باريس - "الحياة" - اختتم رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري زيارته لباريس امس بلقاء ثالث عقده مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك ظهراً دام نحو ساعة، ليغادر بعده الى بيروت. وقوّم شيراك مع الحريري في اللقاء الذي كان مقرراً بينهما، نتائج المحادثات التي اجراها الجانب اللبناني مع الجانب الفرنسي اثناء زيارة الحريري والوفد الوزاري المرافق له. وأكدت مصادر لبنانية رسمية الارتياح اليها خصوصاً ان العلاقات بين البلدين كانت مرت في تقلبات عدة. وثمنت الدعم الذي تلقاه لبنان لخطة خفض خدمة الدين العام، عبر خفض فوائد القروض الجديدة وتشجيع القطاع الخاص الفرنسي على الاستثمار في لبنان. وأطلع شيراك الحريري على نتائج اتصالاته مع اليابان والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي لهذا الغرض. وأكد الحريري، في رد على سؤال ل"الحياة" خلال الزيارة، يتعلق بالمنافسة السورية الزراعية للزراعة اللبنانية بالقول: "ينبغي تنظيمها بين البلدين ويمكن ان نتفق مع السوريين على زراعات معينة يختص بها لبنان، ويبيعها لهم، وسأجري مفاوضات مع الجانب السوري في هذا الشأن". وسئل هل يريد لبنان هانوي او هونغ كونغ؟ اجاب: "لسنا هانوي ولا هونغ كونغ نحن نحاول ان نجعله بلداً عربياً راقياً على علاقة مميزة وممتازة بسورية والدول العربية، ويشارك اوروبا في النواحي الاقتصادية لكي نفيد من اسواقها وخبراتها". وكانت وزارة الخارجية الفرنسية أصدرت أمس بياناً عن زيارة الحريري لباريس، جاء فيه ان لقاءاته مع شيراك ومع نظيره ليونيل جوسبان، وكذلك لقاءات اعضاء الوفد الوزاري المرافق له مع نظرائهم الفرنسيين "تمت في اجواء ودية وحارة"، وتخللتها "محادثات كثيفة سمحت بالتطرق الى كل المواضيع ذات الاهتمام المشترك". وأضافت ان هذه الزيارة "انطوت على بعد سياسي قوي" وعبرت عن "روابط الصداقة القائمة منذ مدة طويلة بين فرنساولبنان وعن ثقة السلطات الفرنسية الدائمة بهذا البلد الذي نعده شريكاً اساسياً في الشرق الأوسط". وأشارت الى ان المحادثات المتعلقة بالوضع الاقليمي "عكست مواقف شديدة التقارب" بين البلدين اللذين "يودان الحكم على الحكومة الاسرائيلية الجديدة استناداً الى افعالها"، ويعتبران مواصلة مفاوضات السلام "اولوية وشرطاً للأمن والاستقرار الاقليميين". وبالنسبة الى جنوبلبنان، قالت الوزارة ان الجانب الفرنسي "اعاد تأكيد ضرورة الحؤول دون اي تصعيد للتوتر في المنطقة ومنع اي استفزاز"، وانه اطلع باهتمام على "ارادة الحريري الحازمة صون الاستقرار في الجنوب"، وفي هذا الاطار اعيد التذكير برغبة المجتمع الدولي "في ان تمارس السلطة اللبنانية مسؤولياتها في كل المناطق المحتلة سابقاً". وأشارت الى ان الحريري تناول طويلاً الوضع الاقتصادي الصعب في لبنان. وعرض الاجراءات التي يعتمدها والاصلاحات التي ينوي تطبيقها لاعادة احياء النمو وخفض العجز العام. وأكدت ان السلطات الفرنسية أبدت رغبتها في مواكبة هذه الجهود المرتقبة وأعادت التذكير "بضرورة التزام لبنان المقتضيات الدولية في مجال الشفافية المالية وأخذت علماً باهتمام بالجهد الذي تبذله الحكومة اللبنانية في هذا الاتجاه". وذكرت ان شيراك وجوسبان جددا دعمهما احتمال انجاز اتفاق الشراكة بين لبنان والاتحاد الأوروبي خلال مدة وجيزة، لأنه يعود بالنفع على الطرفين. وأضافت ان الزيارة تخللتها جولة افق واسعة النطاق، في شأن العلاقات الثنائية في المجالات المختلفة، وان الجانب الفرنسي اعاد تأكيد التزامه الاعداد للقمة الفرنكوفونية التاسعة التي ستعقد في بيروت في تشرين الأول اكتوبر المقبل. الى ذلك، قال وزير النقل نجيب ميقاتي ل"الحياة" انه بحث مع السلطات الفرنسية المختصة في وزارة النقل والاسكان في ملفات تتعلق بالتنظيم المدني والطيران المدني والنقل البحري والمرفأ والنقل المشترك والخطة الهادفة الى خصخصتها. وذكر انه اجرى اجتماعات مع المسؤولين ادت الى توزيع الملفات على ثلاثة قطاعات: المساعدات الفنية وتدريب القدرات البشرية وتأهيلها، والبنية التحتية، والتجهيزات مثل الرادارات والطرق. ونقل تأكيد الجانب الفرنسي انه سيقدم الى لبنان المساعدات الفنية والتدريب المطلوب، بعد ان يحددها. وبالنسبة الى البنى التحتية للمرفأ ودعم الصيادين، قال ميقاتي: "ان كلفتها نحو 75 مليون دولار، وان الجانب الفرنسي وافق على مبدأ هذه المساعدة، لكنها تتطلب اتفاقات مالية". وأشار الى ان وزير المال فؤاد السنيورة، قدم هذه المشاريع خلال اجتماعه امس مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس ومدير وكالة التنمية الفرنسية انطوان بوبوت، لأن الوكالة هي التي تتولى مثل هذه المسائل. ونقل عن باريس وعدها بإثارة موضوع التجهيزات الكبرى مع الشركات الفرنسية التي ستتولى البحث في تزويدها للبنان. ورأى "ان الجانب الفرنسي كان ايجابياً جداً مع مطالبنا"، مؤكداً "ارتياحه الكبير" الى نتائج محادثاته. وتعليقاً على زيارة الحريري، انتقد "التجمع من اجل لبنان" الموالي للعماد ميشال عون في بيان أمس ما عكسته من "تسويق للهيمنة السورية على لبنان". وقال "ان الوفد اللبناني جاء الى فرنسا مطالباً بنجدة اقتصادية ناسياً ان الفريق اللبناني نفسه هو الذي كان وراء هذه الحال الاقتصادية التعيسة التي سببت هجرة مليون ومئتي ألف لبناني منذ سنة 1990".