أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما رفعاً جزئياً عن الحظر المفروض على التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في المياه الإقليمية للولايات المتحدة، وتحديداً المناطق الواقعة في الجرف القاري الخارجي، لافتاً إلى أن إدارته اتخذت، في إطار استراتيجية جديدة شاملة للطاقة، قرارات صعبة من شأنها أن «تنقلنا من اقتصاد يسير بالوقود الاحفوري والنفط المستورد إلى آخر يعتمد على الوقود المنتج محلياً والطاقة النظيفة». ولم يدع أوباما مجالاً للشك في أن الاستراتيجية التي اختارتها إدارته ولخصت طموحاتها تتمحور حول الطاقة النظيفة، وقال في كلمة في قاعدة أندروز الجوية القريبة من واشنطن العاصمة الأربعاء إن «الولاياتالمتحدة تمتلك أقل من اثنين في المئة من احتياط النفط العالمي وتستهلك زهاء 20 في المئة من الإنتاج العالمي وما يعنيه ذلك أن الحفر ليس قادراً بمفرده حتى على الاقتراب من تلبية احتياجاتنا البعيدة المدى من الطاقة». وأبرز أوباما عمق الاهتمام الذي توليه إدارته لصناعة الطاقة النظيفة، مشيراً على سبيل المثال إلى أن خطة تحسين كفاءة استهلاك الوقود، من شأنها توفير 1.8 مليون برميل من النفط، تُعادل استهلاك 58 مليون سيارة في عام كامل، إضافة إلى توفير أو حفظ 700 ألف فرصة عمل. واعتبر الرئيس الأميركي صناعة الطاقة النظفية تحدياً استراتيجياً للولايات المتحدة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، وقال «من الصين إلى ألمانيا، إن هذه الدول تدرك أن البلد الذي يقود صناعة الطاقة النظيفة سيقود الاقتصاد العالمي». لكن إعلان أوباما رفع الحظر المفروض على التنقيب في المياه الإقليمية الأميركية بطلب صريح من ولايتي فرجينيا وآلاسكا وجد رغم محدوديته الجغرافية وفاعليته ترحيباً فورياً من جانب صناعة النفط والغاز الأميركية التي أكدت عبر أحد أهم ممثلي مصالحها «معهد النفط الأميركي» ورئيسه جاك جيرارد في بيان إن «التنقيب عن مصادرنا البحرية وتطويرها قد يحقق ما يزيد على تريليون دولار من الإيرادات ويؤمن مئات آلاف فرص العمل». ووفقاً لإدارة معلومات الطاقة، الذراع الإحصائية لوزارة الطاقة الأميركية، يختزن الجرف القاري الخارجي من المياه الإقليمية للولايات المتحدة الخاضع للحظر 18 بليون برميل من النفط الخام «غير المكتشف» و77 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي. لكن قرار رفع الحظر ينحصر في مناطق منتخبة من المياه الإقليمية الأميركية مستثنياً فعلياً المناطق الواعدة بخاصةٍ الجرف القاري الخارجي للمحيط الهادئ الذي تزيد تقديرات مخزونه من الخام غير المكتشف على 10 بلايين برميل. وأوضحت وزارة الداخلية الأميركية أن المناطق التي يحتمل أن يشملها قرار رفع الحظر، المتوقع ألا يصبح ساري المفعول قبل 2012 تنحصر في الجرف القاري الخارجي للمياه الإقليمية وسط الأطلنطي وجنوبه وفي أجزاء كبيرة من الجناح الشرقي لخليج المكسيك وأخيراً المياه الإقليمية لولاية آلاسكا التي لا تشملها تقديرات إدارة معلومات الطاقة في شأن المخزون غير المكتشف من النفط الخام والغاز الطبيعي. وأكدت تحليلات إدارة معلومات الطاقة والمحدودية الجغرافية لقرار رفع الحظر أن واردات الولاياتالمتحدة من الوقود الاحفوري وخصوصاً النفط الخام لن تتأثر إلا في شكل طفيف. لكن واردات النفط الخام والمشتقات الأميركية تراجعت بنسبة تزيد على 23 في المئة السنة الماضية منخفضة، وفقاً لمعهد النفط الأميركي، إلى 8.5 مليون برميل يومياً، ما ترتب عليه انكماش صادرات الدول الخليجية من النفط الخام إلى السوق الأميركية بنسبة 42 في المئة إلى 1.4 مليون برميل يومياً، وانخفاض صادرات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إلى السوق ذاتها بنسبة تناهز 30 في المئة بتراجع ضخم بلغ حجمه نحو مليوني برميل يومياً. ويعتقد خبراء النفط في إدارة معلومات الطاقة، في أحدث تقاريرهم السنوية، أن واردات النفط الخام الأميركية حصراً ستستمر في التراجع في العقدين المقبلين وبنسبة 0.4 في المئة سنوياً منخفضة من 9.8 مليون برميل يومياً في 2008 إلى 8.7 مليون برميل في عام 2030.