انطلقت عملياً امس، الشرارة الاولى في مسلسل حروب على الآثار فريد من نوعه في آسيا، منذ تدمير المسجد البابري جنوبالهند عام 1992. وارتفعت الاصوات في المجتمع الدولي، منددة باقدام "طالبان" على تدمير تمثالي بوذا الاثريين في باميان وسط افغانستان. وجاء ذلك بعد تأكيد اليونيسكو ان التمثالين دمّرا، معربة عن مخاوفها من رد يطاول ممتلكات ثقافية اسلامية، نظراً الى التوتر الشديد الذي قوبلت به خطوة "طالبان" في الاوساط البوذية والهندوسية. وعرضت شبكة "سي ان ان" التلفزيونية صورة خاصة، قالت ان احد الافغان التقطها امس، وبدا فيها دخان يتصاعد من احد التمثالين، من جراء المتفجرات التي وضعت فيهما. ووضع تجاهل "طالبان" المناشدات الدولية في هذا الشأن، حداً للوساطة التي حاول وفد منظمة المؤتمر الاسلامي، الموجود في قندهار، ان يقوم بها. وعاد الوفد الى الدوحة من دون ان يحقق النتائج المرجوة. وقال مفتي الديار المصرية الدكتور نصر فريد واصل ل "الحياة في الدوحة: "للأسف سبق السيف العذل فيما يعلق بالقضية الاساسية التي ذهبنا من اجلها، وقد جاءت زيارتنا متأخرة، اذ ان لهم اجتهاداً خاصاً وبدأوا التنفيذ تدمير الآثار منذ فترة طويلة". وسئل هل ستوقف "طالبان" تدمير ما تبقى من آثار، فقال: "هذا في الحسبان اذا كان ذلك التماثيل موجوداً اما اذا انتهى الامر فلا فائدة. علمنا ان القضية منتهية بناء على ما صرحوا به، لكن طبقاً لبعض الاحتمالات فقد يكون التصريح خلافاً للأمر المصرّح به". وأكد ان الوفد لم يتمكن من لقاء الملا عمر، وانما التقى عدداً من العلماء والوزراء وشرح لهم ان القضية "كانت تحتاج الى مشورة فقهاء الامة الاسلامية للاتفاق على رأي بشأنها"، وكل ما اتفق عليه هو "استمرار التواصل". واعتبر المفتي ان مشكلة "طالبان" تكمن في الجانب الفقهي "اذ انهم يتمسكون بالنصوص وعدم مراعاة الجانب الواقعي بما يتلاءم مع الزمان والمكان، كما انهم متشددون عقائدياً ومنعزلون لا يتواصلون مع علماءالامة الاسلامية". والقت باكستان الحليفة الوثيقة ل"طالبان" مسؤولية تدمير التمثالين على عاتق المجتمع الدولي الذي "اكتفى بموقف المشاهد للكارثة، ولم يرسل عدداً كافياً من المبعوثين لاقناع طالبان بالتراجع عن قرارها". ودان المدير العام لليونيسكو كويشيرو ماتسورا تحطيم التمثالين الامر الذي أكده له موفده الخاص، بيار لافرانس. ووصف ماتسورا هذه الخطوة بأنها "جريمة بحق الثقافة"، معرباً عن أمله في ان لا تصبح تلك العملية "ذريعة لمتزمتين آخرين ليلجأوا الى اعمال تدمير تستهدف هذه المرة، ممتلكات ثقافية اسلامية". واضاف في بيان: "انه لأمر وقح مشاهدة التدمير الذي جرت برمجته بأعصاب باردة، لممتلكات ثقافية تشكل جزءاً من تراث الشعب الافغاني والانسانية جمعاء". وقال: "لم يكن تمثالا بوذا في باميان مدرجين على قائمة التراث العالمي، ولكنهما كانا يستحقان ذلك"، مشيراً الى ان "طالبان لم تكترث بالتعبئة الدولية التي لم يسبق لها مثيل ولا بالرأي المعاكس الذي عبرت عنه في شكل عفوي اعلى السلطات المرجعية للمسلمين".