سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رئيس الحكومة يلتقي البابا وسودانو وتوران ويسمع انتقاداً لسياسة شارون . الفاتيكان يشدد على اهمية المصالحة في لبنان والحريري يتحدث عن الاعتدال والحاجة الى السوريين
أعلن الناطق باسم الفاتيكان أمس إثر استقبال البابا يوحنا بولس الثاني رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري، ان الكرسي الرسولي اعتبر "ان من المناسب التأكيد مرة جديدة أهمية المصالحة كعامل أساسي من أجل تجديد البناء البشري والاجتماعي في لبنان". وكان الحريري التقى البابا زهاء عشرين دقيقة أمس على رأس وفد لبناني رسمي ضم 12 وزيراً وأفراد عائلته تتقدمهم زوجته نازك الحريري وابنته هند وابنه بهاء. وأجرى محادثات مطوّلة مع رئيس وزراء الفاتيكان الكاردينال انجلو سودانو ووزير الخارجية المونسنيور جان لوي توران. وقال الناطق باسم الفاتيكان جواكين نافارو ان تعثر عملية السلام في الشرق الأوسط كان محور المحادثات التي اجراها الحريري مع البابا، اضافة الى الوضع في لبنان. وقال مصدر في الوفد اللبناني المرافق للحريري ان الحوار مع البابا لم يتطرق الى موضوع الوجود السوري في لبنان أو مسألة انتشار الجيش اللبناني في جنوبلبنان. بينما طرح الحريري مسألة احتلال اسرائيل المستمر للجولان والأراضي الفلسطينية، اضافة الى جزء من أراضي لبنان واعتداءاتها المتواصلة عليه وآخرها العدوان على محطة الرادار السورية في ضهر البيدر. ووصف الحريري هذه الغارة بأنها "تطور خطير يهدد الاستقرار في المنطقة". ولفت رئيس الحكومة البابا الى "خطورة قرار الحكومة الاسرائيلية استخدام سياسة القوة والى أن استمرار احتلالها مزارع شبعا يهدد بمزيد من التصعيد". وأضاف المصدر اللبناني: "سأل البابا الحريري عن نصيحته في شأن الخطاب الذي يمكن اعتماده خلال زيارته سورية، فشدد الحريري على أهمية ان يضع البابا بصفته رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم نفوذه المعنوي للدعوة الى احترام القانون والشرعية الدوليين وقرارات الأممالمتحدة وحقوق الانسان". وسأل البابا الحريري عن العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في لبنان، فأجابه: "ان النقاط المشتركة بينهم كثيرة ونحن نعمل على زيادتها وتقويتها، أما نقاط الخلاف فقليلة ونعمل على تذليلها بالحوار". وأضاف المصدر المرافق للحريري ان لقاءه الكاردينال سودانو والوزير توران بدأ بسؤال عن السكان المسيحيين في الشريط الحدودي المحرر، فأجابهما الحريري: "إن المتعاملين منهم مع اسرائيل والذين لم يفروا مع اندحار الاحتلال نالوا عقوبات من القضاء اللبناني ترأف بأوضاعهم شأنهم شأن العملاء السابقين من المسلمين وعددهم أكثر". وكان سؤال آخر عن توطين الفلسطينيين، فأكد الحريري "ان هناك إجماعاً بين اللبنانيين على استحالة حصوله وان الدستور ينص على ذلك". وسئل الحريري عما يتردد عن امكان توزيع بعض الفلسطينيين على عدد من الدول العربية، فأبدى تخوفاً من هذا الطرح "لأننا اذا دخلنا في بحث من هذا النوع قد يقولون لنا: خذوا حصة منهم". وأشار مسؤولو الفاتيكان في هذا السياق الى ان تركيبة لبنان حساسة بالنسبة الى التوطين. وأوضح المصدر اللبناني ان الحريري سئل في الفاتيكان عن عدد سكان لبنان، فأجاب: "3.5 مليون نسمة تقريباً". وسئل عن الهجرة، فأشار الى "اننا جادون في تحسين الوضع الاقتصادي للحد منها، لكن موجة التشاؤم في الخطاب السياسي تشجع عليها. لذلك فان الاعتدال والايجابية يؤديان دوراً يخفف من التشنج الذي يولد وضعاً يدفع الناس الى الهجرة، وأنا التقيت البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير قبل يومين السبت وشجعته على أداء دور في هذا المجال في التخفيف من التشنج، وهو له خطاب معتدل وجيد". وتطرق الحديث الى العلاقة اللبنانية السورية، فأكد الحريري "ان البلدين شقيقان يفترض ان يتعاونا في كل المجالات، وفي وقت ندعو الى علاقات مميزة وجيدة مع سورية، لا يجوز ان تتم الحملة على سورية. فكيف نوفق بين الأمرين؟". وأشار الى ان "الحملة بدأت على الوجود السوري بعد 63 يوماً من تسلم الرئيس بشار الأسد مقاليد الحكم، في وقت لا يريد الا علاقة انفتاح وإيجابية مع لبنان بجميع أفرقائه". وأضاف: "انتقل الحديث الى الوضع الفلسطيني الاسرائيلي. وعندما شعر الحريري أن هناك تحميلاً لمسؤولية التصعيد الى آرييل شارون، ولم يمض شهران على تسلمه السلطة، دعا محاوريه الى إخراج هذه الانتقادات من الغرف المغلقة الى العلن وإحراج شارون لردعه عن تطرفه". وأكد رئيس الحكومة ان "الكلام نفسه يردده القادة العرب على اختلاف انظمتهم وإيديولوجياتهم، عن تطرف شارون ومسؤوليته في تهديد الاستقرار في المنطقة". ونبه من "مغبة السكوت عن ضرب شارون عرض الحائط بالشرعية الدولية واستبدال شريعة الغاب بها". وكشف المصدر ان موضوع زيارة صفير لدمشق لم يتم التطرق اليه في لقاء الحريري والبابا، لكنه بحث مع سودانو وتوران اللذين أبلغاه ان صفير سيزور الفاتيكان قبل توجه البابا الى سورية بعد أقل من أسبوعين. وأبلغهما الحريري انه نصح صفير بمرافقة البابا في زيارته هذه، وشعر منهما ان هذا هو تمني الفاتيكان أيضاً. وأكد سودانو للحريري ان علاقة الفاتيكان بسورية ممتازة وانهما لا يشعران ان للكنيسة الكاثوليكية ان تعلق على العلاقة بين الدولتين السورية واللبنانية. وكرر الحريري على مسمعهما تمنيه على ان تشمل رسالة البابا من دمشق ضرورة احترام القانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة والشرعية الدولية وحقوق الانسان في فلسطين، فأجابه ان هذا ما تدعو اليه مبادئ الديانة المسيحية. وأبلغ عدد من الوزراء المسيحيين المرافقين للحريري مسؤولي الفاتيكان ان مجيء صفير الى هنا قبل زيارة البابا دمشق ربما كان مخرجاً يساعد على ذهاب البطريرك اليها، متمنين ان يتم ذلك كمحطة مهمة تساعد على تقدم الحوار المسيحي السوري وقد تساعد على تحقيق انفراج سياسي. وكان الحريري التقى صباحاً في روما ممثلي شركات ايطالية عدة عاملة في لبنان هي "انسالدو" للمنشآت والمولدات الكهربائية والصيانة، وشركة "أوبيريه بويليكيه" التي أبدت اهتماماً بمشاريع خصخصة قطاع المياه، وشركة "توتو" التي تنفذ جسراً ضخماً على طريق صوفر المديرج، اي طريق دمشق الدولي. وأعرب ممثلوها عن اهتمامهم بنية الحكومة ايجاد شريك استراتيجي في شركة طيران الشرق الأوسط. ودار البحث معها على بدء تشغيل خط سير على الجسر بدءاًَ من حزيران يونيو المقبل. كذلك التقى ممثلين عن شركة "إينيل" التي قال رئيس مجلس ادارتها فرانكو تاتو انه يدرس توجه الحكومة اللبنانية نحو ايجاد شريك استراتيجي لشركة كهرباء لبنان ورغبة الحكومة في توسيع انتاج الكهرباء. واستفهم عن مشاريع تخصيص قطاع الاتصالات. وكان الحريري اكد في حديث الى تلفزيون الفاتيكان ان المسيحيين في لبنان "يؤدون دوراً مهماً جداً على الصعد الثقافي والاقتصادي والسياسي، وهم يشاركون في الحياة السياسية، واللبنانيون متفقون على العيش معاً وعندنا نوع من الزواج الكاثوليكي". وعن مطالبة البطريرك صفير بانسحاب الجيش السوري، قال: "الحكومة اللبنانية تنتهج سياسة مناقضة لموقف البطريرك، ولسنا على اتفاق على هذه النقطة، والتقيته قبل يومين وشرحت له كما شرح له رئيس الجمهورية ان المصلحة الوطنية تتطلب بقاء الجيش السوري لأسباب عدة، فالاسرائيليون انسحبوا من معظم الأراضي اللبنانية، لكنهم أبقوا جزءاً من الأرض محتلاً في مزارع شبعا التي هي أرض لبنانية واللبنانيون يريدون استعادتها حالما ينسحب الاسرائيليون منها". وأضاف: "السوريون ساعدونا على المحافظة على تثبيت وحدة البلد بعد اتفاق الطائف لاقامة الدولة والبطريرك صفير لا يزال موافقاً على الطائف والاتفاق لا يقول ان على السوريين ان يغادروا اليوم. الموضوع يحتاج الى نقاش، ولا يحق لأحد ان يقرر في هذا الموضوع سوى الدولة وهي التي تطلب من الجيش السوري البقاء أم لا... والسوريون يساعدوننا على مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية". وفي حديث الى اذاعة الفاتيكان، اوضح الحريري ان جولته الخارجية هدفها الحصول على المزيد من الدعم للبنان في مواجهة التحديات السياسية والاقليمية والاقتصادية. وقال: "ان الولاياتالمتحدة الاميركية مع الادارة الجديدة ما زالت تدرس خياراتها حيال قضية الشرق الأوسط وكل ادارة جديدة تحتاج الى نحو خمسة اشهر للبدء بالتحرك".