توقع وزير الري السوري السيد طه الأطرش، في حديث أجرته معه "الحياة" في الدوحة، حيث شارك في "مؤتمر المياه الخليجي الخامس"، ان تدعم القمة العربية سعي دمشق وبغداد إلى توقيع اتفاق نهائي مع تركيا لتوزيع مياه دجلة والفرات بين الدول الثلاث. قال وزير الري السوري ان بلاده دعت "الاخوة الأتراك إلى الاجتماع للتوصل إلى نتيجة لتقسيم المياه، وكلنا أمل" في تحقيق ذلك، لافتاً إلى وجود "اتجاه ايجابي جديد من جانب تركيا يتميز عما كان سائداً في علاقاتها مع دمشق في الأعوام الماضية". لكنه أشار إلى أن تركيا لم ترد حتى الآن على الدعوة السورية. وكشف ان تشريعاً جديداً في سورية سينظم التعامل مع الثروة المائية ويفرض غرامات على هدر المياه. وفي ما يأتي المقابلة: هل تعد مشاركتك في مؤتمر المياه الخليجي مؤشراً إلى تعاون سوري - خليجي في هذا المجال؟ - مشاركتي لها أكثر من سبب، اذ أنها تلبية لدعوة من وزير الشؤون البلدية والزراعة القطري السيد علي الخاطر، كما أن لي رغبة في المشاركة، إذ انني مهندس أعمل في مجال المياه منذ ما يزيد على 35 عاماً وأريد أن أعرف الوضع المائي في الخليج، وكيف يفكرون لحل هذه المعضلة. والسبب الثاني لمشاركتي اننا في سورية نخطط لخطوات معينة لتقويم لاستغلال المياه الجوفية، وبدأنا نضخ منها لتنمية الزراعة وزيادة الدخل الفردي والقومي. وكان لذلك تأثير، اذ أصبح هناك استقراض من المياه الجوفية. وفي الخليج لديهم القضية نفسها. ما نسبة العجز في المياه في سورية حالياً؟ - العجز المائي بلغ نتيجة سنوات الجفاف الخمس المتتالية نحو 4 بلايين متر مكعب سنوياً، ويتم استقراضها من المياه المجمعة في باطن الأرض بهدف الحفاظ على المساحة المزروعة وتلبية الخدمات الانسانية. لكننا وضعنا خطة لوقف التدهور ووضع حد للاستقراض. وربما يؤدي ذلك إلى تغيير في نهج الحياة الذي نعيشه وأهمه الزراعة. ففي سورية، نستخدم الري التقليدي، وهذا يستهلك كميات كبيرة من المياه. لكن الري الحديث اليوم وهو الري بالتنقيط أو الرش والرشح أو الأساليب الأخرى أظهر من خلال التجربة السورية أنه يمكن أن يستهلك ثلث المياه فقط. وإضافة إلى ذلك، فإن انتاج وحدة الهكتار الواحد أو الدونم يزيد بين 60 و100 في المئة عن الري التقليدي. ومعنى ذلك، اننا حصلنا على نتيجتين، الأولى أنه بكمية المياه نفسها نستطيع زيادة المساحات المروية، وأن نحصل على زيادة في الانتاج. معلوم أن مسألة المياه بين سورية وتركيا تمثل قضية أساسية لدى دمشق، فإلى أين وصلتم في هذا المجال؟ - ثروتنا المائية قسمان: داخلية وواردة إلينا من تركيا، وهذا الموضوع في أخذ ورد منذ سنوات عدة في سبيل الوصول إلى اتفاق نهائي بين الأقطار الثلاثة، سورية وتركياوالعراق. وكان أول اتفاق بين سورية وتركيا عام 1987 عند ملء سد أتاتورك الذي انشئ في الأراضي التركية، وورد فيه أنه اثناء ملء هذا السد وإلى أن يتم الاتفاق في شكل نهائي بين القطرين أو الأقطار الثلاثة معاً، فإن تركيا ستلتزم تمرير ما معدله 500 متر مكعب في الثانية سنوياً. وتمرر هذه الكمية عند نقطة عبور نهر الفرات الى سورية، وقسمت بيننا وبين العراق الشقيق 42 في المئة لسورية و58 في المئة للعراق. ومنذ شهرين جرت محادثات بيننا وبين العراق لتقسيم مياه دجلة حتى تكون أساساً للمفاوضات بيننا وبين تركيا كدول ثلاث، ودعونا الاخوة الأتراك للاجتماع والبحث للوصول الى تقسيم المياه، ونشعر منذ عام ان هناك اتجاهاً ايجابياً في التعامل من طرف تركيا. ونحن في انتظار الجلوس للوصول الى هذا الاتفاق وسيتم هذا إذا وجدنا دعماً من الدول العربية وموقفاً عربياً موحداً، وأتوقع أنه سيصدر عن مؤتمر القمة في عمّان ما يؤيد موقف سورية والعراق ودعوة تركيا لتوقيع اتفاق نهائي. هل حددتم سقفاً زمنياً محدداً للاجتماع؟ - وجهنا الدعوة لكن حتى الآن لم نستلم أي اجابة من الحكومة التركية. هل من تنسيق مع العراق في هذا المجال؟ - يوجد تنسيق سوري - عراقي دائم في هذا الموضوع ونقلنا هذا التنسيق الى تنسيق عربي كامل لدعم موقف البلدين من أجل دفع تركيا الى الاستجابة لهذا المطلب. هل هذا معناه ان لسورية تصوراً محدداً ستطرحه في اجتماع القمة العربية في هذا الشأن وما طبيعة ما ستطرحونه؟ - لا استطيع أن أقول ذلك لكن نستطيع ان نأخذ مؤشراً وهو ان بيان مؤتمر وزراء الخارجية العرب الأخير الذي عقد في القاهرة تمهيداً لمؤتمر القمة وردت فيه فقرة صريحة حول دعوة تركيا للتجاوب مع نداء سورية والعراق للوصول الى اتفاق لتقسيم المياه. وهل تهدد اسرائيل الأمن المائي السوري؟ - اسرائيل تهدد الأمن المائي كله، فهي تنهب الآن جميع المياه في الهضبة السورية الجولان وتنهب كل ما تستطيع من المياه اللبنانية وتسيطر على كل مياه الضفة الغربية ولا تعطي الفلسطينيين إلا القليل جداً. ما أبرز مشاريع المياه في سورية حالياً؟ - الشغل الشاغل لسورية الآن هو حماية المصادر المائية وتطويرها وادارة هذه المصادر واستغلال المياه بشكل أمثل سواء في الزراعة أو النشاطات الانسانية الأخرى، وصدر عدد من القرارات في هذا الصدد، وينص التشريع المائي الموجود في البرلمان على ادخال طرق الري الحديث في جميع المشاريع. هل سيصدر هذا التشريع قريباً؟ - أخذ التشريع حقه من النقاش وهو ينظم التعامل مع الثروة المائية الوطنية، اذ يجب أن يركب عداد على كل مصدر مائي حتى ليس لجباية الرسوم ولكن لحصر كمية المياه في كل وحدة مساحة، وهذا يتضمنه التشريع الجديد والقرارات التي صدرت. وفي حال وجود مخالفة أي زيادة المساحة المعطاة للشخص أو في حال استهلاكه كمية أكبر من المياه سيغرّم بمبالغ مالية. كذلك نعمل على اعادة تأهيل مشاريع الري القديم. هل هناك خطة للتعاون مع قطر في مجال المياه؟ - اذا عرفنا كيف تتصرف قطر وكيف تفكر وأبلغناهم كيف نفكر نحن فهذه هي نقطة البداية.