوكيو عن طريق الاردن، كما لم تتأكد معلومات اشارت الى ان عناصر "الجيش الاحمر" المبعدين - ثلاثة رجال وامرأة - كانوا مقيدين لدى نقلهم الى الطائرة التي اقلتهم. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن الناطق باسم الخارجية اليابانية امس ان طوكيو قررت بعد الاتصال بالاردن استئجار طائرة تابعة لشركة "ايروفلوت" كانت متوفرة لنقلهم الى اليابان. ونفى مسؤول اردني ان تكون السلطات في بلاده تعاونت مع السلطات اللبنانيةواليابانية لتسليم الاربعة الى اليابان لمحاكمتهم هناك، واكد انهم غادروا "بمحض ارادتهم" مطار عمان. وافاد بيان رسمي اردني ليل الجمعة ان الاردن رفض دخولهم الى اراضيه وغادروا "الى جهة غير معلومة". واوقفت الشرطة اليابانية الاربعة فور وصولهم الى مطار ناريتا في طوكيو امس. ولم يتمكن حوالي مئة صحافي تجمعوا لتغطية الحدث من مشاهدة المبعدين عند المخرج المخصص للركاب. واشاد رئيس الوزراء كيزو اوبوشي بتوقيف عناصر "الجيش الاحمر"، وقال: "من المهم ان يحاكموا وفق قوانين بلادنا. سيكون هذا سابقة تعني ان ليس للارهابيين مكان يمكنهم ان يعيشوا فيه بسلام". وأسف لمنح لبنان اوكاموتو لجوءاً سياسياً وأكد ان طوكيو ستواصل مساعيها "لتوقيف عناصر الجيش الاحمر الذين لا يزالون طليقين"، في حين شدد كوسوكي هوري رئيس لجنة السلامة العامة الوطنية، على ان الاربعة سيحاكمون، مشيراً الى ان اليابان لن تتخلى عن مطالبتها لبنان بتسليم اوكاموتو.