تعادل الصفاقسي مع الملعب 3 - 3 في أولى مبارياتهما ضمن الدوري التونسي الجديد. لكن هذا التعادل جاء في حجم الانتصار ومقدمة لتغيرات ايجابية في نادي عاصمة الزيتون، بعدما كانت تعصف به الأزمات في الموسم الماضي، والذي شهد بداية جيدة له تمثلت بتحقيقه لقب دورة الصداقة في مدينة أبها السعودية. لكن هذا الانتصار حجب معوقات كثيرة هددت سمعة الصفاقسي ودفعت نحو تساؤلات عدة محلية عن مستقبل أحد الأندية الكبيرة في تونس. ويستعد الصفاقسي حالياً للمشاركة في بطولة الأندية العربية على كأس الأمير فيصل بن فهد التي ستقام في جدة في بداية الأسبوع المقبل، ويرنو الصفاقسية للتتويج العربي بعدما اعتذر الشباب السعودي، أبرز منافس على اللقب، عن المشاركة. ومع ادراك الصفاقسي قوة الأندية الأخرى المشاركة وليس الكوكب المراكشي والمحرق البحريني والجيش السوري، فإنهم يعتقدون أن هذا اللقب لن يفلت منهم بعد "الثورة الهادئة" التي شهدها النادي في نهاية الموسم الماضي. وتعد مدينة صفاقس العاصمة الاقتصادية لتونس ومدينة المال والأعمال. ويعرف عن الصفاقسية حبهم وإتقانهم العمل وتحقيقهم أعلى النتائج في الامتحانات المدرسية والجامعية. ويعشق أهل المدينة أكل السمك وخصوصاً "المرقة" الصفاقسية وينفقون أموالاً طائلة في موسم الصيف والأعراس، وفي الشتاء، فإن جدول أعمالهم ينحصر في العمل صباحاً وأخبار النادي مساء في مجالسهم. تأسس النادي التونسي الذي عرف لاحقاً بالصفاقسي عام 1928. وفي رصيده بطولات وكؤوس محلية وكأس افريقية. والأهم من ذلك ان النادي يعد مدرسة واللعب المفتوح والأداء الممتع في تونس، وقاعدة لتخريج اللاعبين الدوليين وأبرزهم المدافع المختار ذويب ورأس الحربة محمد علي عقيد والساحران حمادي العقربي واسكندر السويح. ويرى بعض المراقبين ان المدينة لا يمكنها أن تنام جيداً إلا اذا قام سحرتها في هدوء في دلالة على تعلق الصفاقسية بنجومهم مهما بالغوا في الدلال، الذي يبلغ حد الاستهتار أحياناً. لذلك نفهم لماذا أعادت الجماهير الى ملعب "الطيب المهيري" بأعداد غفيرة في بداية الموسم الحالي، فكان يكفي أن يعاود اسكندر السويح ملامسة الكرة ويعود "الديناصورات" المدافع سامي الطرابلسي والمهاجم محمد صالح محمد علي مفتاح ليتصالح الجمهور مع الملاعب، وتعود البسمة للصفاقسية. ويعرف "المجتمع" الصفاقسي نوعاً من الانغلاق على الذات وحذره الشديد من "البراني" الغريب، لذلك يمكننا ان نفهم التجربة الفاشلة لغالبية اللاعبين الأجانب في النادي وخصوصاً الليبي طارق التايب والأردني بدران الشقران. ويبدو أن هذا الانغلاق على الخارج يدفع الصفاقسية في معادلة الصراع مع الآخر للتنافس والصراع في ما بينهم. لذلك كانت رئاسة النادي دوماً محل الصراع وانتقادات واسعة بين كبار مسؤوليه وخصوصاً من الجيل الجديد بعد المؤسسين "علولو" و"الزحاف". ومنذ رئاسة "بن عبدالله" ثم "العارم" وحالياً لطفي عبدالناظر فإن المسؤولية الأولى في النادي تشكل عبئاً لا يطاق وسط جماهير لا ترحم في غياب تحقيق الألقاب. وتمكن الرئيس الحالي في نهاية الموسم الماضي من اطفاء "فتنة" داخلية بتحييده بعض العناصر المناوئة لسياسته وتقريبه بعض الوجوه البارزة في المدينة. ولعل أهم اشكالية اعترضت عبدالناظر صاحب الامبراطورية الاقتصادية هي تحقيقه النقلة النوعية من رجل أعمال ناجح الى رئيس نادٍ يعشقه أكثر من مليون مواطن. هذه الجماهير التي لا تقدر ان موازنة النادي 5 ملايين دينار ومن مرافقه مجمع رياضي من أفضل طراز وفندق من فئة خمسة نجوم وتجد انها لا تساوي شيئاً في غياب الألقاب وإبعاد "المدلل" السويح. وبين صفاقس ويوغوسلافيا مسافات بعيدة، ولكن بين الصفاقسي والمدرسة اليوغوسلافية أكثر من قصة حب وأيام لا تنسى بالانتصارات والألقاب. فالمدرب الراحل كريستيك يعد الأب الشرعي، وجاء بعده بوبافيك وبوبوف وعرف معهم الصفاقسي أحلى الذكريات. ويبدو ان الحنين عاود الصفاقسية لليوغوسلاف فتعاقدوا مع "جيش" من المدربين للموسم الحالي، ميودراغ المدير الفني ومساعديه والمشرف علام "رادو". وأقام الصفاقسي معسكراً تحضيرياً في يوغوسلافيا، حيث وقع اتفاقية مع نادي بيرتبزان بلغراد لإعادة تعشيب ملعب المدينة وحمل معه في طريق عودته الى تونس رادونوفيتش وصيف الهدافين في الدوري اليوغوسلافي وبعودة الوئام والمصالحة لرئاسة النادي، وضم المالي تيمينا انداي ايضاً وتشكيلة مخضرمة من "الديناصورات" السويح والطرابلسي ومفتاح وجيل الشباب بن جديوية وزياد التريكي تحت راية المدرسة اليوغوسلافية يبدو أن الصفاقسي يتجه بجدية نحو آفاق الألقاب. فهل تكون مدينة جدة المحطة الأولى؟