واشنطن - رويترز - كان الرئيس الاميركي جورج بوش يأمل في خروج سريع للولايات المتحدة من البلقان، ولكن انتشار القتال في مقدونيا سبب تعقيدات، قد تطيل الدور الاميركي وربما مهمة حلف شمال الاطلسي في المنطقة. وكما حدث للرئيسين السابقين جورج بوش الاب ثم بيل كلينتون، قد يجد الرئيس الاميركي انه من الصعب الخروج من البلقان، خصوصاً أن الهجمات التي يشنها المقاتلون الالبان على مقدونيا، تثير مخاوف من اندلاع حرب اقليمية. وقال خبير في شؤون البلقان: "أعتقد ان الادارة الاميركية لا تريد أن تسمع كلمة عن البلقان. ولكن تجاهل المنطقة هو أقصر الطرق الى كارثة، واذا استمر الصراع لن ينفع الندم، يجب وقفه الآن". ويتفق كثيرون مع هذا الرأي بعد الدرس الذي تعلمته الولاياتالمتحدة وأوروبا في التسعينات عندما "تجمعت السحب" فوق البوسنة وكوسوفو ايذاناً ب"هبوب العاصفة"، ولكنهما لم يتحركا الا بعد ان تفاقم الموقف الى درجة هددت الحلف والاستقرار في أوروبا. وقال دانييل سيروير المسؤول السابق في وزارة الخارجية الاميركية والرئيس الحالي لبرنامج السلام في البلقان ان "مقدونيا بمثابة محور العجلة في البلقان، اذا انهارت يمكن ان تحصل فوضى كبيرة". وأعرب مسؤولون في ادارة بوش عن قلقهم العميق من التمرد الالباني في مقدونيا الذي تأجج في الاسبوع الماضي. ووصف الناطق باسم وزارة الدفاع الاميركية الاميرال كريغ كويغلي المتمردين بأنهم متطرفون ومتهورون. والى الآن، لا توجد مؤشرات الى أن واشنطن ستستجيب لطلب القيادة العسكرية للاطلسي أن ترسل الدول الاعضاء فيه قوات اضافية الى كوسوفو الاقليم الصربي الذي أنقذه الحلف من براثن الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان مليوشيفيتش، وذلك لمكافحة الالبان الذين ينطلقون منه الى مقدونيا. وقبل توليه اعرب بوش وكبار مساعديه عن معارضتهم لارسال قوات أميركية الى الخارج، وأوضحوا ان الادارة الجديدة تريد خفض الوجود العسكري الاميركي في البلقان حيث تتحمل أوروبا العبء الاكبر. ورداً على سؤال عما اذا كان تفاقم الصراع في مقدونيا يغير من هذه السياسة، اجاب الناطق باسم البيت الابيض آري فليشر: "الوضع في مقدونيا لم يغير من موقف الرئيس". وفي الشهر الماضي، زاد عدد القوات الاميركية على الحدود بين كوسوفو ومقدونيا الى 300 جندي، كما تم تعزيز قوات الحلف بوحدات اضافية. ويوجد حوالى 400 جندي أمريكي في مقدونيا ولكن غالبيتهم افراد وحدات اعاشة لتموين القوات الاميركية في كوسوفو. وبالاضافة الى التنديد بالمقاتلين الالبان فإن واشنطن أكدت التزامها حماية وحدة أراضي مقدونيا الجمهورية اليوغوسلافية السابقة التي تواجه ديموقراطيتها الوليدة خطراً. وقال مسؤولون في واشنطن انهم يبحثون في دعم مقدونيا بمعونات مدنية وعسكرية عن طريق الحلف. وينتظر ان تشمل المساعدات معدات عسكرية وتدريبات وتبادل المعلومات. والهدف منها تمكين مقدونيا من الاعتماد على جيشها وشرطتها في التصدي للمتمردين، غير أن خبراء يقولون ان هذه الوحدات التي تنقصها الخبرة قد لا تستطيع القيام بهذه المهمة. وقال محلل: "حلف شمال الاطلسي يستطيع انهاء التمرد في ساعات قليلة ولكن لا توجد رغبة في ذلك". وفي واشنطن، طالب أعضاء بارزون في مجلس الشيوخ في جلسات استماع علنية، ان تتخذ الحكومة موقفاً أكثر حزماً ضد المتمردين. وقال جوزيف بيدن السناتور الديموقراطي البارز من ديلاوير وعضو لجنة الشؤون الخارجية، ان الادارة الاميركية تعمل على التسويف و"لا اعتقد انكم تواجهون الموقف بأسلوب قوي".