قطفت شركات النفط الأميركية الست الكبرى ثمرة جهود منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك في تحسين أسعار النفط على حساب إنتاج دولها الأعضاء وعلى رغم زيادة إجمالي مبيعاتها العام الماضي بنسبة لا تتجاوز 33 في المئة إلا أن أرباحها الصافية قفزت بنسبة 130 في المئة وراوحت الزيادات الافرادية لغالبية هذه الشركات بين ضعفين كحد أدنى وثلاثة أضعاف. وكشفت بيانات الأداء التي صدرت في مدى الأيام القليلة الماضية عن عمالقة صناعة النفط الأميركية: "إكسون موبيل" و"شيفرون" و"تكساكو" و"فيليبس بتروليوم" و"توسكو" و"يونوكال" أن الشركات الست رفعت مبيعاتها من 278 بليون دولار عام 1999 إلى 370 بليون دولار مقابل العام الماضي لكن أرباحها قفزت في الفترة نفسها من 12.2 بليون دولار إلى 28.6 بليون دولار. وعزا مسؤولو الشركات سبب ما وصفه المراقبون ب"الأداء المبهر" إلى المستويات المرتفعة التي سجلتها أسعار النفط والغاز الطبيعي حتى الشهر الأخير من العام الماضي علاوة على ارتفاع هوامش الربح في عمليات تكرير النفط بدعم من ضيق مخزونات الغازولين ووقود التدفئة وارتفاع معدلات التشغيل في المصافي الأميركية إلى مستويات تاريخية. وكانت الخفوضات الانتاجية الحادة التي أحدثتها "أوبك" للخروج من أزمة سعرية استمرت زهاء 18 شهراً ساهمت في دفع أسعار خام القياس الأميركي من نحو 11 دولاراً للبرميل في بداية سنة 1999 إلى 25.55 دولار في نهايتها والحفاظ على زخم اندفاعها طوال العام الماضي لتصل إلى الذروة في أيلول سبتمبر عند مستوى 37.20 دولار. وبلغ متوسط أسعار خام القياس الأميركي العام الماضي 32 دولاراً للبرميل مقارنة بنحو 24.50 دولار للبرميل في سنة 1999 بينما تضاعفت أسعار الغاز الطبيعي مرتفعة من 2.5 دولار لكل ألف قدم مكعبة عام 1999 إلى 6.45 دولار في العام الماضي. وترافقت توقعات مسؤولي الشركات مع استعداد إدارة الرئيس جورج بوش لطرح استراتيجية جديدة للطاقة الشهر المقبل تتضمن السماح بالتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في الشريط الساحلي للمحمية الطبيعية في ولاية آلاسكا الذي تُقدر إدارة معلومات الطاقة الأميركية احتياطه بين 5.7 و16 بليون برميل من النفط الخام. وشكلت أسعار النفط وسادة مريحة لشركة "فيليبس بتروليوم" التي رفعت انتاج حقول تملكها من شركة "آركو" في آلاسكا في بداية العام الماضي بنسبة 75 في المئة ليصل انتاجها من هذه الحقول في الفصل الرابع إلى نحو 850 ألف برميل يومياً ويساهم في زيادة أرباحها الصافية لكامل العام بزهاء ثلاثة أضعاف إذ بلغت قيمتها 1.9 بليون دولار مقابل 600 مليون دولار في عام 1999. وحققت "يونوكال" الناشطة أيضاً في عمليات التنقيب والانتاج زيادة أكبر في أرباحها الصافية التي قفزت من 137 مليون دولار عام 1999 إلى 760 مليون دولار العام الماضي وعزت نسبة 260 في المئة من الزيادة المحققة في الأرباح إلى عامل أسعار النفط الخام والغاز الطبيعي إذ أن مبيعاتها تقدمت في الفترة نفسها بنسبة 54 في المئة فقط بعدما ارتفعت من ستة بلايين دولار عام 1999 إلى 9.3 بليون دولار في عام 2000. وبالمقارنة بلغت نسبة الزيادة المحققة في الأرباح الصافية لشركة "توسكو"، أكبر الشركات الأميركية المستقلة العاملة في مجال التكرير والتسويق حصراً، 74 في المئة إذ ارتفعت أرباحها من 297 مليون دولار عام 1999 إلى 517 مليون دولار العام الماضي. وسجلت "توسكو" في الفترة نفسها زيادة مقاربة مرتفعة من 14.4 بليون دولار إلى 24.5 بليون دولار. إلا أن عملاق العمليات المدمجة في صناعة النفط الأميركية "إكسون موبيل" حقق فائدة مزدوجة من أسعار النفط والغاز الطبيعي وهوامش الربح في عمليات التكرير وقفزت أرباحه الصافية قفزة "مبهرة" من 7.9 بليون دولار عام 1999 إلى 17.7 بليون دولار عام ألفين مسجلة زيادة بنسبة 125 في المئة بينما زادت مبيعاته بنسبة 25 في المئة لترتفع من 186 بليون دولار إلى 233 بليون دولار. وتدعم أداء الأرباح لمجموعة "إكسون موبيل" بحصيلة مبيعات بعض الأصول التي سيلتها بموجب شروط الاندماج وبلغت قيمتها 810 ملايين دولار علاوة على خفض نفقاتها الرأسمالية وتمويلات عمليات التنقيب للعام الماضي بزهاء بليوني دولار وكذلك اقتطاع مبلغ 470 مليون دولار من أرباح عام 1999 لتغطية نفقات عملية الدمج التي استكملتها أواخر العام. وذكر رئيس مجلس الادارة لي ريموند في بيان أن أرباح العام الماضي التي اعتبرها المراقبون الأعلى على الاطلاق بين الأرباح التي حققتها شركة أميركية "عكست المستويات العالية تاريخياً التي سجلتها أسعار النفط الخام والغاز الطبيعي العام الماضي وارتفاع هوامش الربح في عمليات التكرير". وتنتج "إكسون موبيل" زهاء 2.5 مليون برميل يومياً من عمليات إنتاجية في الولاياتالمتحدة ومناطق مختلفة في العالم من ضمنها بحر الشمال وفنزويلا وغينيا الاستوائية وكندا وآلاسكا. وتحققت نتائج مماثلة نسبياً لشركة "شيفرون" التي بلغت أرباحها الصافية العام الماضي زهاء خمسة بلايين دولار مقارنة بنحو بليوني دولار عام 1999 مسجلة زيادة بنسبة 150 في المئة وتقدمت مبيعاتها في الفترة نفسها من 36.6 بليون دولار إلى 52 بليون دولار محققة زيادة بنسبة 42 في المئة. أما شركة "تكساكو" التي كشفت "شيفرون" أخيراً نية تملكها في صفقة ضخمة، من شأنها أن تضعها في موضع رابع أكبر شركة نفط مدمجة في العالم، فقد ضاعفت أرباحها الصافية من 1.2 بليون دولار عام 1999 إلى 2.5 بليون دولار العام الماضي وتقدمت مبيعاتها في الفترة نفسها من 35.7 بليون دولار إلى 51 بليون دولار. ويرى المراقبون أن أداء الشركات العملاقة جعل العام الماضي أفضل أعوام صناعة النفط الأميركية على الإطلاق وعزز قدرتها على زيادة الانفاق على عمليات التنقيب والانتاج لا سيما أن "وول ستريت جورنال" توقعت أخيراً أن تنفق 11 شركة نفط عالمية على هذه العمليات السنة الجارية زهاء 40 بليون دولار مسجلة زيادة بنسبة 14 في المئة على العام الماضي.