أكد وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف ان بلاده لن تنسحب من نظام العقوبات الدولية المفروضة على العراق، وقال انه يجب "ألا تبقى أوهام لدى أحد" في هذا الشأن، لكنه لم يستبعد ان تطالب موسكو بتفعيل المادة 50 من ميثاق الاممالمتحدة، وتطالب بتعويضات عن خسائرها البالغة 30 بليون دولار. في الوقت ذاته شدد ديبلوماسي روسي على ضرورة موافقة بغداد على "صيغة جديدة" لتنفيذ القرار 1284، واصفاً إياه بأنه "الأرضية الشرعية الوحيدة الممكنة". وتحدث مصدر فرنسي مطلع عن وجود قواسم مشتركة بين التقويمين الأميركي والفرنسي للوضع في العراق. لكنه أشار الى أن مساعد وزير الدفاع الأميركي بول ويلفويتز، أبلغ مسؤولين أوروبيين انه ينبغي التخلص من نظام الرئيس صدام حسين، في حين تعارض فرنسا مبدأ التدخل في هذه المسألة، سواء عبر دعم المعارضة العراقية أو عبر أي وسيلة أخرى. وقال مصدر فرنسي ل"الحياة" ان تنفيذ القرار 1284 هو "الحل الأمثل، لكن العراق يرفض ذلك ويلتف على العقوبات، مما يعني أنه ينبغي البحث عن سياسة جديدة لا تعتمد على قبول العراق القرار وعودة المفتشين، وفي الوقت ذاته تحسين الوضع الانساني" في هذا البلد. واستدرك ان المهم "تعديل قواعد اللعبة في نيويورك" بما يتيح تمرير كل العقود المدنية العراقية المجمدة من قبل الولاياتالمتحدة في لجنة العقوبات، والتي تبلغ نسبتها 95 في المئة من العقود الاجمالية، بذريعة ان تلك السلع قد تكون ذات استخدام مدني وعسكري. وتساءل عن سخافة مبدأ طلب موافقة اللجنة على هذه العقود، وقال: "لو أراد العراق استيراد سلع لاستخدامها في التسلح، هل يطلب من لجنة العقوبات ان تسمح له بذلك"؟ وزاد ان وزير الخارجية الأميركي كولن باول أبلغ الفرنسيين موافقته على تغيير "قواعد اللعبة" في نيويورك، مقر اللجنة. الى ذلك التقى ايفانوف امس اعضاء لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما البرلمان التي تضم عدداً من النواب المطالبين برفع العقوبات فوراً عن العراق. لكن ايفانوف نبه الى انه "تجب ألا تبقى لدى أحد أوهام في شأن تفكيك سريع لنظام العقوبات من دون قرارات". وأوضح ان العقوبات لا يمكن ان تلغى إلا بقرار من مجلس الأمن، لذلك على روسيا "أن تسعى الى ايجاد ظروف" لاستصدار مثل هذا القرار. وجاء كلام الوزير بعد يوم على لقائه نظيره الاميركي كولن باول في باريس، وهو الاجتماع الذي رأى مراقبون انه قد يؤدي الى إزالة "فتور" طرأ على العلاقات بين موسكو وواشنطن. ولم يستبعد ايفانوف مطالبة بلاده بتعويضات عن الخسائر التي لحقت بها بسبب مشاركتها في تطبيق نظام العقوبات. وسئل هل ستطالب روسيا بتفعيل المادة 50 من ميثاق الاممالمتحدة، فأجاب: "نحن لا نستبعد شيئاً". معروف ان بغداد كانت طالبت موسكو باعتماد هذه المادة التي تخول الى الدولة المتضررة من مشاركتها في عقوبات على دولة اخرى، اجراء مشاورات مع الاممالمتحدة للحصول على تعويضات. وذكر ايفانوف ان "هذا الموضوع يدرس" في اطار مجلس الأمن، مشيراً الى ان موسكو ستحدد موقفها في ضوء ما تقرره لجنة العقوبات. وكانت روسيا قدمت تقريراً الى المنظمة الدولية، قدرت فيه خسائرها بسبب العقوبات المفروضة على العراق بنحو 30 بليون دولار. واكد ايفانوف امس ان بلاده "تبذل اكثر من أي بلد آخر" جهوداً لرفع هذه العقوبات، مذكراً بمبادرتها التي دعت الى تعليق الحظر ثم إلغائه في مقابل استئناف العمل بنظام الرقابة الدائمة على البرامج العسكرية العراقية. وقال ل"الحياة" ديبلوماسي روسي على صلة بالملف العراقي ان القرار 1284 هو "الأرضية الشرعية الوحيدة الممكنة" للتحرك، واضاف ان على العراقيين قبول "صيغة جديدة لتنفيذه". وفي هذا السياق اشار ايفانوف الى ان قراراً لمجلس الأمن بإلغاء العقوبات هو هدف "لا يمكن تحقيقه الا عبر التعاون بين العراقوالاممالمتحدة".