على رغم تحطيم تمثالي بوذا العملاقين في باميان على أيدي الطالبان، فإن اليونيسكو صممت على المضي في التعبئة الدولية لمصلحة التراث الأفغاني. وسيتركز عمل المنظمة في هذا الصدد كما أعلنت، على المحاور الكبرى الآتية: إنقاذ ما تبقى من التراث الأفغاني، الاستمرار في الحوار وتعميق الحجج ذات الطابع الديني التي توصي بالحفاظ على التراث، والعمل على وضع معايير عن مفهوم الجريمة في حق الثقافة. وقدم مدير عام اليونيسكو، كويشيرو ماتسورا، وموفده الخاص الى أفغانستان، بيار لافرانس، عرضاً للمهمة التي قام بها لافرانس في قندهار وكابول واسلام آباد والدوحة، وللعمل الذي ستقوم به المنظمة في هذا المجال مستقبلاً. واستعرض المدير العام، معظم مظاهر الاحتجاج التي أججتها أعمال تحطيم التراث الأفغاني القديم، مشيراً الى أن "هذه التعبئة العامة تجاوزت اطار القوميات والأديان"، ذلك ان معظم البلدان الاسلامية رفضت أن يجري إقحام الاسلام في "هذا العمل المتزمت". وتطرّق ماتسورا الى المستقبل وقال "لا بد من أن تستمر الجهود الهادفة الى جعل طالبان تحترم الثروات الأثرية". أما الممتلكات الثقافية الأفغانية في مراحل ما قبل الاسلام، فلا بد، للحساب الخاص الذي تم فتحه من أجل إنقاذ التراث الثقافي الأفغاني، من أن يقدم امكانات اضافية في هذا المجال. "إن انقاذ ما يمكن، يعني أيضاً مكافحة تهريب الممتلكات الثقافية الأفغانية". قال ماتسوار وأشار الى انه ينوي ان يوجه نداء الى تجار التحف ومقتنيها "ليساهموا من جهتهم الى جانب اليونيسكو في إنقاذ التراث الثقافي الأفغاني". ولمواجهة أعمال التهريب التي يحرمها اتفاق 1970، نشأت سيرورة، بدعم من السلطات السويسرية ومؤسسة هيراياما، في هدف الحصول على الممتلكات الأفغانية المهددة "ووضعها في مأمن بانتظار إمكان إعادتها الى أفغانستان". وقدّم بيار لافرانس عرضاً عن مهمته "المستحيلة سلفاً"، وأشار الى الطابع غير المستقر والغامض للحركة التي يطلق عليها اسم طالبان: "لا يمكننا ان نتحدث عن تيارات ضمن كتلة واحدة وإنما عن تصادم في الحساسيات". ورأى ان احدى هذه الحساسيات سيطرت حالياً واستأثرت بما هو قضاء أفغاني، فارضة "شرعيتها التفصيلية" والتي أدت "الى ارادة تطهير مطلقة، وريبة مرضية...". وحرص لافرانس على أن يلجأ الى الأسلوب التربوي والحوار وليس العنف. ولفت الى الدور المهم الذي قام به العلماء، من العالم العربي والاسلامي، وهم ساعدوه في مهمته وكذلك الذين قاموا بتدخل موازٍ. وسيستمر العمل حول ما هو مشروع، بحسب قواعد الاسلام، كموصى به أو كفرض، في مجال الحفاظ على التراث. وهناك مجال آخر تنوي اليونيسكو المضي فيه وعبر عنه ماتسورا بسؤال: "هل يمكن ان تبقى الجرائم بحق الثقافة من دون عقاب؟". وحيا ماتسورا قرار محكمة الجزاء الدولية ليوغوسلافيا السابقة، التي قررت حديثاً ادراج تدمير المعالم التاريخية بين التهم في اطار الملف القضائي المتعلق بالهجوم على مدينة دبروفنيك، وأضاف: "يجري اعداد دراسة حالياً للتعرف، في اطار مختلف الاتفاقات الموجودة، وخصوصاً اتفاقي 1954 و1972، الى كل الامكانات من أجل الانتباه ومعاقبة الجرائم بحق الممتلكات الثقافية". وعبّر ماتسورا عن قلقه حيال "الوضع البائس الذي يعيشه الشعب الأفغاني" وأعلن عن انضمامه الى النداء الذي وجهه أمين عام الأممالمتحدة من أجل رصد المبالغ بهدف تقديم مساعدة انسانية طارئة الى أفغانستان. وذهب سفير فرنسا السابق في باكستان، بيار لافرانس، في هذا الاتجاه، مؤكداً ضرورة حوار الشعب الأفغاني ومساعدته: "لا يجوز أن نجيب على الحماقة بحماقة، وعلى المحرمات بمحرمات".