أكد الرئيس الاميركي جورج بوش الابن نيته تطوير سياسة وطنية للتعامل مع المشكلة "الخطيرة" التي تواجه الولاياتالمتحدة في مجال الطاقة، مجدداً تأييده فتح المحمية الطبيعية لولاية الاسكا أمام عمليات التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي، وتشجيع استخدام مصادر الطاقة المتجددة والبديلة لتخفيف إعتماد السوق الأميركية على واردات النفط الخام. تحدث الرئيس الاميركي جورج بوش في خطاب الموازنة الذي ألقاه أمام جلسة مشتركة للكونغرس أول من أمس عن ارتفاع أسعار الطاقة وقال: "نواجه مشكلة طاقة خطيرة تستلزم منا وضع سياسة وطنية لمعالجتها. حاجاتنا من الطاقة تتجاوز قدراتنا الانتاجية لكن بمقدورنا زيادة إنتاجنا المحلي والحفاظ في الوقت نفسه على بيئتنا ولا بد لنا من أن نفعل ذلك، وتحتاج أميركا لتعميق اكتفائها الذاتي في مجال الطاقة وهذا ما سنفعله حتماً". وجددت تصريحات بوش وعوده الانتخابية في شأن السماح بالتنقيب عن النفط في محمية الاسكا وقدمت تأييداً قوياً لمشروع القانون الذي طرحه السيناتور الجمهوري فرانك مركوسكي رئيس لجنة الطاقة والمصادر الطبيعية في مجلس الشيوخ أمام الكونغرس الاثنين الماضي كحل لما وصفه ب"أزمة طاقة تهدد أمن الولاياتالمتحدة واقتصادها"، وحظي بتأييد مجموعة كبيرة من الجمهوريين من ضمنهم زعيم الغالبية في المجلس السيناتور ترنت لوت الذي وعد بتسريع إجراءات تبني المشروع المذكور. وقال مركوسكي في مؤتمر صحافي إن إنتاج محمية الاسكا "سيعوض الولاياتالمتحدة عن وارداتها من السعودية لمدة ثلاثين سنة". ويبلغ متوسط صادرات النفط السعودية إلى أميركا في الوقت الراهن نحو 1.5 مليون برميل يومياً بينما تقدر إدارة معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة الأميركية إحتياط سهل الساحل الشمالي لمحمية الاسكا بما يراوح بين 3 و16 بليون برميل، وتقدر إنتاجها المحتمل بنحو مليون برميل يومياً بعد تطويرها الذي يتوقع أن يستغرق خمس سنوات كحد أدنى. لكن السيناتور الجمهوري أوضح أن الهدف الرئيسي لمشروع القانون الجديد، وهو الأول من نوعه الذي يطرح على الكونغرس منذ بداية التسعينات، "يتمثل في زيادة إنتاجنا المحلي لخفض اعتمادنا على استيراد النفط من دول غير مستقرة مثل العراقوإيران". وتستورد الولاياتالمتحدة نحو 750 ألف برميل من النفط الخام العراقي يومياً لكنها تحظر استيراد النفط من إيران. ويأمل مؤيدو مشروع القانون الجديد بخفض مساهمة واردات النفط الخام في إجمالي الاستهلاك المحلي من 56 في المئة في الوقت الراهن إلى 50 في المئة بحلول سنة 2010. واقترحوا محفظة من الاجراءات من ضمنها تنشيط عمليات إنتاج الغاز الطبيعي وزيادة مساهمة الفحم والطاقة الذرية في عمليات توليد الطاقة الكهربائية وتشجيع المستهلك الأميركي على شراء السيارات والأجهزة ذات الاستهلاك المنخفض للطاقة. وفي مجال إنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي وعد مشروع القانون بخفض التزامات شركات النفط الأميركية من الرسوم الفيديرالية في حالانخفضت أسعار النفط الخام دون مستوى 18 دولاراً للبرميل، وكذلك أسعار الغاز الطبيعي تحت 2.30 دولار لكل ألف قدم مكعبة لمدة 90 يوماً بشكل متواصل. كما وعد بمنح صغار منتجي النفط حسومات ضريبية بمعدل ثلاثة دولارات للبرميل عندما تنخفض أسعار النفط إلى ما دون 15 دولاراً للبرميل. وعلى رغم عدم صدور تقديرات رسمية عن كلفة مشروع القانون، إلا أن جماعات حماية دافعي الضرائب حذرت من أن الاعفاءات الضريبية الموعودة لشركات النفط ستكبد دافعي الضرائب زهاء 20 بليون دولار، ما يشكل سبباً قوياً لتوقع تعرض المشروع لجدل تشارك فيه منظمات حماية البيئة التي تبدي معارضة شديدة لفتح سهل الساحل الشمالي لولاية الاسكا أمام شركات النفط منذ إعلانها محمية طبيعية في بداية الثمانينات. وجاء مشروع القانون الجديد بعد نحو أسبوع من نشر المركز الأميركي للدراسات الاستراتيجية تقريراً عن إمدادات الطاقة حتى سنة 2020، أكد جملة من الاستنتاجات المهمة أبرزها أن الواردات الأميركية من النفط الخام التي تقدر في الوقت الراهن بنحو عشرة ملايين برميل يومياً ستستمر في نموها المطرد، وأن منطقة الخليج ستحتفظ بموقعها منتجاً رئيسياً مع احتفاظ السعودية بموقعها القيادي بلا منافس وستضطر لزيادة انتاجها بنسبة 80 في المئة لتلبية الطلب العالمي المتوقع أن ينمو بنسبة 50 في المئة. ودعا بوش الكونغرس أ ف ب المنقسم على نفسه والاميركيين المترددين الى دعم سياسته لخفض الضرائب بمقدار 1600 بليون دولار على مدى عشر سنوات، الامر الذي سيشكل الركيزة الاساسية في موازنته بهدف اعادة اطلاق اقتصاد بدأ يعاني من بعض الاهتزاز. وجاءت هذه الدعوة في اطار اول خطاب مهم عن السياسة العامة القاه بوش امام مجلسي الكونغرس المجتمعين في جلسة علنية منذ تسلمه مهامه في 20 كانون الثاني يناير الماضي. واظهرت وثائق للبيت الابيض رويترز لاول موازنة اتحادية للرئيس بوش انه يقترح زيادة الانفاق بنحو اربعة في المئة الى 7،660 بليون دولار في السنة المالية 2002. واظهرت الوثائق ايضاً انه مع توقع نمو الاقتصاد الاميركي على المدى الطويل بمتوسط قدره 1،3 في المئة فان موازنة بوش تقترح دفع ما يصل الى تريليون دولار من الدين العام على مدى اربع سنوات ونحو تريليوني دولار على مدى عشر سنوات من الدين العام البالغ اكثر من ثلاثة تريليونات دولار.