شاعرنا المبدع محمد العلي، الذي كان ضمن نخبة من شعراء العالم العربي اختيروا للمشاركة في إحياء ربيع الشعراء في باريس بدعوة من المعهد العربي هناك، تساءل في مقالة قريبة وبمكر محبب مشيراً الى قصيدتي "حماقات نيسان": إن كانت المشاعر الربيعية الصاخبة التي ترسمها هي "حماقات" بأية لغة غير ما يمنحها لها الشاعر من معنى ذاتي؟ وأقول: فعلاً هي ليست حماقات الا حين يتغللنا تعنت الآخرين فيسلبنا حرية ان نكون انفسنا، الحماقات الطفولية اللذيذة البراءة التي نمارسها بعفوية وحرية في الطفولة ويسحب المجتمع منا إذن ممارستها علناً حالما يرسم الزمن تجاعيد العمر النضج... فنظل نحلم بها متحسرين. أجل يا أبا عادل: الحقيقة ان الحماقات هي رؤية الناس - الذين يحتفظون بخطاهم على الأرض ولا يستطيعون تخيل لذة امتلاك أجنحة من خيال -، لتشوقات الشاعر وتخيلاته. "نيسان أقسى الشهور، يلد الزهور من العدم!"... هكذا أكد تي أس إليوت. أي حماقة هي إذاً ألا نعيش حيوية الاحتفاء بالحياة ومباهج حوار الخزامى وزغب الطيور؟ تلك العفوية في الاحساس والتعبير هي ما يميز جوهر الشاعر: "... أعشعش فينا سكون المكان؟ الزمان؟ لماذا إذن... إذا ما تسلّل نيسان ما بين خط الغروب وخطو الشروق ووشوشة المطر المتمرِّد، خيطُ بخور تجلّى يخامرنا صحوة رائعة؟ سأفعل بعض الحماقات...! أنسى الذي حذّرتني تعاليم أمي وأسري بربكة نيسان - هذا المسرمد بين العصور... المبجّل بين الشهور المحمّل بالشوق للكون... هذا الغرور - أبحث عن سر ضحكته في الصدور لأعرف كيف انبثاق الوجود بنا في القصيد... النشيد... يعيد الخطى رقصات... يبيح الصدى خفقات يميد المدى سوسنا ويشرع جدراننا شرفات فتسكننا سفنٌ مشرعة؟ حنينٌ يباغتنا في العروق بيوم حسير وهمس دخان بخور ويعلن أن الزمان زمان الحماقات؟ تلك التي ما ارتكبنا! لتنصهر الأغنيات بمجمرة اللغة الباتعة...". سأفعل بعض الحماقات...! أبحث في زرقة البحر عن نبضتي... ونقشٍ لأجنحتي وأرسم اسمي على رمل نيسان يغسله الزبد المتلألئ من ضحكة القلب أنقش أسماء كل الطيور التي منحتني مدى الزوبعة...