ما زالت أجواء التوتر تخيم على الخرطوم منذ اعتقال زعيم حزب "المؤتمر الوطني الشعبي" السوداني المعارض الدكتور حسن الترابي الاربعاء، بسبب توقيع حزبه "مذكرة تفاهم" مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان" برئاسة جون قرنق. وبدا ان الرئيس عمر البشير سعى الى صرف الأنظار عن تصاعد نزاعه مع حلفائه السابقين في الحكم، بإعلانه تشكيل حكومة جديدة تضم 5 مستشارين و30 وزيراً و20 وزير دولة، غالبية وزرائها من الحزب الحاكم وتتضمن تمثيلاً محدوداً لثلاثة أحزاب مسجلة راجع ص7. وسجلت صدامات محدودة بين أنصار الترابي والطلاب المؤيدين للحزب الحاكم، عقب صلاة الجمعة في مسجد جامعة الخرطوم، الذي اكتظ بالاسلاميين الموالين ل"المؤتمر الشعبي"، فيما عززت السلطات وجودها العسكري المكثف بقوات الأمن وشرطة الطوارئ المدججة بالأسلحة والسيارات المدرعة. وردد أنصار الترابي هتافات مساندة لمواقفه ورافضة لاعتقاله، مطالبين بإطلاقه، لكن طلاباً ينتمون الى الحزب الحاكم رفعوا صوراً لنائب الرئيس السابق الفريق الزبير محمد صالح الذي قتل بسقوط طائرته في جنوب البلاد قبل ثلاث سنوات، ورددوا هتافات مناهضة لاتفاق الترابي - قرنق، واعتبروه "خيانة لدماء الشهداء" الذين قاتلوا "المتمردين" في جنوب السودان. وسيروا موكباً من المسجد الى مدخل الجامعة، حيث نظموا مهرجاناً خطابياً ضد الاتفاق. واعتقلت السلطات مسؤول الاعلام في "المؤتمر الشعبي" محمد الأمين خليفة بعدما أمّ المصلين في المسجد، حيث دافع عن "مذكرة التفاهم" وقال ان هدفها "وقف النار وتحقيق السلام ومعارضة الحكومة سلماً، ولم تستهدف اسقاطها عن طريق القوة". وطالب اعضاء حزبه ب"التمسك بضبط النفس وعدم استجابة الاستفزازات". وطوقت قوة مسلحة كبيرة منزل الترابي في ضاحية المنشية، واغلقت بعد الظهر الطرق المؤدية اليه، في حين كثفت قوات الأمن والطوارئ وجودها أمام الجامعات التي يحظى فيها الترابي بتأييد واسع وسط الطلاب الاسلاميين، تحسباً لخروجهم في تظاهرات. وقال نجل الترابي الأكبر صديق ان أسرته تجهل مكان اعتقاله، وكانت تعتقد انه في سجن كوبر، لكنها تأكدت عقب اتصالات اجرتها مع السلطات امس انه في جهة غير معلومة. واضاف في تصريح الى "الحياة" ان قوة من 400 مسلح حاولت اقتحام منزل الترابي ليل أول من امس لتفتيشه، لكنها استجابت طلب الأسرة دخول ثلاثين عنصراً من دون أسلحة، مؤكداً انه لم يعثر على شيء بعد تفتيش المنزل. واضاف ان قوة أخرى من 250 عنصراً يحملون مدافع على سيارات عسكرية ظلوا يترددون امام المنزل لساعات في وقت مبكر صباح أمس. وشددت السلطات ايضاً مراقبة حركة السير بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة بتعزيزات عسكرية على الطرق ودوريات لتفتيش السيارات في مداخل الاحياء السكانية وعلى الجسور. الى ذلك، أعلن الرئيس عمر البشير حكومته الجديدة التي احتفظ فيها وزراء السيادة والعسكريون بحقائبهم، ما عزز قبضته على السلطة. ويتجه الى تعيين عسكريين حكاماً في بعض الولايات، ورأى مراقبون ان الاحداث الأخيرة ألقت بظلالها على تشكيل الحكومة.