انها أنموذج لأية امرأة تحلم بالنجاح فهي تجمع بين عناصر عدة أهلتها للموقع المتميز الذي تشغله: الالتزام، والإصرار والمثابرة على تحقيق الهدف، واحترام الوقت والذات والعلم، اضافة إلى القدرة على تحديد الهدف، سواء في حياتها الشخصية أو العملية. الدكتورة زينب رضوان عميدة كلية دار العلوم فرع الفيوم، عضو المجلس القومي للمرأة، عضو مجلس الشعب بالتعيين من مواليد 17 تشرين الثاني نوفمبر عام 1943، ولدت في القاهرة، كان والدها موظفاً في وزارة التربية والتعليم، ووصل إلى درجة وكيل أول للوزارة. والدتها كانت ربة بيت عادية، طيبة، حنون، كرّست كل وقتها لابنائها الأربعة وزوجها وبيتها، شأنها في ذلك شأن غالبية النساء المصريات في ذلك الوقت. تميّز أفراد اسرتها بتقديس العلم، حتى أن خالة جدتها - وهذا في بدايات القرن الماضي - اصرت على اتمام تعليمها بعد وفاة زوجها وتركه لها ابنتين من دون مالٍ وفير لتنفق منه على بناتها، بل أرسلت إحدى ابنتيها لإكمال تعليمها في انكلترا عام 1912، ومكثت هناك سبع سنوات كاملة. هذه الفتاة هي السيدة انصاف سري، المصرية الأولى التي أسست روضة للأطفال في مصر. "منذ صغري كنت أضع برنامجاً لحياتي وأهدافي، ولا أتذكر أن وجّهني أحد نحو هدف أو شيء. كنت دائماً المخطط والمنفذ لكل برامجي. وأتذكر وأنا صغيرة كم كنت أتمنى أن أعمل مذيعة، وكانت السيدة مديحة نجيب قريبة لأسرتي، وكنت اعتبرها نموذجاً للمذيعة الناجحة، ولكن كلما مّرت بنا التجارب في سن الطفولة كلما غيرنا تفكيرنا. وبعد حصولي على شهادة الثانوية العامة، فكرت أن التحق بكلية التجارة، ولكن كانت وجهة نظر والدي أن التحق بكلية البنات، لأنها أكثر ملائمة لي كفتاة. والحقيقة لم يعجبني قراره ولكنني رضخت له في النهاية. وعاهدت نفسي على تصحيحه لصالحي، وكان هدفي أن أصبح معيدة في كلية البنات، واجتهدت طوال سنوات الدراسة وكنت أنجح بامتياز مع مرتبة الشرف وتخرجت. يومها أعلن معهد البحوث الاجتماعية والجنائية عن حاجته إلى معيدين، فتقدمت بأوراقي، ونجحت في اجتياز امتحان القبول بعد تخرجي بشهرين وتابعت أبحاثي وعملي على مدى 25 سنة إلى أن أصبحت رئيس وحدة البحوث الدينية والمعتقدات في المركز" وتضيف: "ركزت في أبحاثي على مواضيع دينية لم يتطرق إليها أحد في تلك الفترة، مثل: "الحجاب"، الذي لاقى اهتماماً كبيراً في مصر وخارجها، وكذلك بحث عن "التعليم الديني في مصر إلى عصر السادات"، وآخر عن "معالجة الصحف القومية للجانب الديني"، وكل تلك الأبحاث أدت إلى نتائج لفتت الأنظار نحوي، إلى أن تم اختياري عضواً في مجلس الشورى عام 1986". لكن الأمور لا تسير دائماً وفق الأهواء، فقد كان نجاح الدكتورة رضوان المستمر واختيارها عضواً في مجلس الشورى سبباً وراء غيرة مديرة المركز في ذلك الوقت منها، فألغت وحدة الأبحاث الدينية من المركز كله، بدعوى أن "ليست لها أهمية" حتى أنها أعاقت ترقية رضوان كأستاذ في المعهد، لكن الأخيرة لم تيأس، وقررت أن تكمل المسيرة فتقدمت بأوراقها في عام 1990 إلى كلية الدراسات الإسلامية التي أنشأتها جامعة القاهرة، وعينت فيها استاذاً. تقول: "أعتبر هذه الخطوة انطلاقة بالنسبة اليّ، بعدها اصبحت رئيس قسم، ثم وكيل الكلية، ثم عميد كلية دار العلوم فرع الفيوم، وهو المنصب الأكاديمي الذي أشغله حالياً". أما العمل الاجتماعي والاهتمام بشؤون المرأة، فبدأ في حياة رضوان حين لفتت أبحاثها نظر الدكتورة آمال عثمان اذ كانت وزيرة للشؤون الاجتماعية. "وجدتها ترشحني عضواً في المجلس القومي للطفولة والأمومة، وبعدها في المجلس القومي للمرأة، ثم اختارني الرئيس مبارك في الانتخابات الأخيرة لمجلس الشعب، وذلك ضمن الأعضاء العشرة المعينين". وتخاطب رضوان كل امرأة وفتاة بقولها: "دعي عملك وجهدك يتحدثان عنك، وثابري ولا تيأسي مهما واجهتك عقبات. فكل المناصب الاجتماعية والسياسية لم أسع لها، ولكن أعمالي رشحتني لها، فالنجاح ليس وليد المصادفة، يجب أن يبدأ بتحديد الهدف وفقاً للإمكانات المتاحة، كذلك تنظيم الوقت بشكل جيد، وأعترف أنني "مُجَدْوَلة"، بمعنى أن كل شيء بموعد، وأذكر أنه وقت عملي في مركز البحوث كنت أمنع الزيارات أو الحضور إلى مكتبي إلا في موعد مخصص للزيارات، ولم أكن اهتم بسخرية الزملاء من أسلوبي، حتى بعد زواجي لم أكن استقبل الضيوف من دون موعد، ولم أكن اسمح لنفسي أن أبدد وقتي أمام التلفزيون أو في أحاديث الهاتف، وعلى رغم أنه بعد زواجي فوجئت بأسلوب حياة يختلف عما كنت تعودت عليه من قبل إلا إنني لم أسمح لشيء أن يغير الأسلوب الذي اعتدته". وعن زواجها، وأثر ذلك على تقدمها المهني، قالت: "الزواج لم يؤثر على أسلوب تفكيري، وكان أهم ما شغلني خلال الخطوبة أن يعرف خطيبي أن عملي أساسي ولا يمكنني الاستغناء عنه، كما صممت أن يكون مسكن الزوجية قريباً من عملي، لكن لم أهتم بمواصفات الشقة من الداخل". وتستطرد قائلة: "كنت أذهب إلى عملي في التاسعة صباحاً وأنصرف في الواحدة والنصف، وبعد إنجابي ابني وابنتي الحقتهما بحضانة نموذجية مجاورة للمنزل، واشتركنا في نادي التوفيقية القريب جداً من المنزل أيضاً، وقررت أن أحصل على الدكتوراه قبل دخول ابني السنة الأولى الابتدائية، وكان يومي مقسماً كالآتي: الصباح للأبحاث في المعهد، والظهيرة في المنزل، وفي المساء مذاكرة للطفلين، وفي العاشرة يأويان إلى الفراش وأبدأ أنا عملي". وعن مجلس الشورى، قالت: "مع بداية عملي في مجلس الشورى، كان ابني يدرس في العام النهائي في الشهادة الثانوية، وكانت ابنتي مع والدها في قطر، وكنت أعتذر عن أي جلسات مسائية حتى أكون مع ابني قبل التاسعة مساء، ورتبت ظروفي على عدم السهر خارج البيت، حتى أنه لم يكن في دولاب ملابسي ملابس سهرة. وحين التحقت ابنتي بكلية الآداب وابني بكلية الطب شعرت أن المسؤوليات خفت تدريجاً، وتخرجا وتزوجت ابنتي في العمارة نفسها التي نقطن فيها، وعملت صحافية، وأنجبت حفيدة جميلة ولكنها تتحمل مسؤوليتها كاملة لأنها تعرف مدى انشغالي، فعجلة تقدمي لم تتوقف بعد، وأجد القدر يكافئني من حين إلى آخر على اجتهادي هذا". وتعود رضوان فتعترف أن ابنيها كانا وما زالا على رأس قائمة اهتماماتها، وأهم ما يشغلها حالياً هو حصول الابن على درجة الماجستير، وأن يجد الزوجة المناسبة له. وتضيف: "المجلس القومي للمرأة يأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد مجلس الشعب، والسبب في ذلك هو اتساع مجال مجلس الشعب في حل مشاكل المجتمع ككل، وليس مقصوراً على المرأة وحدها". وتضيف: "أهم القضايا التي أنوي طرحها في المجلس، هي قضية المرأة داخل بيتها وأسرتها، وعدم حصولها بعد على كل حقوقها التي ضمنتها لها التشريعات، كذلك قضية سفر الزوجة من دون إذن زوجها، لأن ذلك في رأيي لا يستند إلى أي مذهب شرعي أو قانوني. فمنع المرأة من السفر بمفردها كان سببه الخوف عليها من مصاعب الطريق وأخطاره، لكن هذا السبب انتفى في وقتنا الحالي".