اختتم وزير الخارجية الاميركي كولن باول جولته في منطقة البلقان التي استمرت يومين، بزيارة البوسنة أمس، قادماً من مقدونيا بعدما ألغى زيارته لاقليم كوسوفو الذي أكد لزعمائه المحليين خلال لقائه معهم في مقدونيا، استمرار دور بلاده الفاعل في المنطقة، على رغم رغبة ادارة الرئيس جورج بوش خفض الوحدات العسكرية الاميركية العاملة فيها ضمن القوات الدولية. والتقى باول صباح امس رئيس الادارة المدنية الدولية في كوسوفو هانز هاكيروب، وزعماء ألبان وصرب الاقليم، الذين جاؤوا الى العاصمة المقدونية للاجتماع معه. ونقل تلفزيون سكوبيا عن مصادر مطلعة، انه أكد لهم "حرص بلاده الدائم على استقرار منطقة البلقان". ودعا باول زعماء سكان كوسوفو الى نبذ العنف وادانة المجموعات المسلحة التي أثارت الاضطرابات في مقدونيا. وأشار الى "وجوب توفير التعاون المحلي الضروري لتسهيل مهمة الأممالمتحدة في اجراء الانتخابات الاشتراعية، بصورة ديموقراطية، في وقت لاحق من هذا العام". وأوضح باول معارضة الولاياتالمتحدة لأي تغيير في الحدود القائمة بين دول وأقاليم البلقان "على رغم مساعي بعض حركات التمرد المسلحة لفرض ذلك". واعتبر ان التعدد العرقي في كوسوفو ومناطق البلقان الأخرى "يمكن أن يصبح مصدراً للقوة بدل ان يكون سبباً للضعف والفرقة". وفسر المراقبون تأكيد باول رفض واشنطن لأي محاولة لتغيير الحدود الراهنة في البلقان، بأنها تعني "رفض تفكك مقدونيا أو استقلال كوسوفو وحتى انفصال الجبل الأسود عن يوغوسلافيا". وشدد باول في تصريحات صحافية قبل مغادرته سكوبيا أمس، انه على رغم معارضته لأي محاولة لتقسيم مقدونيا، فإنه يصر على "ضرورة احداث تغييرات لمنح الموظفين الألبان الذين يشكلون نحو رُبع تعداد السكان قدراً أكبر من الحقوق السياسية". ووجه الدعوة باسم بوش الى الرئيس المقدوني بوريس ترايكوفسكي لزيارة واشنطن مطلع أيار مايو المقبل، موضحاً دعم سكوبيا "سياسياً وعسكرياً ومالياً". وأثنى على "ضبط النفس الذي تحلت به السلطات المقدونية في تعاملها مع المتمردين الألبان". ومعلوم انه على رغم سحب الولاياتالمتحدة لبعض قطع المدرعات الثقيلة والمروحيات المقاتلة من منطقة البلقان، فإنها لا تزال تحتفظ بقوات في المنطقة قوامها 10 آلاف جندي 6 آلاف في كوسوفو و4 آلاف في البوسنة. وتراجعت الادارة الاميركية، بسبب التوترات الأخيرة في البلقان، عن سحب المزيد من قواتها في الوقت الحاضر، مشيرة الى أنها لن تقدم على اجراء فجائي في هذا الشأن، وانما ستكون خطواتها بالاتفاق مع الحلفاء الأوروبيين. وكان باول ألغى زيارته المقررة لكوسوفو صباح أمس. وذكرت السفارة الاميركية في سكوبيا ان سبب ذلك "يعود الى سوء الأحوال الجوية"، لكن المراقبين في المنطقة أشاروا الى أن الظروف الجوية لم تكن معرقلة الى الحد الذي يستدعي الغاء الزيارة، خصوصاً أن المسؤولين الدوليين وزعماء الألبان والصرب انتقلوا أمس من بريشتينا الى سكوبيا من دون عوائق. ورجح المراقبون ان السبب الرئيسي لإلغاء زيارة باول لكوسوفو يعود الى دواع أمنية، وذلك نتيجة استياء الألبان من تصريحاته في سكوبيا التي ندد فيها بحركاتهم المسلحة الأخيرة، وأكد معارضته للمساعي الألبانية الرامية لاستقلال اقليم كوسوفو. في البوسنة وغادر الوزير الرجية الاميركي باول بعد ظهر أمس الى البوسنة، في زيارة استغرقت ساعات عدة، تفقد خلالها الوحدات الأميركية العاملة ضمن القوات الدولية هناك، اضافة الى لقاء المسؤولين الدوليين المشرفين على المؤسسات التي انشئت بموجب اتفاق دايتون نهاية العام 1995. كما اجتمع مع الأعضاء الثلاثة في هيئة الرئاسة المشتركة رئاسة الجمهورية للبوسنة - الهرسك، وهم: رئيس الهيئة الصربي جيفكو راديشيتش وعضواها المسلم بريز بلكيتش والكرواتي - الذي عينه المسؤولون الدوليون أخيراً يوجو كريزانوفيتش. وحض زعماء الأعراق البوسنية الثلاث المسلمون والصرب والكروات على الالتزام بوحدة جمهورية البوسنة - الهرسك "في الشكل الذي نص عليه اتفاق دايتون". وحذر الكروات "من مغبة الاستمرار في محاولاتهم الانفصالية".