} اشتدت المعارك في ضواحي مدينة "تيتوفو" أمس، وسقطت قذائف عند مداخل المدينة، في وقت كان مراسل "الحياة" يتابع الوضع فيها. وأبدى مسؤولون البان تشاؤمهم في التوصل الى حلّ سلمي فيما اتهمتهم سكوبيا بالسعي للسيطرة على غرب مقدونيا. اقفل السكان حوانيتهم وخلت شوارع مدينة تيتوفو بعد ظهر أمس، عندما تبادلت القوات المقدونية ومجموعات المقاتلين الالبان قذائف مدافع الهاون ونيران الأسلحة الرشاشة التي سقط بعض رصاصها داخل المدينة، بعد هدوء نسبي استمر ساعات عدة. وتركز قصف القوات المقدونية على مرتفع كالا 5.1 كلم عن وسط المدينة في شمالها الغربي المطل على تيتوفو والذي يسيطر المسلحون الالبان عليه. وتصاعدت سحب الدخان منه، فيما اصابت قذيفة اطلقها المقاتلون الالبان برجاً لنقل الطاقة الكهربائية عند المدخل الغربي للمدينة، ما أدى الى انقطاع التيار الكهربائي عن الكثير من الأحياء. وساد شعور عام في تيتوفو، بأن هذا التصعيد سببته القوات المقدونية، وذلك تنفيذاً لما أعلنه الرئيس المقدوني بوريس ترايكوفسكي قبل ذلك بساعات عدة، في شأن تصميم السلطات المقدونية على "سحق المقاتلين الألبان". وأضاف ترايكوفسكي ان القوات المقدونية "لن تستلم، وسيتم عزل الارهابيين عسكرياً وسياسياً... ولا حوار معهم". وكان الناطق باسم وزارة الداخلية المقدونية ستيفو بينداروفسكي افاد في مؤتمر صحافي في سكوبيا أمس، أن المقاتلين "عززوا وجودهم بحوالى 200 مسلح من كوسوفو وأصبحوا يشكلون آلافاً عدة". وأعرب عن اعتقاده بأنهم "يتهيأون لمحاولة السيطرة على عدد من المدن الغربية، وربما تكون تيتوفو من بينها". لكن مصدراً سياسياً البانياً في تيتوفو، آثر عدم ذكر اسمه، أكد ل"الحياة" ان السلطات بادعاءاتها التي تقحم البان كوسوفو في مشاكل مقدونيا "تريد الايهام بأن ما يحدث هو عدوان خارجي". وأضاف انه بحسب معلوماته المؤكدة فان "كل المقاتلين في منطقة تيتوفو، هم من البان مقدونيا، وقد يكونون حصلوا على بعض أسلحتهم من كوسوفو، ولكن من دون مقاتلين". وأشار الى ان البان مقدونيا يزيد عددهم عن النصف مليون شخص "وليسوا في حاجة الى من يساعدهم بمقاتلين من الخارج، اذا ارادوا القيام بعمل عسكري". والى ذلك، أبلغ الزعيم الألباني اربن جعفيري "الحياة" ان حزبه الذي يرأسه "الديموقراطي الالباني" المشارك في الائتلاف الحكومي، لا علاقة له بالمسلحين، وانه يريد حلاً سلمياً. وقال انه التقى المسؤولين الحكوميين وقادة المعارضة المقدونية، اضافة الى الكثير من سفراء الدول الغربية. وأوضح لهم "ضرورة العمل المشترك مع السياسيين الألبان، بعيداً عن استخدام القوة الذي سيزيد الأمور تعقيداً". وأكد ان الوضع يزداد صعوبة، وأعرب عن مخاوفه من انفلات زمام الأمور "بسبب خيار استخدام القوة الذي بدا عند الكثير من كبار المسؤولين الحكوميين". ونفى المعلومات التي ترددت عن أن حزبه ينوي الانسحاب من الائتلاف الحكومي، موضحاً ان "التعاون هو السبيل الصحيح في هذ الوقت الحرج، وانه وافق على ان يقوم نائب رئيس الحكومة بدرالدين ابراهيمي قيادي في الحزب الديموقراطي الألباني بمتابعة هذه القضية مع وزيرة الداخلية دوستا ديموفسكا". وأعرب جعفيري عن استعداده وحزبه للتعاون مع السلطات المقدونية والمجتمع الدولي من اجل حل المشكلة بالوسائل السلمية "لأن ذلك هو لمصلحة الدولة المقدونية وضمان لحقوق الشعبين المقدوني والألباني". لكنه أكد على ان المشكلة نتجت عن أسباب مقدونية بحتة، موضحاً انه "لا توجد مصاعب لا يمكن تذليلها، الاّ انه ينبغي ان يتم ذلك بسرعة وقبل فوات الآوان". ومن جانبه، ابلغ مدير المستشفى المركزي في تيتوفو الدكتور رايم ثاتشي وهو الباني "الحياة" انه نقل الى المستشفى منذ بدء القتال الأربعاء الماضي، قتيل واحد و22 جريحاً من العسكريين المقدونيين والمدنيين الألبان. وأشار الى اعتقاده بأن هناك قتلى وجرحى آخرين من العسكريين "نقلوا مباشرة الى مستشفيات عسكرية في سكوبيا". وأكد انه لم ينقل الى المستشفى اي شخص من المقاتلين الألبان. وأبلغ رئيس الشرطة في تيتوفو روسي رمضاني وهو الباني الصحافيين انه يحذر من نشر عناصره في الشوارع، كي لا يثير ذلك مشاكل وردود فعل من السكان، مشيراً الى ان وجود الشرطة يقتصر على محيط عدد من المؤسسات الحكومية. ويتجنب السكان في تيتوفو الذين يبدو التوتر عليهم التحدث مع الصحافيين عن "الحركة المسلحة الألبانية". وينزعجون كثيراً عندما يسمعون احداً يطلق وصف "الارهابيين" على مقاتليها. وقبل تصاعد القتال صباحاً، بدت محال المواد الغذاىية تعمل بصورة طبيعية، ولم تلاحظ "الحياة" اي نقص في الخبز ومشتقات الحليب واللحوم والطحين والسكر ودهون الطعام وغير ذلك. وفي الضواحي الشمالية الغربية من تيتوفو رصدت "الحياة" تجمعات للجنود والشرطة المقدونيين بسياراتهم المصفحة، وهم يمنعون من التقدم نحو خطوط الجبهة، كما انهم يرفضون اعطاء أي معلومات عن الوضع.