سيدي الفاضل الأخ أ.أ.ع من السعودية، جل احترامي لعصاميتك، ولاهتمامك بالموضوع لأنه ينم عن حس انساني في المشاركة أقدرها وأحترمها، وان اختلفت معها في وجهة النظر. واسمح لي أن أبين هذا الاختلاف. قصتك تختلف منتهى الاختلاف عما طرحته. فأنت فقدت والدك، وبالتالي من الطبيعي أن تحمل اسمه وتعتز بذلك. وأنا أؤيدك بأنه حق لكل انسان ان ينتسب الى أبيه وأمه. ولكن ما ذنب الانسان الطفل الذي يحرم من هذا الحق من دون ذنب جناه؟ نعم أقصد اللقيط الذي يسمى في مجتمعاتنا بابن الحرام. هذه الروح البشرية هي قمة الأعجوبة في قدرة الله سبحانه وتعالى على تجسيد علاقة الحب التي تربطنا كبشر بعضنا ببعض. وهي تولد من دون استشارة. ألا يمكن لقلوبنا أن تغفر وأن ترحم؟ ان الله غفور رحيم إننا نولد كبشر بغير خطيئة. لماذا يخطئنا المجتمع الذي نولد فيه، ويحرمنا من حقنا في الحياة بكرامة؟ سيدي! في صغري كنت أسمع عن سيدة ثرية غير قادرة على الإنجاب، وتبنت طفلاً من أحد الملاجئ. كنت أسمع همسات من حولي تدور على أن هذا "البندوق" كما كانوا يسمونه محظوظ لأنه سيرثها. لم أسمع كلمة واحدة عن طيبة هذه المرأة، وعن سخائها مع كثيرين. وفجأة زاد اللغو لأن هذا اللقيط هرب من الحياة الكريمة. وعلمت في ما بعد عن تعاسة هذه المرأة بعد هروبه، وبحثها عنه كثيراً الى أن وجدته يعمل في ورشة. وسبب الهرب كان لأنه يحمل اسماً آخر. فقد كان واضحاً أنه لا ينتسب الى هذه الأسرة الكريمة، ففضل العمل هذا، والهرب من مجتمعها حتى لا يسمع كلمة ابن حرام مرة أخرى. وكان عمره لا يزيد عن الخامسة عشرة... سيدي الفاضل! لقد قرأت القرآن الكريم، وتعلمت منه ان الله غفور رحيم، وان الله يحب عباده الصالحين، والصلاح ليس بالصوم والصلاة فقط وإنما بتقوى الله في قلوبنا وفي كلماتنا قبل أفعالنا. ما هو الفرق بين أن تتبنى طفلاً، حرم من الحب لأن مجتمعه يرفض تقبله، وبين أطفال الأنابيب الذين كثيراً ما يكونون من بويضة ليست من الأب؟ الأم التي تربي هي أرقى في الشعور الانساني من الأم التي تلد. فما ذنب هذا الانسان الذي حرم من الأم التي ولدته ليحرم مرة أخرى من عطف وحنان امرأة أخرى تتعطش الى الأمومة؟ سيدي! ما درسته من الدين هو أن ديننا صالح لكل زمان ومكان، وأن علينا أن نأخذ من الدين أيسره حتى لا يثقل علينا كبشر، لذا أعود وأكرر أنه بالفعل آن الأوان لتطوير القوانين بهدف واضح هو قراءة القرآن في ضوء الكون، وتبني تفسيرات ترتكز الى فهم متكامل وعميق لروح الدين... والسلام عليك. أحلام عميرة أكرم - ناشطة في حقوق الانسان