أنهى وزير الخارجية الأميركي كولن باول جولته الأولى على المنطقة، بمحادثات أجراها في العاصمتين السعودية والسورية، بعدما زار مصر وإسرائيل ورام الله والأردنوالكويت. وبعدما اجتمع الوزير مع الرئيس بشار الأسد بحضور وزير الخارجية فاروق الشرع، كشف مسؤول أميركي نية بلاده العمل مع مجلس الأمن والدول الحليفة ل"تعديل" الحظر على العراق ب"ازالة القيود عن البضائع المدنية وتشديدها على المواد العسكرية". واعلن وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل بعد محادثات باول مع القيادة السعودية ان الجانبين اتفقا على الحاجة الى "اعادة النظر" في الحظر، وضمان عدم تكرار الغزو العراقي للكويت. وكان العراق وتوقف مسار التسوية على المسارين الفلسطيني والسوري، هما الموضوعان الأساسيان اللذان واجها باول في محادثاته مع الزعماء العرب والإسرائيليين. وبينما كان يركز على العراق وضرورة الاستمرار في مواجهته واحتوائه، ويلقى تحفظات وانتقادات عربية ومطالبة برفع الحظر الاقتصادي، كان المسؤولون العرب يركزون على ضرورة معالجة موقف إسرائيل والعنف الذي تمارسه ضد الفلسطينيين، كمدخل لمعاودة المفاوضات، ويواجهون ببرود أميركي يدفع الموضوع الفلسطيني إلى الدرجة الثانية من الاهتمام. واللافت في آخر محطات جولة باول أمس، كان إعلان مسؤول أميركي عن توجه إلى "تعديل" الحظر المفروض على العراق أو "تغييره". وأسفرت زيارة باول الرياض عن اتفاق على "إعادة النظر" في الحظر. وقال الناطق الرئاسي السوري جبران كورية إن الرئيس الأسد استقبل باول في حضور الوزير الشرع، وبحثا في الوضع في المنطقة وعملية السلام. ونقلت مصادر أميركية عن أحد المسؤولين المرافقين لباول قوله: "نريد رؤية تقدم في السياسة المتعلقة بالعراق قبل القمة العربية في 27 آذار مارس المقبل بعدما سمع باول قلقاً من نظام العقوبات" عبر عنه مسؤولون في الأردن ومصر والسعودية. وبحث وزير الخارجية الأميركي مع قادة الدول العربية في "تخفيف العقوبات، حيث اقتنع بحكمة ازالة القيود عن البضائع المدنية وتشديدها على المواد العسكرية". وزاد المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه: "اننا نبحث ذلك مع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والدول الحليفة" التي شاركت في حرب تحرير الكويت. وقبل دمشق زار باول الرياض حيث قابل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، ثم أجرى محادثات مع ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز. وصرح الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية في أعقاب الزيارة ان "الجانبين اتفقا على حاجة المجتمع الدولي لضمان ان ما حدث في الثاني من آب اغسطس 1990 لن يتكرر وعلى الحاجة إلى الالتزام بكل قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالوضع بين الكويتوالعراق" واتفقا ايضاً على الحاجة إلى "إعادة النظر" في الحظر على العراق و"ايجاد طريق يزيل معاناة الشعب العراقي ويضمن في الوقت نفسه التزام النظام العراقي بقرارات المجلس ذات العلاقة بالوضع بين الكويتوالعراق". وأكد الأمير سعود الفيصل أن المحادثات الجارية في الأممالمتحدة "ذات أهمية"، معرباً عن أمل بلاده بأن "تؤدي إلى اتفاق يزيل العواقب أمام الوصول إلى تطبيق قرارات مجلس الأمن كي يرفع الحظر على العراق". وأضاف: "نأمل بأن تنجح هذه المفاوضات، فهي أفضل طريقة للتعامل مع النزاعات". وأشار وزير الخارجية السعودي إلى أن "المملكة أعربت عن رغبتها في استمرار مفاوضات السلام على كل المسارات الفلسطيني والسوري واللبناني من النقطة التي توقفت عندها"، وأعرب عن أمله بأن يؤدي ذلك إلى "إعادة كل الحقوق العربية بما في ذلك قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف، والانسحاب الإسرائيلي من الجولان العربي السوري المحتل، إلى خط 4 حزيران يونيو 1967". وشدد على أن "ايجاد حل للنزاع العربي - الإسرائيلي سيساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة ويعزز الشرعية الدولية". إلى ذلك، قال مسؤول اميركي رفض الافصاح عن اسمه، ان زعماء الكويت الذين التقاهم باول، وافقوا على ان نظام العقوبات بحاجة الى تعديل من اجل تحقيق اهداف محددة. وقال باول انه لن تكون معه مسودة خاصة بتعديل العقوبات لدى عودته الى واشنطن، لكنه يدرس تخفيفها عن السلع ذات الاستخدام المزدوج. وأضاف المسؤول الأميركي: "هناك مشكلة الى الحد الذي يجعل الناس يثيرونها. انهم العرب جميعاً يسألون ماذا انتم فاعلون للفلسطينيين". وكان شارون تبنى شروط باول الثلاثة لاستئناف المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية، والتي اعلنها وهو في طريقه من واشنطن الى القاهرة: وقف العنف، التنسيق الأمني، رفع الحصار الاسرائيلي. وأعاد شارون ابلاغها إلى الوزير لينقلها إلى الرئيس ياسر عرفات كشروط اسرائيلية. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتخب: "نحظى بمساندة وتفهم تامين من وزير الخارجية الأميركي، إذ لن تكون مفاوضات سلام ما دام هناك ارهاب وحرائق وعنف". وعاد شارون ليطرح موضوع "السلام" والتسوية السياسية من منظور اقتصادي، وقال لرجال الاعمال الاسرائيليين ان المشاريع الاقتصادية المشتركة قد تكون مفتاح السلام في الشرق الاوسط. ولفت إلى أن هذا سيكون إحدى أفكاره لبناء الثقة بين الجانبين قبل التحرك نحو سلام نهائي. وزاد: "افكر في المشاريع التي تحتاج الى اعتماد متبادل مع جيراننا حيث يكون لدى كل جانب شيء يخسره". ورأى أن المياه ليست سوى نموذج لمشكلة اقليمية يمكن ان تحلّ بالتعاون، وان مشروعاً لتحلية المياه قد يساعد أيضاً الاردن وسورية. واستبعد باول، بعد اجتماعه مع المسؤولين في إسرائيل والسلطة الفلسطينية والأردن، استئنافاً سريعاً للمفاوضات على المسار الفلسطيني، وقال للصحافيين الذين رافقوه من الأردن إلى الكويت: "يجب الانتظار وقتاً طويلاً كي يعودوا إلى المفاوضات، وكل ما يمكن ان نأمله الآن هو الحد من أعمال العنف". ووصف شارون بأنه "منفتح"، وقال إن عرفات "يدافع عن المواقف التي دافع عنها دائماً".