بدت الممثلة والنجمة السينمائية نيكي كريمي، في حديثها الى "الحياة"، أقرب الى وقار سيدة في منتصف العمر. لكن اشعاع حضورها كان هو إياه، سواء في السينما أو في تلك الجلسة التي جمعتنا بها في أحد أيام سوق الفيلم الايراني المتزامن مع مهرجان "فجر" السينمائي. سيل من المعجبين وخلسة نظرات عابرة تتفحص تقاطيع جمال وجهها الخالي من مساحيق الزينة. فهذه الشابة التي ما زالت في عقدها الثاني، لم تكتف بأداء أدوار سينمائية محددة، أو تركن الى غرور تسميتها بمارلين مونرو السينما الايرانية، بل انتقلت الى ميادين الترجمة والاخراج، وقريباً سيعرض عملها التوثيقي الأول. ارتداؤها الحجاب لم يقتل فيها روح العمل، فقد تآلفت معه وقبلته "زياً رسمياً". وعلى رغم اشتغالها مع عدد من مخرجي السينما الايرانية، تفضل العمل مع مواطنتها المخرجة تهمينة ميلاني. ظهرت نيكي في 17 شريطاً سينمائياً، على رغم انها لم تتلق دروساً أكاديمية تؤهلها لدخول عالم السينما، وما زال طريقها الفني مفتوح الأفق. في حوارها مع "الحياة"، كانت كريمي تختار كلمتها بكثير من الحذر والروية. ولئن عرفها الجمهور الايراني، فإن في تقديم نفسها الى قارئ خارج حدود بلدها شيئاً من مغامرة الحفاظ على صورتها السينمائية. لماذا السينما وكيف دخلت عالمها؟ - دخلت السينما من خلال المسرح، وكنت لم أزل في العاشرة من عمري. لكن ظهوري السينمائي الأول كان في السابعة عشرة، وعبر شريط "الرغبة" للمخرج حيدري. بعدها توالت عليّ عروض العمل السينمائي، خصوصاً في أشرطة غلبت عليها النزعة التجارية. ولعلني أعترف بأن تلك التجربة أضافت إلي الكثير ومنحتني الثقة الكبيرة بنفسي وأفدت منها في أداء أدواري اللاحقة. تقولين انك عملت في عدد من الأفلام التجارية، كم هي حصيلتك حتى الآن بما في ذلك شريطك الأخير "الجانب المخفي" لتهمينة ميلاني؟ - عملت في 17 شريطاً حتى الآن، منها "العروس" لبهروز أفخمي و"قميص يوسف" و"مينو راقبي العمارة" لابراهيم حاتمي كيا. والعام الماضي عملت مع رسول ملا غوليبور في "الجيل المبتلى" ورضا كريمي في "شهرزاد" ومع تهمينة ميلاني في "الجانب المخفي". إلا انني أعتبر شريط "باري" 1995 للمخرج داريوش مهرجوي بداية تجربتي السينمائية الجادة والحقيقية. وعلى رغم انني عملت قبلها مع المخرج نفسه في شريط "ساري" لكنني أحببت "باري" أكثر، وهو في المناسبة مقتبس من عمل الكاتب الأميركي ج.د. سالنجر، كونه كان الأقرب الى اقتناعاتي الفنية وربما الفكرية. وسر حبي شخصية الطالبة "باري" بحثها المتواصل في اختيار الطريق الصحيح وعن ملهم وتجربة روحية لا تمنحها الحياة دائماً وربما خارج سياق رتابة الأيام العادية. وكم أفادتك تجربة العمل مع مخرج مهم مثل داريوش مهرجوي؟ - أقول اني تعلمت كيف يمكنني التركيز على الإحساس الداخلي ومن ثم التعبير عنه في شكل فعل درامي وسينمائي. أي انني تعلمت كيف أتقمص الشخصية المطلوبة، وأترك للمخرج أو المخرجة مهمة ادارتي ضمن تشكيل فريق العمل وما يتطلبه الحدث الدرامي. هل درست السينما في معهد أو أكاديمية؟ - كلا لم أدرس السينما كموضوع أكاديمي، ولكن تراكمت لدي خبرة جيدة في مقاربة الشخصيات التي أديتها أو التي تنتظرني. أنت اليوم ممثلة مشهورة في بلدك، حتى غدا الجمهور وأكثر من معجب يطلقون عليك تسمية "مارلين مونرو السينما الايرانية"، كيف تتعاملين مع فكرتي "النجمة" و"الشهرة"؟ - تضحك بحياء من أين لي بفكرة تشبيهي بمارلين مونرو؟ الحقيقة ان السينما الايرانية لا تكرس فكرتي "النجومية" أو "الشهرة"، كما هو موجود في الغرب، على رغم وجود عدد كبير من المجلات والدوريات السينمائية في ايران التي تنشر صور الممثلات والممثلين. وهذا يعود الى طبيعة المواضيع التي تناقشها هذه السينما. أما كيف أتعامل مع ما وصفته في شطر سؤالك الأول، فاشتغالي في السينما لا يمنحني ميزة استثنائية حتى ابتعد عن محيط صداقاتي العادية أو الجمهور السينمائي، وربما أجد ان القرب من هموم عامة الناس ومشاغلهم يصب في مصلحة الفنان لا العكس. وكم تآلفت مع الحجاب في عملك السينمائي؟ وهل يشكل عائقاً لك، خصوصاً ان هناك ممثلات عربيات اعتزلن العمل السينمائي بسببه؟ - لا أعتقد أن الحجاب يحد من حركة الممثلة، أو غيرها من النساء، في تأدية دورهن، فقد قبلناه زياً رسمياً، وها نحن نتعايش معه من دون أن يلجم أو يثني عزمنا أداء أدوارنا المهنية أو الحياتية. وأستطيع القول ان الدور الذي تؤديه المرأة، سواء في السينما أو غيرها، مطلوب في مجتمعاتنا ولا يمكن لعذر الحجاب ان يؤثر في عطائها أو في تحقيق ذاتها. لذا لم تكتفي بدور الممثلة وانما انطلقت الى مجالات أخرى مثل الترجمة والاخراج؟ - نعم، فقد ترجمت السيرة الذاتية للنجم السينمائي مارلون براندو عن الانكليزية، ومثله احد أعمال سالنجر. اما على الصعيد السينمائي فانتهيت من تصوير شريط وثائقي وهو في مرحلة "التقطيع" أو المونتاج. ما هو موضوعه؟ - اخترت موضوع "العقم" وكيف يمكن التعامل معه وما يجلبه من اضطرابات أسرية، خصوصاً ان هذه المشكلة تنطوي على موقف اجتماعي وتقليدي رافض لها أو لا يقبل التسليم بها. ومحاولتي هذه تندرج في سياق تسليط الضوء على أحد جوانبها، وعبر حال زوجين حرما نعمة الأبوة فيضطران الى اللجوء الى الوسائل العلمية والطبية كشكل من أشكال الحل الحديثة. اشتغلت مع عدد كبير من المخرجين والمخرجات الايرانيين، مع من تفضلين التعامل؟ - مع التقدير لكل من عملت معه، أفضل العمل مع المخرجة تهمينة ميلاني، لذلك كان شريطي الجديد "الجانب المخفي" ثمرة تعاون وتفاهم نشأ معها حين عملنا في شريط "امرأتان".