أكد مسؤولون اميركيون وأوروبيون ان تدخلاً عسكرياً دولياً لن يتم في اقليم كوسوفو، الا بموجب اتفاق للحل السلمي وموافقة بلغراد على هذا الانتشار. ووصفت مصادر ديبلوماسية ذلك بأنه تراجع عن التهديدات السابقة، بسبب ضغط الرأي العام الأميركي والأوروبي الذي لا يرى مصلحةفي "الخوض في مستنقع البلقان". في غضون ذلك، أكد رئيس جمهورية صربيا رفضه مشروع التسوية السلمية المقترح لحل مشكلة كوسوفو، واصفاً إياه بأنه نسخة من الموقف الاميركي المنحاز الى جانب الألبان ويتعارض مع سيادة الدولة اليوغوسلافية ووحدة أراضيها، فيما اعترف الوسيط الاميركي كريستوفر هيل بعمق الخلافات مع بلغراد. من جهة أخرى، ذكرت مصادر منظمات اللاجئين ان أكثر من ثلاثة آلاف الباني نزحوا خلال الأيام الأربعة الأخيرة الى مقدونيا إثر القصف المدفعي الصربي الذي تعرضت له قراهم، في المناطق الجنوبية الشرقية من اقليم كوسوفو. وأشارت هذه المصادر الى ان آلافاً آخرين من الألبان ظلوا مشردين في جبال الاقليم المتاخمة للحدود مع مقدونيا اثر الاجراءات المشددة التي اتخذتها السلطات المقدونية لإغلاق حدودها ومنع استمرار تدفق اللاجئين الألبان. ويذكر ان حركة الانتقال الاعتيادية عن طريق المعابر الحدودية بين كوسوفو ومقدونيا توقفت وان الصحف الالبانية التي تصدر في بريشتينا لم تصل الى سكوبيا منذ ايام . واستمرت الاشتباكات العنيفة في أنحاء متفرقة من اقليم كوسوفو بين القوات الصربية والمقاتلين الألبان. وسمعت في المناطق الحدودية المقدونية أصوات انفجارات القنابل في القرى الألبانية في الإقليم القريبة من الحدود. وأشار مراقبون الى ان انتشار القوات الصربية بالقرب من الحدود مع مقدونيا يؤكد تصميم بلغراد على مقاومة أي تدخل عسكري أجنبي من الأراضي المقدونية في كوسوفو، خصوصاً وان طائرات مقاتلة يوغوسلافية وصلت الى المطارات العسكرية في الاقليم. من جهة أخرى، أعلن وزير الدفاع الاميركي وليام كوهين ان أي "نوع من الترتيبات" بين المتصارعين في أزمة كوسوفو تتم تحت الضغط الدولي قد تفشل. وقال أمام لجنة الموازنة في مجلس الشيوخ الاميركي: "علينا ان نعير انتباهاً كبيراً الى كون الأطراف نفسها قبلت حلاً سلمياً بدل ان نرغمها على التوصل الى نوع من ترتيبات ستنهار وتعرض المجندين الاميركيين الى الخطر". أما رئس أركان الجيوش الاميركية الجنرال هنري شيلتون فقال في بيان نشر في مجلس الشيوخ ان "القوات الأميركية على استعداد للمشاركة في قوة استقرار تابعة للحلف الاطلسي في كوسوفو في حال وقعت الأطراف المتخاصمة اتفاقاً سياسياً شاملاً وتعهدت بوضع حد للاعمال الحربية". واعرب وزير الدفاع البريطاني جورج روبرتسون عن قلقه الشديد "من تزايد العمليات العسكرية في كوسوفو". وجاء ذلك اثناء وجوده في مقدونيا لتفقد الوحدات البريطانية في قوة التدخل السريع التي أبلغ افرادها أنهم "لن يشاركوا في فعاليات عسكرية في كوسوفو وان وجودهم في مقدونيا يدخل ضمن التهديدات الموجهة الى بلغراد". ومن جانبه، قال قائد الوحدات البريطانية في قوة التدخل السريع التابعة لحلف الاطلسي الجنرال مايك جاكسون: "ان القوات الاطلسية لن تدخل اقليم كوسوفو الا بعد موافقة بلغراد". وأوضح ان هذا الموقف "يمثل رأي كل الدول الاعضاء في الحلف الاطلسي". على صعيد آخر صرح رئيس جمهورية صربيا ميلان ميلوتينوفيتش بعد اجتماعه في بلغراد مع الوسيط الاميركي كريستوفر هيل ان بلاده "ترفض مشروع السلام في كوسوفو في شكله الحالي لأنه يتناقض مع سيادة الدولة اليوغوسلافية ووحدة أراضيها". وانتقد ميلوتينوفيتش بشدة الموقف الاميركي الذي وصفه "بالانحياز الى ألبان كوسوفو ويمثل خطط التسوية السلمية المطروحة". وأعلن الوسيط الاميركي هيل خلال مؤتمر صحافي عقده في بلغراد ان "خلافات كبيرة لا تزال قائمة بين الوسطاء الدوليين والسلطات اليوغوسلافية في شأن تطبيق اتفاق سلام محتمل في كوسوفو".