شهرة لاندروفر في ميدان سيارات الدفع الرباعي وتصاميمها العصرية والعملانية، والتعديلات التي طاولت طراز فريلاندر الصغير... عوامل تضع هذه السيارة على رأس لائحة المنافسة، خصوصاً أن فريلاندر تسجل، منذ تقديمها الأول عام 1998، نجاحات متتالية مكنتها من احتلال مراكز الصدارة لمبيعات فئتها في أوروبا. فكيف إذا توافر للاندروفر محرك جديد من 6 أسطوانات مربوط الى علبة تروس أوتوماتيكية تعاقبية؟ شهد النصف الأول من التسعينات بروز فئة جديدة من السيارات هي تلك ذات الدفع الرباعي الصغيرة، أي الفئة التي تضم سيارات مثل تويوتا راف 4 وسوزوكي فيتارا وغراند فيتارا وهوندا سي آر في واتش آر في ونيسان تيرانو 2 واكس تيرا ولاندروفر فريلاندر وغيرها. ولاقت هذه الفئة استحسانا عالياً لدى المستهلك في مختلف بقاع الأرض، خصوصاً أنها تتميز، في الدرجة الأولى، بحجمها الخارجي الصغير نسبياً وبمقصورة ركاب فسيحة نوعاً ما، مع صندوق أمتعة بقدرة تحميل مقبولة، إضافةً الى أنها تُزود عادةً محركات ذات تأدية جيدة مع استهلاك متدن من الوقود، وانها من السيارات المثالية للمدن المزدحمة، وهي تراعي من ناحية أخرى "الموضة" الجديدة في عالم صناعة السيارات، أي "موضة" سيارات الدفع الرباعي. وهذه الفئة قادرة أيضاً على عبور مختلف أنواع الطرق، ومبنية على المبادئ نفسها التي تخضع لها السيارات السياحية، ما يجعلها من السيارات التي تتمتع براحة تعليق عالية، لتصبح بذلك مفضلة لدى معظم أنواع السائقين ومنهم أيضاً... الجنس اللطيف. ولاندروفر التي كان سلاحها في هذا الميدان، أي فريلاندر، من انجح سيارات هذه الفئة، وجدت أن الوقت حان لتقديم هذا الطراز بحلة جديدة ليتناسب وتطورات الألفية الجديدة من ناحية وليبقى من ناحية أخرى في موقع المنافسة، خصوصاً أن مستخدميه كان لهم مأخذان عليه: عدم توافره إلا بمحرك من 4 أسطوانات متتالية، سعة 1.8 ليتر وقوة 120 حصاناً، وتجهيزه بعلبة تروس يدوية، وبالتالي غياب النسخة الأوتوماتيكية منه. أما اليوم، فقررت الشركة البريطانية التي باتت في عهدة فورد موتور كومباني الأميركية أن تقدم فئة جديدة من فريلاندر مع محرك من 6 أسطوانات على شكل 7، سعة 2.5 ليتر، يمكنه توليد قدرة 177 حصاناً تنتقل الى العجلات الأربع في شكل مستمر بالتعاون مع علبة تروس أوتوماتيكية تعاقبية من خمس نسب أمامية متزامنة. المحافظة على الشكل الخارجي يوم قررت لاندروفر تقديم الجيل الجديد من سيارتها المتوسطة ديسكفري، أجرت دراسات طاولت مستهلكي سياراتها لمعرفة رغباتهم، خصوصاً أن زبائنها معروفون بإخلاصهم للماركة. وهذا هو بالضبط ما فعلته الشركة البريطانية الأعرق على ساحة سيارات الدفع الرباعي قبل البدء بالعمل على فريلاندر الجديد. فقد أظهرت نتائج الدراسات الخاصة بفريلاندر أن مستهلكيه، في غالبيتهم، يحبون تصميمه الخارجي الأخاذ. من هنا صدر القرار بعدم مسه، لتنحصر التعديلات الخارجية بعنصرين هما: مصابيح الالتفاف الأمامية التي تخلت عن اللون البرتقالي لمصلحة اللون الأبيض، والصادم الأمامي الذي كبر حجمه بلاستيعاب المحرك الجديد ومكونات التبريد الخاصة به. وباستثناء ذلك، وفرت لاندروفر عجلات معدناً جديدة التصميم مع مجموعة جديدة من الألوان الخارجية. مراعاة تامة لعوامل السلامة التصميم الأخاذ لفريلاندر الجديد لم يمنع قسم التصميم من التركيز على عوامل السلامة العامة فيه، خصوصاً أنه معد أصلاً لمواجهة صعاب الطبيعة، أي القيادة على الدروب الوعرة وفي الصحارى الملأى بالفخاخ. لذلك عُدِّل تصميم البنية التحتية لمقدمه من خلال الاستعمال الكثيف للألواح الفولاذ المعالجة. وزود فريلاندر مناطق هشة في المقدم والمؤخر مهمتها التشوه في حال حصول اصطدام مباشر، بهدف امتصاص قوة الصدمة وإبعادها عن مقصورة القيادة التي دعمت جوانبها بقضبان معدن مدمجة بالأبواب، مهمتها توفير الحماية الجانبية لركاب المقصورة. من ناحية أخرى، عملت الشركة على تحسين أنظمة الشد التدريجي المسبق لعمل أحزمة الأمان، ورفعت سعة أكياس الهواء الأمامية من 45 ليتراً الى 60، لكيس الهواء المخصص للسائق، ومن 120 الى 150 للكيس الخاص بالراكب الى جانب السائق. من جهة أخرى، اعتمدت نظام بوش الإلكتروني الخاص بتوصيل المعلومات بسرعة نصف مليون معلومة في الثانية للربط بين مختلف تجهيزات السيارة الإلكترونية، شأن أجهزة التحكم بالمحرك والتماسك ومنع انغلاق المكابح وعلبة التروس التعاقبية وغيرها. أما في ما يتعلق بالسلامة النشطة أجهزة تجنب الحوادث، فبدأت بجهاز المكابح الذي زيد قطر أسطواناته الأمامية وطبلاته الخلفية وزود قياسياً جهازاً لمنع انغلاقه أيه بي أس. ولم تقف التجهيزات الإلكترونية القياسية عند هذه الحدود، بل شملت أيضاً نظاماً إلكترونيا للتحكم بقوة الكبح على كل إطار إي بي دي وآخر للتحكم بالتماسك العام إي تي سي إضافةً الى جهاز التحكم بنزول الهضبات اتش دي سي. مقصورة محسنة ومترفة بناء فريلاندر الجديد على قاعدة عجلات بطول 2.56 متر، مكنها من التمتع بطول إجمالي بلغ 4.45 متر في مقابل عرض بلغ 1.81 متر وارتفاع وصل الى 1.83 متر. وهذه القياسات مكنته، بفئاته الثلاث ثلاثة أبواب وخمسة ومكشوفة من التحلي بمقصورة ركاب أكبر مما تبدو. فالدراسة والعناية اللتان احيطت بهما هذه المقصورة، مكنتاها من استيعاب خمسة ركاب مع كمية مقبولة من الأمتعة. ويزيد من هذه الراحة، عنصر العملانية المتقدمة الناتج عن العناية التي أولتها لاندروفر لمقصورة الركاب، وبدت جلية من خلال حسن اختيار المواد البلاستيك والجلد المعتمدة في بنائها، ومن خلال التوزيع العملاني لمكوناتها. فلوحة القيادة مثلاً، لم تتسم بالعملانية وحسب، بل وبجمال تصميم بدا من خلال تجويف العدادات الذي ضم عدادات للسرعة ولدوران المحرك ولحرارته ولمستوى الوقود المتبقي في الخزان، واعتمدت خلفية سوداء أضفت على المقصورة طابعاً رياضياً، شأنها لمخارج هواء المكيف الوسطى والجانبية والكونسول الأوسط، وقد صنعت من أفضل أنواع البلاستيك المعالج. واحتل الكونسول وضعية نافرة الى الأمام تسهل وصول يد السائق اليمنى إليه، وتزيد بالتالي من عملانية استعماله. وعلى رغم العملانية المرتفعة في لوحة القيادة، يبقى المأخذ الوحيد متمثلاً في تثبيت مفاتيح تشغيل النوافذ الكهربائية في الكونسول الأوسط مباشرةً الى جانبي مقبض مكبح اليد، ليتطلب الوصول إليها وقتاً للتأقلم مع وضعيتها، في وقت كان في الإمكان تثبيت هذه المفاتيح في بطانة باب السائق. ولا بد من الإشارة الى أن تصميم بطانات الأبواب عملاني جداً، إلا أن موقع مقابض فتح الأبواب في الأماميين منها غير عملاني للسائقين الذين يعتمدون وضعية مقعد قريبة من لوحة القيادة والمقود. ومن جهة أخرى، تبدو وضعية الجلوس في فريلاندر الجديد جيدة جداً، خصوصاً في ظل إمكان تحريك مقعد السائق في كل الاتجاهات، بما فيها الارتفاع، تدعمها الوضعية المرتفعة لباقي المقاعد والمساحات الزجاج الكبيرة المحيطة بالمقصورة من جوانبها الأربعة. كذلك وجهت لاندروفر عناية كبيرة الى التفاصيل الصغيرة التي تسهم في زيادة راحة الاستعمال، شأن تزويد السيارة عدداً من الجيوب المخصصة لتوضيب الحاجات الصغيرة. محرك وعلبة تروس نشطان في حين يعتمد معظم شركات صناعة السيارات عدداً من المحركات لطراز واحد، ارتأت لاندروفر أن تجهز فريلاندر المتوافر بمحرك من 4 أسطوانات متتالية، سعة 1.8 ليتر بقدرة 120 حصاناً ترتبط في عملها الى علبة تروس يدوية من خمس نسب أمامية، بمحرك جديد واحد، اقتناعاً منها بأنه كاف لسد الثغرة في مجموعة فريلاندر. ويعتمد المحرك الجديد المصنوع من الألومنيوم، مبدأ الأسطوانات الست على شكل 7، سعة 2.5 ليتر، وقد زود تقنية الصمامات المتعددة أربع صمامات لكل أسطوانة التي تعمل عبر أربعة أعمدة كامة في الرأس على توليد قدرة تصل الى 177 حصاناً، يستخرج حدها الأقصى عند مستوى 6250 دورة في الدقيقة، ويرافقها عزم دوران تصل حدوده القصوى الى 240 نيوتن متر عند دوران في حدود 4000 دورة في الدقيقة. ويشير التقارب في دوران المحرك بين القوة وعزم الدوران الى مدى عصبية المحرك التي بدت جلية عند تجربة السيارة على الدروب الملتوية، إذ أبدى المحرك تجاوباً مستمراً مع الضغط على دواسة التسارع، تدعمه علبة تروس تعاقبية من خمس نسب أمامية متزامنة، تميزت بنعومة عملها وسلاسة نقلها للنسب وإسهامها في تحسين تأدية السيارة الإجمالية، إضافةً الى إمكان استعمالها علبةَ تروس أوتوماتيكية توفر للسائق راحة استعمال عالية. ويرفع من فاعلية علبة التروس هذه، توافرها ببرنامجين للتشغيل، يحقق الأول قيادة هادئة واستهلاكاً معتدلاً للوقود، في حين يؤمن الثاني تأدية رياضية عبر حجز النسب لغاية وصول المحرك الى دورانه الأقصى المسموح به لكل من هذه النسب. من ناحية أخرى، تتميز علبة التروس عند استعمالها علبةً أوتوماتيكية، بقدرتها على حجز النسب الأولى أو الأولى والثانية أو النسب الأربع الأولى في شكل كلي، ما يرفع من عوامل السلامة العامة في السيارة، خصوصاً على الطرق الوعرة وعند استعمال جهاز التحكم بنزول الهضبات اتش دي سي. تماسك متقدم على كل الطرق أبرز ما يفاجئ سائق فريلاندر الجديد على الطرق المعبدة، تماسكه المتقدم الذي يشعره كأنه خلف مقود سيارة سيدان عادية. والسبب جهاز التعليق المستقل للعجلات الأربع الذي يقوم في الأمام والخلف على مبدأ قائمة ماكفرسون الانضغاطية المدعومة بأذرع مثلثة مع مصاصات صدمات ونوابض معدن حلزونية. أما نظام الدفع الرباعي المستمر الذي ينقل القوة والعزم عبر ترس تفاضلي فيسكوزي، فيعمل تبعاً للزوجة الزيت على توزيع قدرة الدفع بنسبة 60 في المئة الى العجلتين الأماميتين و40 في المئة الى العجلتين الخلفيتين، ويقوي تماسك السيارة، يدعمه جهاز منع انغلاق المكابح أيه بي اس الذي يقوم بدور فاعل عند الكبح المفاجئ في المنعطفات، وجهاز التحكم الإلكتروني بقوة الكبح الواصلة الى كل إطار إي بي دي، الأمر الذي يرفع من نسبة التماسك ويساعد السائق بالتالي في السيطرة على السيارة وإعادتها الى خط سيرها الصحيح في حال انزلاقها. وتبقى نسبة نقل القوة الى العجلات عرضة للتبدل الجزئي تبعاً لمدى تماسك كل إطار مع الطريق. أما عند الانتقال الى الدروب الوعرة، فقيادة فريلاندر تسبب متعة لا توصف، خصوصاً بالنسبة الى السائقين الذين لا يملكون الخبرة الكافية في التعامل مع صعاب الطبيعة، إذ تتدخل الأجهزة الإلكترونية تلقائياً للمساعدة. فقوة المحرك وعزمه المرتفع يسهلان المهمة، وجهاز التحكم بنزول الهضبات جاهز لمساعدة فريلاندر على عبور أكثر الطرق الزلقة انحداراً، في ظل التنسيق الإلكتروني بين مختلف الأجهزة التي ترفع مستوى التماسك أيه بي اس وإي بي دي وإي تي سي. ومن ناحية أخرى، لا يمكن إغفال خلوص السيارة المرتفع الذي يسمح بتجاوز العقبات في سهولة بالغة وبالأخص في طراز الأبواب الثلاثة أقصر من طراز الأبواب الخمسة، ولا يمكن تجاهل دور جهاز المقود الذي يعمل تبعاً لمبدأ الجريدة والبنيون والمجهز بمساعد قياسي والذي لحقت به تطويرات رفعت فاعلية عمله ودقة توجيهه، وأخيراً علبة التروس الأوتوماتيكية المزودة برنامجاً لمراقبة أسلوب القيادة ونوعية الطريق، فتعمل من خلاله على التأقلم لتوفير أفضل تأدية وأدنى استهلاك ممكنين. حسان بشور [email protected]