قال آرييل شارون بعد انتخابه رئيساً لوزراء اسرائيل انه كان يتمنى لو أن زوجته ليلي، التي توفيت السنة الماضية، كانت حيّة لتقف الى جانبه. وقرأت ان عينيه دمعتا وهو يتحدث عن زوجته الراحلة. هل لنا أن نصدق ان قاتل الجنود الأسرى والنساء والأطفال انسان كسائر البشر يتأثر ويبكي؟ شارون شكى مرة من محاولة تجريده من انسانيته حتى ليبدو وكأنه يأكل أطفال العرب، وسواء أكلهم على الغداء أو العشاء، فالاشارة رمزية. وقد تذكرت وأنا أتابع كلامه على زوجته الراحلة ولد له ثلاثة أولاد توفي أحدهم، غور، في حادث اطلاق نار وهو في الحادية عشرة انني قرأت قبل ذلك انه كان متزوجاً من اختها مارغليت، وهذه توفيت في حادث سيارة. وأحاول أن أتأكد من معلومات، أو اشاعات، عن ان مارغليت اكتشفت ان زوجها على علاقة بأختها، وان الحادث الذي ماتت فيه ربما كان انتحاراً. اذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة حكومته كلها الرقص. ولو اقتصر الأمر على الرقص لهانت، إلا اننا أمام تطرف وعنصرية وحقارة شخصية. وأريد اليوم ان انتقل من شارون الى بعض وزرائه. افيغدور ليبرمان، من حزب المهاجرين الروس الصغير "اسرائيل بيتنا"، هو وزير البنية التحتية، وهو منصب شغله شارون يوماً. ليبرمان هذا في الثانية والأربعين هاجر الى اسرائيل من روسيا سنة 1979 ليدعي أرضاً أهلها فيها منذ ألوف السنوات. وهو برز في البداية ككبير الموظفين عند بنيامين نتانياهو الذي سبق بيل كلينتون الى الفضائح المالية والجنسية. ولا يزال ليبرمان يعتبر حصان طروادة لرئيس الوزراء السابق في الحكومة الحالية. ويعرف القارئ ان ليبرمان دعا الى ضرب طهران وتدمير السد العالي. غير ان القارئ ربما كان لا يعرف ان ليبرمان الذي بدأ حياته حارساً في ناد ليلي سيحاكم بتهمة ضرب ثلاثة أطفال صغار شكا ابنه من أنهم ضربوه، فطاردهم في الشارع ورماهم بالحجارة، وجرّ أحدهم في الطريق. وقد رفعت الحصانة النيابية عنه تمهيداً لمحاكمته. هناك أيضاً رحبعام زئيفي وزير السياحة، وهو من حزب الاتحاد القومي الصغير الذي يطالب بتسفير الفلسطينيين من بلادهم لإفساح المجال للأجانب مثله. وهو وصف ايهود باراك يوماً بأنه مجنون، وأبو عمار بأنه أفعى، وجورج بوش الأب بأنه "لا ساميّ"، ودعا الى ضرب الفلسطينيين الى أن "يزحفوا على أيديهم وأرجلهم" ليطلبوا وقف اطلاق النار. وفي حين تبدو وزارة السياحة "بسيطة" فإنها ليست كذلك، وأتوقع شخصياً مشكلات هائلة مع الأوقاف الاسلامية في الحرم الشريف وخارجه فوراً، لأن الوزارة هذه مسؤولة عن الآثار. وكان عضو العمل يوسي بيلين قال يوماً انه لا يمكن أن يجلس في حكومة واحدة مع أمثال ليبرمان وزئيفي. ثم سمعت وزير السياحة الأردني الصديق عقل بلتاجي يتساءل كيف يمكن أن يجالس وزيراً مثل زئيفي. واذا كان بيلين لا يجالسه فأخونا عقل معذور قطعاً. وقد كرر الموقف نفسه المشاركون في المؤتمر الدولي للسياحة في برلين الاسبوع الماضي، وقالوا ان زئيفي سيكون كارثة على السياحة في المنطقة. مع هذا وذاك أسجل اسم تساهي هانغبي وزير البيئة، وهو من ليكود وقد سبق أن عمل وزيراً للعدل مع نتانياهو، وبقي متهماً في قضية رشوة أسقطها المدعي العام عنه يوم تعيينه ضمن الحكومة الجديدة. هانغبي بدأ حياته ضمن عصابة في الجامعة العبرية في القدس، فكان يحمل السلسلة المعدنية لدراجة هوائية بسكليت ويطارد الطلاب العرب، لذلك وجد فيه نتانياهو المطلوب لشغل وزارة العدل في حينه. ويقول المدعي العام الياكيم روبنشتاين انه أسقط التهمة لعدم كفاية الأدلة، الا ان هناك من يقول ان المدعي العام يريد أن يعين عضواً في المحكمة العليا، وكان روبنشتاين اسقط التهم ضد نتانياهو وزوجته سارة أيضاً لعدم كفاية الأدلة. غير انني أختتم بعضو عربي في الكنيست هو أيوب قرّا الذي يفضل ان يوصف بأنه "غير يهودي" لا عربي. قرّا هذا درزي من أعضاء ليكود، كنت قرأت في مجلة "الصنارة" الفلسطينية الواسعة الانتشار ترجمة لمقابلة له مع جريدة "يديعوت أخرونوت" طرح نفسه فيها وزيراً في حكومة شارون، وقال ان هذا سيكون خائناً لأمن اسرائيل اذا لم يعينه شارون اختار درزياً آخر من العمل هو صالح طريف وزير دولة معه. وقال قرّا في المقابلة: لا تسمني عربياً... سمني "غير يهودي"، كلمة عربي تحتوي على مدلول الضد... عندما أنشد النشيد الوطني فأنا أشعر مثل أي يهودي آخر... عربي هو النقيض لليهودي. عربي هو واحد لا يقبل بالقانون. بما انني خدمت في جيش الدفاع الاسرائيلي فقد خرجت من تعريف العربي... لن أقول شيئاً في أيوب قرّا لأن "يديعوت أخرونوت" نفسها كفتني مؤونة البحث، فقد نشرت بعد المقابلة معه خبراً مفصلاً جاء فيه أن قرّا متهم باغتصاب مساعدة سابقة له رفعت عليه قضية، وقدمت وثائق تشمل مفتاح غرفة في أحد فنادق القدس حيث تزعم ان حادث الاغتصاب جرى، وسبقته محاولات عدة للتحرش الجنسي. وفي حين ينكر قرّا التهمة فإن شرطة القدس ماضية في التحقيق، ولا نقول سوى أن رجلاً هذه مواصفاته كان يستحق فعلاً الانضمام الى حكومة القتلة واللصوص والمرتشين، وهو يقول انه "غير عربي" ونحن نؤيده.