غداة اختتام مؤتمر «أصدقاء ليبيا» في باريس، مساء الخميس، أعلن الثوار الليبيون تمسكهم بخريطة الطريق التي أعلنوها قبل أن يصبحوا الحكومة الشرعية المعترف بها في البلاد والتي تنص على قيام مؤسسات منتخبة في شكل ديموقراطي خلال مهلة قد لا تستغرق سوى ثمانية شهور. لكن الغموض استمر في شأن موعد بدء المرحلة الانتقالية التي ستسبق الانتخابات التي لم تعرفها ليبيا في ظل حكم القذافي الذي دام 42 عاماً. إذ يقول مسؤولو المجلس الوطني الانتقالي إنها تبدأ مع «سقوط» نظام القذافي الذي سيحصل بعد اعتقاله أو قتله. ويقولون إنه يظل يشكّل تهديداً ما دام متوارياً، علماً أن المجلس الانتقالي لم ينتقل بعد من مقره في بنغازي إلى العاصمة طرابلس. وكان واضحاً أمس أن الثوار يسعون، في موازاة تركيزهم على تحديد مكان القذافي، إلى تثبيت أقدامهم في طرابلس، إذ أمروا المقاتلين الذين جاؤوا من خارجها بمغادرتها «بعدما صارت آمنة». وهي خطوة تم تفسيرها بأنها تهدف إلى تلافي إثارة حساسيات السكان بسبب الانتشار المسلح الواسع لمقاتلين ليسوا من أبناء العاصمة.. وربما كان طلب إخلاء المسلحين من خارج طرابلس مرتبطاً أيضاً بمخاوف من أن يستغل القذافي هذا الأمر ليحرّض مناصريه على شن هجمات على المقاتلين من خارج العاصمة. وتتردد إشاعات عن هجمات متفرقة وقعت ضد الثوار الذين نفوا ذلك وأكدوا أن الأمن مستقر فيها. وهم أقروا قبل يومين بمقتل أربعة منهم بانفجار في سيارتهم وقع «خطأ»، لكن مناصرين للقذافي قالوا إنه كان نتيجة هجوم ل «المقاومة». وحض القذافي وابنه سيف الإسلام في كلمات صوتية بُثت قبل يومين على شن هجمات ضد الثوار. واستمر الثوار في نقل آلاف المقاتلين والدبابات والعربات المسلحة، أمس، نحو جبهة سرت مسقط رأس القذافي والتي رفض مناصروه فيها الاستسلام. ومددت قيادة الثوار أسبوعاً المهلة التي كانت ممنوحة لهم والتي تنتهي اليوم السبت. وإضافة إلى سرت، ما زال مناصرو القذافي يتحصنون في سبها، كبرى حواضر الجنوب الليبي، وفي بني وليد جنوب شرقي طرابلس. ويُعتقد بأن القذافي واثنين على الأقل من أبنائه يختبئون لدى مناصرين لهم من قبيلة الورفلة في بني وليد، في حين يختبئ عديل القذافي ومدير استخباراته عبدالله السنوسي لدى أفراد قبيلته المقارحة في سبها. في موازة ذلك، شدد القائد العسكري لثوار طرابلس عبدالحكيم بلحاج، وهو زعيم سابق ل»الجماعة الإسلامية المقاتلة»، على أن ليبيا الجديدة لن تصبح مصدراً للإرهاب. وأقر بأنه اعتُقل في ماليزيا العام 2004 ثم أرسل إلى سجن سري في تايلاندا حيث قال أنه تعرّض للتعذيب على ايدي عملاء وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) قبل أن يُسلّم إلى طرابلس. وقال بلحاج أمس إنه لا يحمل ضغينة ضد الغرب، مشيراً إلى «هدف مشترك» يتمثل في إطاحة القذافي. وأوضح أنه رفض الالتحاق ب «القاعدة» لأنه اختلف مع أيديولوجيتها في شأن «الجهاد العالمي». وقال: «لم ندعم أبداً ولن ندعم ما يسمونه إرهاباً». وزاد: «ندعو ونأمل بدولة مدنية يحكمها القانون».