اعتقلت السلطات السودانية زعيم لمؤتمر الوطني الشعبي المعارض الدكتور حسن الترابي من منزله في ضاحية المنشية شرق الخرطوم، وذلك بعد يوم من إعلانه توقيع حزبه "مذكرة تفاهم" مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان". واكد وزير الاعلام السوداني الدكتور غازي صلاح الدين ان اعتقال الترابي واخرين من حزبه يهدف الى التحقيق معهم في شأن "حقيقة الاتفاق" الذي كان تعرض لانتقادات حادة من حزب المؤتمر الوطني الحاكم. كما تزامن مع إصدار الرئيس عمر البشير مرسوماً حدد فيه هيكل حكومته الجديدة التي ستضم 30 وزيراً غالبيتهم من الحزب الحاكم الى جانب ممثلين عن بعض الاحزاب المسجلة. راجع ص 5 وهدد الوزير صلاح الدين في مؤتمر صحافي مساء باتخاذ إجراءات قانونية، لم يحددها، ضد حزب الترابي، واعتبر اتفاق الترابي - قرنق "حلفاً سياسياً لمحاربة الدولة بوسائل غير مشروعة لأنه وقع مع حركة تقاتل الدولة والمجتمع منذ 18 عاماً". وقال ان الاتفاق يتضمن "بنوداً سرية" لم تُكشف. واضاف ان الحكومة ستتعامل مع الترابي مثلما تتعامل مع جون قرنق. وعلمت "الحياة" ان قوة أمنية مؤلفة من خمس سيارات، بعض أفرادها يرتدي زياً عسكرياً والآخر مدنياً، اقتحمت منزل الترابي عقب ادائه صلاة المغرب، وأبلغته أن لديها أمراً من رئاسة جهاز الأمن باعتقاله، واقتادته وحيداً إلى جهة غير معلومة، ولم تجد القوة مقاومة من حراسه. وأحاطت قوة مسلحة أخرى بالمنطقة وتوزعت على طرقاتها الرئيسية ومداخل حي المنشية الراقي الذي توجد فيه مقار بعض السفارات ومنازل السفراء. وكان حزب الترابي وقع مذكرة تفاهم مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان" في جنيف دعت إلى "تصعيد وسائل المقاومة الشعبية حتى يتخلى النظام الحاكم عن نهجه الشمولي ويتيح الفرصة للبديل الوطني". وكان الترابي برر، في حديث الى اذاعة "مونتي كارلو" قبيل اعتقاله، مواصلة قرنق حربه في جنوب السودان، وقال: "يريد قرنق ان يطمئن، كما حوله القوى السياسية، الى ان اي اتفاق سيبرم سيتم احترامه ولن يتم الانقلاب عليه". وشن حملة على "قمع الحريات" في السودان، داعياً الى انتخابات "شرعية" جديدة. وتطرق الى المبادرات الاقليمية لحل المشكلة السودانية، فقال: "نريد لمشكلات السودان ان تعالج بين قواه الشعبية. لا نرفض المبادرات العالمية ولكن قد تكون وراءها دوافع اخرى، ولا بد لأهل السودان من ان يتصل شعبهم بعضه ببعض". واستنكر مسؤول الإعلام في حزب المؤتمر الوطني الشعبي محمد الأمين خليفة اعتقال الترابي. ووصفه بأنه خطوة "غير سياسية"، وقال ل"الحياة" أن "الغيرة" في النظم الشمولية تترجم إلى اعتقالات، مؤكداً ان حزبه "لن يسكت وسيتحرك داخلياً وخارجياً على كل المستويات مع القوى الوطنية السودانية، ومنظمات حقوق الإنسان لفضح نهج الحكومة اعتقال معارضيها بلا مبرر". وحذر من أن حزبه سيتخذ الترتيبات اللازمة التي تضمن سلامة زعيمه وأمنه. وزاد ان "الحريات تنتزع ولا تمنح". وكان الرئيس البشير ودّع حكومته المنصرفة في آخر اجتماع لمجلس الوزراء بتشكيلته القديمة خلال جلسة استثنائية امس، واصدر مرسوماً يحدد هيكل حكومته الجديدة التي تتألف من الرئيس ونائبيه وخمسة مستشارين للشؤون الامنية والقانونية والسياسية والاقتصادية والتأهيل، وألغى منصبي مستشار شؤون السلام وشؤون المرأة والطفل. وحدد المرسوم وزارتين للرئاسة وديوان الحكم الاتحادي، الى جانب 28 وزارة اخرى، بينها خمس وزارات جديدة هي الشباب والرياضة، والارشاد، والاوقاف، والثقافة، والتعاون الدولي، كما حدد اختصاصات كل وزارة. وعلمت "الحياة" ان جماعة "الاخوان المسلمين" وافقت على ترشيح كل من الدكتور عصام احمد البشير لشغل منصب وزارة الشؤون الدينية والاوقاف، والدكتور الحبر يوسف نور الدائم لرئاسة لجنة في البرلمان. ويتوقع ان يحتفظ وزراء الدفاع والخارجية والطاقة والري والمال بمناصبهم. ومن ابرز الوجوه الجديدة في الحكومة المرتقبة الدكتور جعفر ميرغني والمهندس عبدالعزيز عثمان ومكواج تينج وجوزف ملوال من جبهة الانقاذ الديموقراطية، وعلي الهادي من حزب الامة المسجل. من جهة اخرى، كشف زعيم حزب "الأمة" السوداني المعارض السيد الصادق المهدي انه التقى الرئيس عمر البشير، ليل أول من امس، وتباحثا في استمرار الحوار بين حزبيهما في شأن القضايا موضوع الخلاف بينهما.