طالبت صناعة النفط الأميركية بفتح الأراضي المملوكة للحكومة الفيديرالية أمام عمليات التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي كأحد الأركان الرئيسية لسياسة الطاقة الوطنية الجديدة التي وعدت ادارة الرئيس جورج بوش الابن بتبنيها لخفض اعتماد السوق الأميركية على واردات النفط. ودعت في الوقت نفسه الى الغاء القيود الحكومية المفروضة عليها، لا سيما في ما يتعلق بقوانين انتاج "الطاقة النظيفة". وقال جيم باولز رئيس شركة "فيليبس بتروليوم" في الأميركتين أمام لجنة المصادر الطبيعية التابعة لمجلس النواب الأميركي أول من أمس: "لا بد لسياسة الطاقة الوطنية الناجحة أن تتيح لشركات النفط فرصة أكبر للوصول الى الأراضي الحكومية التي تختزن الجزء الأعظم من الاحتياط المكتشف من الغاز الطبيعي والنفط الخام في الولاياتالمتحدة". وأضاف باولز الذي أدلى بشهادته ممثلاً عن شركته ومعهد النفط الأميركي، أكبر تجمع لصناعة النفط الأميركية: "ليس هناك حل سريع لمشاكل الطاقة التي نعانيها. نحتاج الى زيادة امداداتنا من كل أنواع الطاقة لتوفير دعم كامل لاقتصادنا النامي. ومن الضروري تشجيع الاستخدام المسؤول للطاقة وزيادة امداداتنا من كل أنواع الوقود، الوقود الاحفوري والوقود البديل على حد سواء". وأشار الى أن أميركا تستورد 57 في المئة مما تستهلكه من النفط الخام. وقال موجهاً انتقاداً مباشراً الى منظمة البلدان المصدرة للنفط أوبك أن اضطراب أسعار الغازولين العام الماضي يرجع جزئياً الى خفض الدول الأجنبية المنتجة انتاجها وأضاف: "لا نستطيع انهاء اعتمادنا على النفط المستورد الا أن هناك الكثير من الأشياء التي يمكن القيام بها لزيادة انتاجنا المحلي". واعتبر مسؤول "فيليبس بتروليوم" التي تنشط في عمليات التنقيب والانتاج في أميركا الشمالية وبعض المناطق والبلدان الأخرى في العالم من ضمنها سلطنة عمان أن سياسة الطاقة المقترحة لابد أن تعمل على ضمان توفير الطاقة بكميات كافية لدعم نمو الاقتصاد الأميركي من طريق تشجيع عمليات تطوير ليس فقط المصادر المحلية بل الأجنبية أيضا علاوة على تشجيع الاستثمارات الأجنبية في أميركا. وجاءت شهادة باولز عقب اعلان بوش أمام الكونغرس أن بلاده تواجه أزمة طاقة خطيرة وتشكيل فريق عمل يرأسه نائبه ديك تشيني ويضم في عضويته وزير الطاقة سبنسر ابراهام لدرس أوضاع الطاقة في الولاياتالمتحدة. ويتوقع أن يقدم فريق العمل مقترحاته وتوصياته في هذا الشأن في غضون شهرين. وطالب مسؤول "فيليبس بتروليوم" أن تكون سياسة الطاقة الجديدة مرنة بحيث تتيح لشركات النفط التأقلم مع تحديات الطاقة والبيئة. ودعا الى الغاء القيود "المعقدة وغير المعقولة" التي تفرضها الحكومة الفيديرالية والحكومات المحلية على شركات النفط في ما يتعلق بانتاج الطاقة النظيفة والقيود المتعلقة بنقل الطاقة داخل الولاياتالمتحدة. وقال أن من شأن ذلك تمكين صناعة النفط من تلبية الطلب المتزايد على الطاقة وتأمين الاحتياجات الموسمية وغير المتوقعة. وشدد باولز في شهادته على ضرورة أن توفر سياسة الطاقة مناخاً مستقراً للعمل والاستثمار مشيراً الى تقارير لوزارة الطاقة الأميركية تؤكد أن شركات النفط والغاز تحتاج الى استثمار 650 بليون دولار لتلبية النمو المتوقع في الطلب الأميركي على الغاز الطبيعي فقط حتى سنة 2015 حين سيبلغ حجم الاستهلاك 35 تريليون قدم مكعبة سنوياً مقارنة بنحو 21 تريليوناً في الوقت الراهن. وقال: "تملك أميركا احتياطات ضخمة تساعدها على تلبية احتياجاتها المستقبلية. لكن لكي نتمكن من استخراج هذه الاحتياطات لابد لنا شركات النفط من الحصول على فرصة أكبر للوصول الى الأراضي الحكومية". وحسب الادارة الأميركية لمعلومات الطاقة نقلا عن تقارير لنشرات نفطية دولية مثل "وولد أويل" و"أويل آند غاز جورنال" قدر حجم احتياط الغاز الطبيعي المؤكد في أميركا الشمالية الولاياتالمتحدةوكنداوالمكسيك في بداية سنة 2000 بنحو 260 تريليون قدم مكعبة. وتوزع هذا الاحتياط بواقع 167 تريليوناً في أميركا و64 تريليوناً في كندا و30 تريليوناً في المكسيك. احتياط أميركا الشمالية ويشكل احتياط منطقة أميركا الشمالية المؤكد قرابة خمسة في المئة من اجمالي الاحتياط العالمي الا أن مسؤول "فيليبس بتروليوم" لفت في شهادته الى تقارير لم يحددها تقدر احتياط المنطقة من الغاز الطبيعي المؤكد والمحتمل بما يراوح بين 1.200 و1.600 تريليون قدم مكعبة. وانتقد باولز ادارة الرئيس السابق بيل كلينتون بسبب اضافتها معوقات جديدة لتطوير مكامن النفط والغاز في الجرف القاري الخارجي لخليج المكسيك وامتناع الكونغرس عن السماح لشركات النفط بالتنقيب عن النفط والغاز في جزء من المحمية الطبيعية لولاية آلاسكا أقرته ادارة الرئيس الأسبق جيمي كارتر في عام 1980 أرضاً ذات "استخدامات متعددة" ما اعتبره مؤشرا على توفر الاطار القانوني للسماح بعمليات التنقيب. لكن باولز، متحدثاً باسم معهد النفط الأميركي الذي يمثل مصالح 400 شركة أميركية وكذلك "فيليبس بتروليوم" التي تملكت أصولا نفطية وغازية كبيرة في آلاسكا من شركة "آركو" العام الماضي طالب أيضا بفتح الأراضي الفيديرالية في الولايات الغربية التي تحتوي على 67 في المئة من احتياط النفط البري و40 في المئة من احتياط الغاز الطبيعي للولايات المتحدة. وأشار الى أن الحظر المفروض على نشاط التنقيب يحرم الشركات النفطية فرصة الوصول الى احتياط محتمل من الغاز الطبيعي في الجروف القارية المملوكة للحكومة الفيديرالية يقدر حجمه بنحو 76 تريليون قدم مكعبة من ضمنها 21 تريليوناً في الجرف القاري للمحيط الهادئ و31 تريليوناً في المحيط الأطلسي و24 تريليوناً في الجزء الشرقي من خليج المكسيك. وحذر مسؤول "فيليبس بتروليوم" من أن حقول الغاز الطبيعي المنتجة في خليج المكسيك تتعرض لاستنزاف سريع بمعدل يصل الى 40 في المئة بسبب ارتفاع الطلب المحلي وأشار في الوقت نفسه الى أن حقل "برودو" العملاق الذي اكتشف في آلاسكا في السبعينات وقدر احتياطه بنحو عشرة بلايين برميل ساهم منذ منتصف الثمانينات بربع الانتاج المحلي للولايات المتحدة الا أن انتاجه انخفض بنسبة 40 في المئة بحلول سنة 1998. وكانت أميركا حتى وقت قريب أكبر منتج للنفط. وعلى رغم احتفاظها بموقعها كأكبر مستهلك الا أن احتياطها المؤكد من النفط انخفض بنسبة 22 في المئة في الفترة من 1977 الى 1997 حين بلغ حسب تقديرات ادارة معلومات الطاقة 22 بليون برميل ثم انخفض ثانية الى 21.8 بليون برميل في بداية العام الفائت. ويقدر احتياط النفط المؤكد في المكسيك بنحو 28.4 بليون برميل فيما يقدر الاحتياط الكندي بخمسة بلايين برميل مايمنح أميركا الشمالية احتياطاً مؤكداً يزيد قليلاً على 55 بليون برميل. واعتبر باولز المزاد الذي تنوي وزارة الداخلية الأميركية اقامته في كانون الأول ديسمبر المقبل لفتح أراض في شرق خليج المكسيك أمام شركات النفط فرصة "عظيمة" لدعم احتياط الغاز والنفط مشيرا الى أن المخزون المحتمل للمنطقة المذكورة التي يقع جزء منها في المياه العميقة يقدر بنحو 7.8 تريليون قدم من الغاز و1.9 بليون برميل من النفط. وأكد أن انخفاض أسعار النفط في الفترة بين 1998 و1999 أثر سلبا على نشاط التنقيب عن النفط والغاز في الولاياتالمتحدة وساهم جزئياً في الارتفاع القياسي الذي سجلته أسعار الغاز الطبيعي نهاية العام الماضي وبداية السنة الجارية. لكنه أشار الى أن ارتفاع أسعار النفط والغاز منذ منتصف 1999 حقق لشركات النفط الأميركية عوائد "جيدة" على استثماراتها وأتاح لها الفرصة لزيادة انفاقها في عمليات التنقيب. وطالب باولز المشرعين الأميركيين بالعمل على اقناع المستهلك الأميركي بما يجب على الولاياتالمتحدة أن تفعله من خلال سياسة الطاقة الوطنية لضمان الحفاظ على امداداتها من النفط والغاز ودعمها في المدى الطويل وقال ان: "زيادة نشاط التنقيب والأسعار المستقرة في المدى الطويل يشكلان ضرورة حيوية لضمان الامدادات في المستقبل".