تعرض الرئيس الاميركي جورج بوش لانتكاسة مبكرة في خطته الرامية الى خفض اعتماد الولاياتالمتحدة على واردات النفط من الدول الاجنبية، اثر قرار زعماء حزبه الجمهوري باستحالة الحصول على موافقة الكونغرس بالسماح للشركات النفطية بالتنقيب عن النفط الخام والغاز الطبيعي في المحمية الطبيعية لولاية ألاسكا، وهي واحدة من الاراضي الاميركية القليلة التي تثير اهتمام صناعة النفط. وجاء التطور المفاجئ نتيجة قرار اتخذه زعماء الحزب الجمهوري في الكونغرس بشطب البنود المالية المتعلقة بعمليات التنقيب في المحمية الطبيعية من قرارات الموازنة التي اقرها مجلس النواب الاربعاء الماضي، ومن المقرر ان تعرض على مجلس الشيوخ في الاسبوع المقبل. وتُعتبر خطوة الجمهوريين اقراراً باستحالة الحصول على غالبية في اي من مجلسي النواب والشيوخ لصالح مشروع يراه الكثيرون من المشرعين وانصار حماية البيئة محابياً لصناعة النفط على حساب البيئة. ورفض بوش وصف هذه الخطوة بأنها مؤشر على تخلي حزبه الجمهوري عن معالجة، ما وصفه في اكثر من مناسبة، ازمة طاقة تعاني منها بلاده. واكد في مؤتمر صحافي عقده اول من امس ان "فتح المحمية امام عمليات التنقيب من شأنه ان يساعد في مواجهة الازمة المشار اليها ومن الخطأ عدم فتحها"، لكنه تحدث عن توافر خيارات بديلة للحصول على الطاقة في اماكن اخرى من الاراضي الاميركية علاوة على كندا والمكسيك. واشار بوش الى محادثات عقدها اخيراً مع الرئيس المكسيكي فينسنت فوكس حول سياسة مشتركة في مجال الطاقة، كذلك المحادثات التي عقدها في بداية فترته الرئاسية مع رئيس الوزراء الكندي جان كريتيان "لتشجيع عمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي في الاراضي الكندية المجاورة لولاية ألاسكا وضمان تدفق الغاز الكندي بحرية الى السوق الاميركية". واضاف: "سيكون لدينا الكثير من الاماكن التي سنجد فيها الغاز غير محمية ألاسكا". لكن محللين اكدوا ل"الحياة" ان التخلي عن محمية ألاسكا، التي قدرت وزارة الطاقة الاميركية احتياطها النفطي بما يراوح بين 5.6 و16 بليون برميل يشكل انتكاسة حقيقية لاستراتيجية الطاقة التي تعكف ادارة بوش على صياغتها. وكان بوش التزم خلال حملته الانتخابية السماح بالتنقيب عن النفط والغاز في المحمية المذكورة، معلناً ان انتاجها يمكن ان يعوض الولاياتالمتحدة عن وارداتها من العراق لفترة تراوح بين 20 و30 عاماً. نفط "اوبك" وتأمل ادارة بوش من استراتيجيتها زيادة الانتاج المحلي لخفض اعتماد المستهلك الاميركي على الواردات ما من شأنه التأثير سلباً على حصص كبار المصدّرين لا سيما منظمة الدول المصدّرة للنفط اوبك والمنتجين الخليجيين. يشار الى ان الولاياتالمتحدة استوردت العام الماضي نحو 11 مليون برميل يومياً من النفط الخام والمشتقات النفطية اي ما يعادل 57 في المئة من استهلاكها المحلي، وبلغت حصة "اوبك" من اجمالي الواردات 45 في المئة فيما بلغت حصة المنتجين الخليجيين السعودية والعراق 21 في المئة. ومما يزيد الامور تعقيداً في وجه البيت الابيض اعلان ادارة معلومات الطاقة في تقريرها السنوي الثلثاء ان منطقة اميركا الشمالية، التي تُعتبر حالياً اكبر مستهلك للطاقة، ستُسجل اكبر زيادة في استهلاك المشتقات النفطية بين المناطق الصناعية في العالم في العقدين المقبلين، اذ سيرتفع استهلاكها في الفترة المذكورة بنحو 8.8 مليون برميل يومياً بينما سيقفز استهلاك الولاياتالمتحدة وحدها من نحو 20 مليون برميل يومياً في الوقت الراهن الى 26.3 مليون برميل سنة 2020 مسجلاً زيادة بنسبة تقترب من 32 في المئة. وفي مقابل زيادة استهلاك السوق الاميركية من النفط الذي يشكل في الوقت الراهن 41 في المئة من اجمالي استهلاك الطاقة في الولاياتالمتحدة، توقعت ادارة معلومات الطاقة استمرار تراجع الانتاج المحلي على رغم انخفاضه بمقدار الثلث تقريباً منذ منتصف الثمانينات ليبلغ العام الماضي نحو 8.2 مليون برميل يومياً في المتوسط من ضمنها 5.8 مليون برميل فقط من النفط الخام الى جانب خسارة انتاج محتمل يراوح بين 1.3 مليون برميل يومياً من محمية ألاسكا.