} أبلغ البابا شنوده الثالث إلى وفد لجنة الحريات الدينية في الكونغرس الاميركي رفض أقباط مصر أي تدخلات أجنبية في الشؤون الداخلية المصرية، مؤكداً خلال لقائه أعضاء الوفد أمس، قدرة المصريين على حل خلافاتهم ومشاكلهم في إطار القانون. ووجه مثقفون مصريون انتقادات حادة للمواقف الاميركية خلال اجتماع مغلق مع الوفد. كان أمس يوم اللقاءات المكثفة والعاصفة لوفد لجنة الحريات الدينية في الكونغرس الاميركي الذي يزور القاهرة. والتقى أعضاء الوفد البابا شنوده الثالث واجتمع مع مثقفين مصريين قرروا كسر جدار المقاطعة للرد على اتهامات "اضطهاد الاقباط في مصر". وزار أديرة قبطية وكنيس يهودية في العاصمة المصرية. وأكد البابا شنوده خلال لقائه الوفد على أن مصر "لا تعرف الاضطهاد الطائفي أو الديني"، لافتاً الى أن "القيادة السياسية حريصة على عدم التفرقة بين أفراد الشعب المصري أو طوائفه الدينية، وتتدخل في شكل مباشر لحل أي مشاكل تنشأ أو خلافات تدب". وشهد اللقاء، الذي لم يصدر عنه بيان رسمي، تأكيد المرجعية الدينية القبطية لرفض التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية والتحذير من أن "هذه التدخلات ستزيد تعقيد المشاكل التي يتم حلها، في حال حدوثها، عبر الاتصالات المباشرة والاستجابة السريعة". وقالت مصادر قبطية ل"الحياة" إن "موافقة البابا على اللقاء والوفد الاميركي تمت لعرض الحقائق كاملة على أعضائه بعيداً عن أي اشاعات أو أنباء غير حقيقية تصلهم عبر وسائل إعلام أو بيانات غير دقيقة". وفي أول رد رسمي على زيارة الوفد الاميركي إلى القاهرة نقلت "وكالة أنباء الشرق الأوسط" عن مستشار الرئيس المصري للشؤون السياسية الدكتور اسامة الباز، الذي يزور واشنطن حالياً للإعداد لزيارة الرئيس حسني مبارك، أن "مصر لم ولن تستقبل لجاناً أجنبية للتحقيق في أوضاع الحريات الدينية"، وفي رده على سؤال عن طبيعة مهمة الوفد الموجود في القاهرة، قال "إذا كانت هناك فئات معينة لديها معلومات مغلوطة فلا يضر الاطلاع على الحقيقة وهذا الاطلاع لا يعني التحقيق"، مشدداً على أن "أحداً لا يستطيع الادعاء بوجود اضطهاد في مصر أو أي شيء من هذا القبيل". وانعكس الحصار الشديد الذي واجهه الوفد في القاهرة بمقاطعة الفاعليات الاهلية والسياسية والمنظمات الحقوقية لأنشطته على اجتماع مغلق عقد عصر أمس في منزل الوزير المفوض في السفارة الاميركية للشؤون السياسية والاقتصادية في القاهرة حضره رئيس تحرير صحيفة "وطني" القبطية السيد يوسف سيدهم والحقوقي البارز السيد هشام قاسم، وقاطعه بقية الشخصيات التي دعيت اليه. وكان من المقرر أن يناقش الاجتماع مواضيع "الاقليات والاقباط واضطهاد الإخوان المسلمين في مصر وأوضاع حقوق الانسان والحريات الدينية في البلاد". وعلم أن الجانب الاميركي أبدى خلال اللقاء ضيقاً شديداً من مقاطعة الفاعليات المصرية لأنشطته وتأثيرها على أهداف زيارته القاهرة، وشدد اعضاؤه على عدم وجود علاقة بين موعد وصولهم القاهرة وزيارة الرئيس حسني مبارك الى واشنطن، مؤكدين رغبتهم في الاستماع الى وجهات النظر المختلفة. وتناول اللقاء تساؤلات من الوفد الاميركي ركزت على الرغبة في معرفة الموقف من فكرة "الحصص" ومنح الاقباط نسبة محددة في النشاطات السياسية وهي التي يطرحها أقباط المهجر، كما طلب الوفد توضيحات عن أحكام قضية الكُشح، وتطرق اللقاء الى مدى خطورة جماعة "الإخوان المسلمين" وتأثير وصولهم الحكم على حقوق الاقباط. وحذر قاسم وسيدهم الوفد الاميركي من التدخل في الشأن القبطي المصري حيث أوضح الحقوقي المصري أن "أية توصيات أو تدخلات في هذا الشأن ستؤدي الى الإضرار بالقضية وبالعلاقات بين المسلمين والاقباط"، فيما لفت رئيس تحرير صحيفة "وطني" الى حدوث تحسن تدريجي في اتجاه تعديل بعض المناهج الدراسية لتصحيح الاوضاع، وتدريس الدور الوطني للأقباط في تاريخ مصر. وركز لقاء الوفد الاميركي مع النائب العام المستشار ماهر عبدالواحد على مواضيع تتعلق بأحكام قضية الكُشح وتبرئة كل المتهمين في قضية مقتل 21 مواطناً منهم عشرون قبطياً. وقالت مصادر قريبة الى مكتب النائب العام ل"الحياة": "إن الردود المصرية كانت قاطعة، فالقضاء المصري يتمتع باستقلالية كاملة تحت حماية دستورية والقاضي يتمتع بحق تقدير العقوبة، والنيابة العامة طعنت في الحكم حينما تبين وجود ثغرات في بعض جوانبه. ومحكمة النقض، أعلى سلطة قضائية في مصر، ستفصل في الخلاف بين النيابة العامة والمحكمة". ومن المقرر أن يلتقي الوفد غداً شيخ الازهر الدكتور محمد سيد طنطاوي كما سيلتقي وزير الاوقاف الدكتور محمود حمدي زقزوق قبل انتهاء زيارته للقاهرة التي استغرقت اربعة أيام في اطار جولة للمنطقة يزور خلالها، الى جانب مصر، السعودية وأراضي الحكم الذاتي الفلسطيني واسرائيل.