لمس زوار البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله بطرس صفير لديه مرونة في عرض وجهة نظره من القضايا المطروحة. ونقلوا عنه انه ليس في عداد المطالبين بانسحاب القوات السورية من لبنان، وانما يرى ان هناك ضرورة لتطبيق اتفاق الطائف الذي نص على اعادة انتشار هذه القوات. ويتساءل صفير: "الا يحق لنا المطالبة باعادة انتشار الجيش السوري؟ وهل ثمة ما يمنع تراجعه الى مناطق جديدة عن مواقع يشغلها في الوقت الراهن؟". ولاحظ الزوار ان صفير يتجاوز في حديثه الوجود السوري الى الخلل الذي يعتري العلاقة بين البلدين من جراء ممارسات ومداخلات وسوء تطبيق الاتفاقات المعقودة بينهما. وقال بعضهم ان معالجة بعض الخلل ممكنة، مؤكدين له ان القيادة العسكرية السورية شرعت في التخفيف من انتشارها في عدد من المناطق خصوصاً في بيروت في ايار مايو الماضي، لكن افرقاء معينين حاولوا التعاطي مع تلك الخطوة كأنها تنم عن ضعف سوري، فراحوا يضغطون في اتجاه المطالبة بانسحاب كلي من لبنان. ولا يعترض البطريرك على الرأي القائل ان مسألة الوجود السوري تبحث على مستوى قيادتي البلدين، لما لديهما من معطيات واعتبارات، وانما في هدوء وليس تحت ضغط او تلويح بالاستقواء بالخارج. زيارة دمشق وبالنسبة الى توجه صفير الى دمشق اثناء زيارة البابا يوحنا بولس الثاني لها، اكد الزوار انه "يدرس الموقف بدقة، ويتهيب اي قرار قد يتخذه، ويستمع الى النصائح التي تدعوه الى تلبيتها ضمن الوفد البابوي". ونقلوا عنه قوله، في اطار انفتاحه على الذين يدعونه الى زيارة دمشق: "سبق لي ان زرت القاهرة يوم زارها البابا، وكدت ألبي الدعوة لزيارة اراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، لكنني اعتذرت لأن جولته كانت، تشمل ايضاً القدسالمحتلة". وأضاف صفير: "اني ادرس الاحتمالات المترتبة على اي قرار سأتخذه في هذا الشأن واتطلع الى النتائج التي ستسفر عنها الزيارة في ظل الاجواء السائدة في لبنان". وقال له زواره: "نأمل يا سيدنا ان تزينها من كل الجوانب وانت تتخذ القرار، لأن الزيارة بنتائجها تبقى افضل بكثير من عدمها، خصوصاً ان ثمة وجوداً مارونياً انت مسؤول عنه ومن حق رعيتك عليك ان تتفقد احوالها". فرد صفير: "انتم تعرفون الأجواء الراهنة". وقيل له: انت مرجع روحي وسياسي ويمكنك اتخاذ القرار الذي قد يكون في حاجة الى احداث صدمة سياسية، والناس عادة يتبعون المرجع ويتأثرون به، وعلى كل حال ليس هناك ضرر اذا قررت زيارة دمشق. والزيارة، وان كانت ذات طابع راعوي لن تبقى محصورة على ما نعتقد، به، وان لم توجه اليك دعوة رسمية". وأضاف الزوار "ان لبنان يتفاعل مع محيطه العربي وان بعض ما ورد في الارشاد الرسولي الذي صدر في ختام زيارة البابا للبنان، ركز على هذه الناحية. لذلك، اياً تكن الاجواء السياسية الراهنة، فإن المرجع يتخذ قراره، ولو اضطر الى دفع ثمن لن يكون له تأثير ما دامت النتائج ستكون طيبة". ويعتقد الزوار ان الفاتيكان يعلق اهمية على حضور صفير، لافتين الى الدعوة التي وجهها اليه شخصياً بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس لحام، ما يعكس الرغبة في حضوره، علماً ان الدعوات التي وجهت الى بطاركة آخرين، نقلها اليهم مطران الروم.