يسود تفاؤل مشوب بالحذر مدينة صفاقس عشية انطلاق بطولة النخبة العربية على كأس الأمير فيصل بن فهد التي ستجمع مربع الذهب العربي الصفاقسيالتونسي والنصر والهلال السعوديين والجيش السوري. وعادت أغنية "عوّدوني" للمطرب المصري عمرو دياب، وتصدرت لائحة الأشرطة الأكثر مبيعاً في صفاقس وتحيي امسيات داراتها وتزغرد في سماء شوارعها ودكاكينها. واذا ما اضيف الى "عودوني" كلمات "تبارك الله" و"اس. اه . اس" صارت النشيد الرسمي للصفاقسية وسمفونية الأبطال وعنوان التتويج بالذهب خارجياً من كأس الاتحاد الافريقي عام 1996 الى بطولة العرب في اغسطس من العام 2000. وقبل مغادرته تونس، عاش النادي الصفاقسي احداثاً مثيرة في مباراته امام الاتحاد المنستيري لحساب الدوري المحلي، فقد كان الصفاقسي خاسراً الى فترات متقدمة من المباراة لكن عزيمة ابنائه والعودة القوية للابن المدلل اسكندر السويح قلبت الهزيمة الى انتصار ب3 أهداف لهدفين. وهذا الانتصار، واذا كان الفوز رفع "الصفاقسية" الى المرتبة الثالثة في الدوري، فانه مثل ايضاً أفصح سيناريو لمجريات البطولة العربية. والصفاقسي، وعلى رغم امتلاكه لأفضل زاد بشري من لاعبين محليين وأجانب، فإن مسيرته في الدوري تميزت بعدم الاستقرار وتلقيه هزائم لم تكن منتظرة ولا أحد يفهم سرها. ويذهب بعض المراقبين الى ان هذا العجز الصفاقسي يعود الى غياب خطاب التواصل بين المدرب اليوغوسلافي ياشا وأبرز اللاعبين والمؤثرين منهم خصوصاً. في حين يرى البعض الآخر ان رئاسة النادي، وعلى رغم امكانياتها الاقتصادية والمالية الضخمة، عاجزة عن أن تكون في مستوى تحديات المرحلة الاحترافية... وتدفع هذه الأخيرة بهذه الاتهامات وتعلق "هزائمها" على شماعة التحكيم أساساً. وفي الحقيقة فإن الصفاقسي يشكو من عقد ثلاث أولها ذات طابع تونسي عام، فالسيطرة الترجية المطلقة على أقدار الدوري وتتويجه بطلاً للمرة الرابعة على التوالي أفقد الأندية التونسية القدرة على المنافسة بل وأفقدها ثقتها في ذواتها على المستوى المحلي، فكيف على درب المنافسات الإقليمية والقارية. أما العقدة الصفاقسية الثانية، فتكمن في ان هذه المدرسة الكروية العريقة التي اُسست عام 1928 لم تتمكن من تجاوز لعبها الممتع القائم على اللعب المفتوح وإسعاد الجماهير بالفرجة من خلال الساحر حمادي العقربي سابقاً واسكندر السويح حالياً من ان تؤمن بأولوية النتائج والانتصارات في زمن الاحتراف. أما المعضلة الثالثة فتتمثل في ان الجمهور الصفاقسي لم يتحمل ان يكون فريقهم من دون نجم مدلل يزحفون الى المدرجات من اجل مشاهدته... ففي عقد السبعينات كانت صفاقس لا تنام مرتاحة إلا اذا اطمأنت على ابنها حمادي العقربي، وأعيد السيناريو نفسه في التسعينات مع اسكندر السويح. وبغياب النجم يتراجع أداء النادي وتهجر الجماهير المدرجات. ويبدو ان السويح يدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه في هذه البطولة العربية حيث تمثل له الفرصة الأخيرة لاستعادة ثقة الجماهير، فضلاً عن مكانه في منتخب تونس. وإذ مثل السويح والشاب هشام بن خالد الدينامو والعقل المدبر في تتويج آب اغسطس 2000، فإن الكونغولي العائد جونتزا، والليبي الترهوني، وخبرة الحارس ماهر البدوي، والمدافع رشيد بوعزيز، وايضاً الطموحات الشابة المتمثلة في احمد الحامي ووسام مقطوف... هي نقاط قوة الصفاقسية في كأس النخبة العربية. فهل تستمر "عودوني" في مرتبتها الأولى في سباق الأغاني في مدينة الزيتون؟ تلك هي المسافة بين الحلم والواقع.