بدت ليبيا، أمس، على وشك «حسم» عسكري ضد المعاقل المتبقية على ولائها للعقيد الفار معمر القذافي، يتزامن مع «حسم» سياسي على جبهة تشكيل حكومة انتقالية تأخرت بفعل «اختلافات» في صفوف ثوار المجلس الوطني الانتقالي. فعلى الصعيد العسكري، سُجّلت حركة نزوح لمئات العائلات من مدينة سرت التي يحاول الثوار اقتحامها منذ أسابيع في وجه مقاومة شرسة من قوات القذافي التي يتحدر من هذه المدينة الساحلية (وسط ليبيا) والتي كان يعتبرها بمثابة عاصمة ثانية لليبيا بعد طرابلس. وقال مسؤولون في الثوار الذين يحاولون التقدم نحو سرت من أكثر من جبهة، إنهم يسهّلون نزوح الأهالي على رغم إطلاق النار عليهم من قوات القذافي لإرغامهم على البقاء فيها. وأوضحوا أنهم يسعون، في الوقت نفسه، إلى «تجويع» مقاتلي القذافي المتحصنين فيها، والذين يقودهم العقيد الفار نفسه أو نجله المعتصم، بحسب تقارير مختلفة من الصعب تأكيدها. وتواجه سرت نقصاً حاداً في الأغذية والأدوية والمحروقات، كما أنها بلا كهرباء وتعاني نقصاً في المياه. أما على جبهة بني وليد، جنوب شرقي طرابلس، فسُجّلت مناوشات بين الثوار ومقاتلي النظام السابق. وكان من المفترض أن يُعقد أمس اجتماع لقادة الثوار بهدف الخروج بقيادة موحدة تتولى الإشراف على اقتحام بني وليد بعد محاولات عدة فاشلة في الأيام الماضية تميّزت بفوضى عارمة وقلة التنسيق بين وحدات الثوار وشكاوى من خيانات في صفوفهم. ويُعتقد بأن سيف الإسلام القذافي، نجل العقيد الفار، يحتمي في بني وليد لدى مناصرين لوالده من قبيلة الورفلة. أما في الجنوب الليبي، فقد أفيد بأن الثوار الذين بسطوا سيطرتهم على مدينة سبها، معقل قبيلة القذاذفة، حصلوا على معلومات من أحد القادة الأمنيين في نظام القذافي مفادها بأن الأخير كان حتى أيام قليلة مضت يتنقل في الجنوب بين سبها وغات قرب الحدود مع الجزائر ويؤمن له الحماية مناصروه من الطوارق. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن القائد الأمني الذي أسره الثوار إن القذافي ما زالت لديه آمال بالعودة إلى حكم ليبيا. في غضون ذلك، قال عبدالحفيظ غوقة نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي إن الحكومة الانتقالية ستعلن في غضون أيام، وستشمل 22 حقيبة وزارية. ونسبت وكالة «رويترز» الى غوقة قوله في بنغازي إن المجلس اتفق على عدد من الوزارات واتفق على من سيشغل الوزارات الأكثر أهمية، وأن الحكومة ستكون «حكومة أزمة». وفي باريس، أعلنت المجموعة الفرنسية العملاقة «توتال» انها ستستأنف «نهاية هذا الأسبوع» انتاج النفط من منصة قبالة سواحل ليبيا الأمر الذي سيجعلها الشركة الأجنبية الأولى لاستئناف انتاج النفط الليبي منذ سقوط نظام القذافي. وأعلن ناطق باسم المجموعة الفرنسية لوكالة «فرانس برس»: «سنستأنف الانتاج من (منصة) الجرف في نهاية هذا الأسبوع». ومنصة الجرف (غرب) التي لم تلحق بها اضرار، متوقفة عن العمل منذ آذار (مارس) بسبب الانتفاضة ضد نظام القذافي، وتديرها شركة مبروك أويل الليبية. وتملك شركة النفط الوطنية الليبية نسبة 50 في المئة منها وتوتال 37,5 في المئة في حين تملك الشركة الألمانية فنترشال نسبة 12,5 في المئة.