} انشغلت الأوساط السياسية والرسمية بمعالجة ردود الفعل على مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري وإعلانه بعد زيارة البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير ان القيادتين اللبنانية والسورية ستبحثان في تحديد مراكز تموضع القوات السورية في اطار خطة انتشار جديدة. وفسّرت أوساط قريبة من دمشق في بيروت ما أبلغه مصدر سوري رفيع المستوى الى "الحياة" امس ان لا تنسيق مع بري قبل لقائه صفير، وان لا موعد لتخفيف الانتشار السوري في لبنان بأن بري قد يكون استعجل القول إن القيادتين ستبحثان في الأمر، قبل ان تأخذ الاتصالات والمشاورات والحوارات الدائرة على صعد عدة مداها الزمني والسياسي. وفي المقابل اجريت اتصالات غير مباشرة بين بري والبطريرك صفير حين نقل زوار الأخير عنه قوله ان حديثه الى وكالة الصحافة الفرنسية السبت الماضي غداة لقائه رئيس المجلس الذي تحدث فيه عن الهيمنة السورية على القرار السياسي اللبناني، جاء مجتزأ، وانه لا يقصد منه افشال مبادرته. وفي المقابل أوضح زوار صفير له ان ابلاغ بري بعض الصحف، في دردشة معها، ان توزيع تصريحات صفير عن الهيمنة السورية "اطلاق نار" على مبادرته، لا يقصد بها صفير، بل جهات سعت الى التركيز على هذا الكلام المجتزأ، لافشال هذه المبادرة. ونقل زوار صفير عنه انه يقدر مبادرة بري وانه لن يقدم على أي موقف يضعف تلك المبادرة. وركزت الاتصالات على تهدئة البحث في الموضوع تمهيداً لاعطاء الاتصالات مداها وعدم حرق المراحل. تلقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية السوري فاروق الشرع "عرضا خلاله التطورات الراهنة"، على ما أفادت وكالة "سانا" السورية للأنباء، من دون إيراد تفاصيل اخرى. إلا أن مصادر نيابية لبنانية لمحت الى أن الشرع أوضح لبري أنه لم يكن يقصده بكلامه عندما تحدث عن حصر ملف الوجود السوري بالحكومتين اللبنانية والسورية، إنما قصد أطرافاً غير رسميين دأبوا على إثارة هذا الموضوع. وذكرت أن الشرع شدد لبري أن المقصود من كلامه "حماية دور المؤسسات الدستورية والمؤسسات بين البلدين، المولجة البحث في هذا الأمر، وكي لا يبدو الأمر تجاوزاً لها...". وألغى بري لقاء مقرراً مع مجلس نقابة محرري الصحافة، كان ينتظر أن يدلي خلاله بمواقف من التطورات. ثم التقى الوزير السابق ميشال سماحة الذي كان زار دمشق والتقى الرئيس السوري بشار الأسد. وقال سماحة عن مبادرة بري حيال بكركي "إن في الأمر حواراً حقيقياً في العمق وسيتابع"، واصفاً الأجواء بأنها إيجابية. صفير وسماحة وكان سماحة أوضح للبطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير، أنه لمس لدى الرئيس الأسد "كل النيات العملانية لتنقية العلاقات اللبنانية - السورية، والتزام مضمون اتفاق الطائف". وعن موقف الوزير الشرع قبل يومين، قال سماحة: "عندما يتحدث في هذه العلاقات، إنما في إطار النصوص القائمة وعلاقة الدولتين... وعندما يصل موضوع إعادة الانتشار الى مرحلة القرار والتنفيذ، يتم الموضوع فقط بين الدولتين، في وقت ثمة أطراف لبنانيون يتحاورون في ما بينهم، وفي وقت تحاور القيادة السورية أطرافاً لبنانيين في مضمون العلاقات اللبنانية - السورية ومنها إعادة الانتشار". وعن الأسس التي يعقد الرئيس الأسد وفقها لقاءاته مع الشخصيات اللبنانية وآخرها أمس النائب فريد الخازن، قال سماحة "أن هدفها الاجتماع والمناقشة للوصول الى معالجة ما هو مطروح، وجزء منه ما أثاره البطريرك صفير، ونتحدث أيضاً في تصحيح العلاقة، وربما وجد الرئيس الأسد مفيداً في هذه المرحلة، وانطلاقاً من الثوابت والاستراتيجيا السورية، إعادة النظر في طبيعة الوسائل وإزالة الشوائب لتصحيح العلاقة التي يقال عن حق إن ثمة شوائب اعترتها". واعتبر أن الحوار الدائر الآن "جدي وعميق ويفتح آفاقاً أكثر في الأمل، إذاً فلنتعامل معه في شكل جدي وعميق، ونحصّن القائمين به ومضامينه لأن القائمين به في مجملهم، لا يرقى إلى أحد منهم الشك، ابتداء من صاحب الغبطة الى الوزير السابق فؤاد بطرس الى الرئيس بري، إلي شخصياً والى الرئيس الهراوي أيضاً والرئيس الحسيني والوزير عبيد وتحديداً ما يقوم به من عمل وطني الوزير السابق بطرس، فلنحصن هذا العمل ونساعده". وأكد أن ما قاله الشرع لا يتناقض مع ما قاله بري "ولا الوزير الشرع رد على الرئيس بري، ولنكن دقيقين". وقال سماحة إن بري "حمّل نفسه مسؤولية المعالجة بالتنسيق مع القيادة السورية ويقوم بما يجب أن يقوم به، وهو مشكور عليه". شمعون واعتبر رئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون بعد لقائه صفير "أن هناك اليوم في سورية تيارين من التفكير: تيار الرئيس الأسد المنفتح على بعض اللبنانيين والمستمع إلى آرائهم، والتيار الثاني الذي يقول إن ما دام هؤلاء الأشخاص غير رسميين، لا يحق لهم التعاطي بالموضوع المنحصر بين الحكومتين". وإذ أعرب عن عدم اقتناعه بما قاله بري في بكركي عن إعادة تمركز القوات السورية، انتقد كلام الوزير الشرع، قائلاً "إن هذا الأسلوب يبرهن لنا الى أي درجة تعوّد الإخوان الهيمنة على السياسة اللبنانية وفرض رأيهم كأنّه منزل". حلو وخوري وفي المواقف، اعتبر وزير الدولة بيار حلو انه لا يرى أي تناقض أو تعارض بين العلاقة المبنية بين دولة ودولة والاتصالات التي حصلت، ذلك ان من المهم والمفيد جداً ان تقوم هذه الشخصيات لطمأنة البطريرك صفير على مستقبل هذه العلاقات في ظل المناخ السائد. ورأى النائب غطاس خوري في تعليقه على ما يطرح في شأن إعادة انتشار الجيش السوري "إن الحال الإسرائيلية في لبنان انتهت، وهذا ما يجب أن يطمئن الشقيقة سورية في شكل أساسي، وأن تبني علاقة بمنتهى الصراحة مع كل الأطراف اللبنانيين".