وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    مترو الرياض    إن لم تكن معي    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ولدت منفتحا وعشت فقيرا جائعا وزوجتي ابنة وزير
حوار الأسبوع أدخلت الراديو إلى الزلفي فقرروا جلدي وقيادة المرأة ستصبح واقعا .. الدكتور حمود البدر ل «عكاظ»:
نشر في عكاظ يوم 21 - 08 - 2009

مازال الرجل الذي عاش في بيئة محافظة جدا يتحرك باتجاه قناعاته ملبيا نداء التجديد في داخله، فكاد بسبب ذلك أن يجلد لإدخاله الراديو خلسة إلى قريته الزلفي، لكنه في المقابل لم يتراجع عن اعتزازه بإسلامه وعروبته عندما انتقد اليهود علنا في أمريكا فخسر جولة في قسم الصحافة في جامعة ميتشجان، لكنه كسب معركة الماجستير والدكتوراه بتفوق.. الدكتور حمود البدر أمين عام مجلس الشورى سابقا، ظل مؤمنا بسياسة الباب المفتوح في جميع مناصبه، ومقتنعا بأن التنظير في الرخاء يختلف عن الممارسة الفعلية فلاحقه النجاح طالبا وأستاذا ومدير تحرير ووكيل جامعة وأمينا عاما لمجلس الشورى وعضوا فيه أيضا.. وظل ممسكا بالقلم رغم تقاعده هاويا للصحافة ومتعلقا بها، ويمارس من خلال مقاله الأسبوعي خفة الظل، وتجنب التعقيدات وكأنه صورة كربونية من أستاذه الراحل الكبير علي أمين.. صارحني ببعض أسراره وأعلن مواقفه دون تردد من القضايا الشائكة وكشف عن حجم معاناته وفقره في الطفولة والصبا حتى أغناه الله من حيث لا يحتسب مبتدئا بالقول:
ولدت في شعيب سلمان شرق العقدة في مدينة الزلفي في مرحلة ساد فيها الفقر، وتمثلت فيها السعادة لأقصى درجة.. كانت بيوتنا من الطين والعشش وتعتبر جيدة عند مقارنتها بما حولها وكنا نرى الزلفي مدينة كبرى، لكن من يشاهدها الآن يتساءل كيف عشنا فيها ذلك الزمن، فكل شيء كان محدودا جدا و ما لم يكن هناك رجل متزوج مع زوجته فكلنا ننام في (المجبب) وهو عبارة عن غرفة كبيرة وتوزع إلى غرف صغيرة أو ننام في السطح، فالبيوت محدودة ولكنها نسبية لأسلوب المعيشة، فالإفطار بعد الفجر مع طلوع الشمس، ثم يأتي الهجور بعد صلاة الظهر وفيه نتناول الغداء أما العشاء فيكون قبل صلاة المغرب بنصف ساعة، وكل الوجبات الثلاث من صنف واحد فإما تمرا أو قمحا، وكان المحصول في مزرعتنا وتسمى (النخل) يذهب لمن نقترض منهم متطلبات السنة كلها، ومن الطريف أنني كنت أربط في طفولتي بين غروب الشمس وعادتنا في العشاء بحيث أن الشمس لا تغرب إلا إذا تعشينا وكأن هناك عهدا بينهما، ففي أحد الأيام لم يكن عندنا عشاء فحزنت على الشمس التي حسب الاتفاق أو العهد لن تستطيع أن تغرب لأننا لم نأكل الوجبة، وعندما غربت الشمس وخانتنا فحقدت عليها.
• وسائل عيشتكم كنتم تضعونها في مستودع خاص؟
أي مستودع! والله ما في إلا التمر مقفول عليها والمفتاح مع الوالد رحمه الله، لأنه لو لقينا عليها «درب» ما يبقى منها شيء إلى نهاية السنة.
• ولم تكن اللحوم متوفرة؟
نعرفها في الضحايا فقط عندما يأتي الحج ونقفرها ونقسمها على مدار السنة.
• إلى متى استمر هذا الحال؟
أتذكر أنني تخرجت من المدرسة السعودية الأولى الابتدائية التي افتتحت عام 1367ه، ثم أصبحت بعد ذلك مدرسة القدس، وكنت مصنفا على رأس قائمة الطلاب الفقراء في القائمة التي كان يعدها وكيل المدرسة ليرفعها إلى أحد المحسنين، ولم يكن عندي إلا ثوب واحد فقط طوال السنة ولم تكن ثيابنا مخبونة من جهة الكم أو الذيل، بحيث إذا قصر الثوب يمكن فك الخبن واستخدامه فهذه كانت رفاهية لم يحظ بها جيلنا، وزاملني في تلك المرحلة الشيخ سليمان الفالح والشيخ عبد المحسن العباد وأحمد الرومي وعلي الذييب رحمه الله.
• لم تدرس في الكتاتيب؟
درست سنة واحدة في كتاب الشيخ عبد الله العفري وكنت أدرس بجهود فردية الكتابة أيضا، وكان مثلي الأعلى ابن عمي الشيخ عبد المحسن العباد، وكلنا من أسرة العباد فأنا حمود بن عبد العزيز بن عبد المحسن العبد الله البدر، فالعباد لأنهم كثر فنحن انفصلنا وكتبنا البدر برغبة الوالد رحمه الله الذي كان يسافر كثيرا إلى الشام والهند، فكتب في جوازه (البدر) فرأى البعض فيها خروجا على المألوف.
• التحقت بالمعهد العلمي في الرياض من باب الحاجة للمال؟
قطعا كانت السبب، فالمكافأة كانت 260 ريالا لكل طالب وتقدر قيمتها الشرائية اليوم بستة وعشرين ألف ريال، إضافة إلى أن المعهد العلمي بالرياض يعتبر النواة الحقيقية لجامعة الإمام، وكان افتتاحه فتحا كبيرا جدا لأسلوبه الحديث في التعليم، بعد أن ماتت الثانويات ولم يعد عليها إقبال، كما أن مناهجه كانت ثرية بالعلوم الشريعة والعربية.
• درست الصحافة بتوجيه من أحد؟
إطلاقا، فبدايتي كانت صدفة في الرياض مع شخص اسمه عبد الله شباط وكانت لديه مجلة يصدرها اسمها (الخليج العربي) ويطبعها في المنطقة الشرقية، لكنه وجد صعوبة في الاستمرار فجاء إلى الرياض باحثا عن مطبعة والتقيته في الشارع وأنا مازلت طالبا في معهد الرياض العلمي، فسلمت عليه وأخبرته أنني طالب بالمعهد وأوضح لي من جهته سبب وجوده في الرياض، فأبديت رغبتي في الإشراف على المجلة وكانت مطبعة الرياض التي أنشئت عام 1372 ه تعمل بشكل جيد تلك الأيام، وهي التي صدرت منها بعد ذلك جريدة الرياض الحالية، فاتفقنا وكنت أطبعها له. وفي أثناء ذلك وبعد أن انتهيت من السنة الرابعة بالمعهد ذهبت مع مجموعة من الزملاء إلى لبنان، ثم ذهبنا إلى مصر وكونا مجموعة، فطلبنا من المسؤولين عن السياحة أن ينظموا لنا رحلة لزيارة كل معالم مصر، فأعدوا لنا برنامجا عجيبا لم نترك فيه أي مكان في مصر. ووصلنا إلى شرم الشيخ التي كانت بدائية جدا تلك الأيام، ففتحت هذه الزيارة لي الآفاق، ثم زرنا جامعة القاهرة وعرفت أن فيها فرعا لدراسة الصحافة، فأصبحت لدي الرغبة في ذلك، فعندما عدنا إلى الرياض درست السنة الأولى في كلية اللغة العربية ونجحت فيها، ولكن لم تستمر رغبتي فيها فتوقفت وكانت جامعة الرياض مفتوحة تلك الأيام لكنهم لم يعترفوا بشهادة المعهد العلمي في الرياض، لأنها أربع سنوات وليس فيها تنويع في المقررات فالمواد كلها لغة عربية ودراسات إسلامية، فسألتهم عن الحل في كيفية تحقيق رغبتي للالتحاق بالصحافة، فنصحوني بنيل شهادة الثانوية من المعهد السعودي في مكة المكرمة، وفعلا انضممت للمعهد وحصلت على المركز الثالث على الخريجين؛ رغم أنني لم ألتحق به إلا في الثلاثة الأشهر الأخيرة من الدراسة بفضل خلفيتي القوية جدا، والتي اكتسبتها من المعهد العلمي في الرياض، فابتعثت للقاهرة وكان معي أسامة السباعي ومجموعة من الزملاء لا أتذكرهم الآن، فدخلنا كلية الآداب قسم الصحافة وكان عبد اللطيف حمزة يرأس القسم وأراد الله أن تضيع سنتي الأولى في الكلية سدى، لأن الذين ابتعثوني سجلوني في قسم اللغة العربية باسم (حمودة) بينما سجلت أنا عند وصولي للقاهرة في قسم الصحافة باسم (حمود) فقبلت في القسمين، والغريب أن مسجل كل قسم يجلس أمام الآخر في نفس المكان ويتراسلون فيما بينهم بالبريد وكانت الدراسة بنظام الترمات، فعندما انتهى الترم الأول توزعت نتائج امتحاناتي بين القسمين، وأصبحت أنا الضحية ورسبت في القسمين، فاضطررت لإعادة السنة من جديد في قسم الصحافة وتخرجت منها بعد أربع سنوات.
• لم تصب بصدمة حضارية عندما زرت مصر؟
أبدا، فأنا رغم أنني من بيئة محافظة جدا، إلا أنني كنت منفتحا في فكري منذ الطفولة وأزن الأمور بشكل جيد.
• الغريب أنك توجهت للعمل في وزارة العمل بعد تخرجك وليس إلى الصحافة والإعلام كما كان متوقعا؟
كنت أساوم الوزارات على شهادتي في تلك الفترة، ولم يكن متخصصا في الصحافة سوى عبد الله أبو السمح الذي سبقنا وأسامة السباعي ورجاء ملائكة وأنا، فدخلت على الشيخ عبد الرحمن أبا الخيل الله يذكره بالخير دائما وكان وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية فقال لي: علق بشتك واللي تبغاه أعطيك إياه، فعلقت بشتي وسألته: ماعندكم؟ فقال: عندنا وظيفة شاغرة بمسمى مدير عام العلاقات الدولية والمؤتمرات، فقلت: توكلنا على الله، وهكذا بدأت وكنت في الوقت نفسه أعمل في الفترة المسائية في جريدة اليمامة قبيل أن يصدر نظام المؤسسات، واستمررت فيها حتى بعد صدور النظام.
• وما سر جولتك حول المملكة في السبعينيات الهجرية التي وصفت بأنها سبق لأول صحفي سعودي؟
عندما دخلت قسم الصحافة في جامعة القاهرة وجدت أن لديهم جزءا عمليا لكل مقرر من المقررات وينفذ من خلال إلحاق الطالب بصحيفة من صحف القاهرة، وفهمت من زملائي السابقين أن هذه الصحف تتعامل مع الطلاب كأنهم عمال تنظيف ويشغلونهم في تقطيع الورق وخلافه، فاتخذت خطوة من جانبي بالذهاب إلى رئيس القسم عبد اللطيف حمزة وأستاذ الإخراج الصحافي الدكتور أحمد الصاوي وطلبت منهما أن تكون كل تطبيقاتي عن المملكة العربية السعودية، فرحبا بالفكرة، وبدأت بتاريخ الطباعة وجمعت بحثي من خلال رحلة قمت بها من مكة المكرمة مرورا بجدة والرياض والظهران، ومعي كاميرتي واستخدمت جميع أنواع التنقل من الطائرة الداكوتا (التي كنا ننزل وندفعها في المدرج إذا غرزت في التراب) إلى الحمار، حيث تنعدم وسائل المواصلات الحديثة.
• ودفعت تكاليف هذه الرحلات من جيبك الخاص؟
طبعا، لكنني لا أنسى في بحثي الثالث التغطية الصحافية موقف حسن قزاز رحمه الله وكان مسؤولا عن صحيفة البلاد ذلك الوقت، وعرضت عليه الفكرة فرحب بها، وتكفل بتذاكر الرحلة التي بدأت عام 1961م من تربة، إلى بيشة، وعسير بكاملها واستغرقت مني أسبوعين ونصف ثم نجران وجازان، واستمرت الرحلة كلها 53 يوما، وكنت أتحرك أسبوعيا من منطقة إلى أخرى، وحسمت قيمة التذاكر من قيمة المستحق لجريدة البلاد لدى الخطوط السعودية نتيجة الإعلانات.
• كنت تقوم بعمل لم يكن معروفا تلك الفترة؟
كانوا يعتبرونني بطلا تلك الأيام، وفي الزلفي شخص ظريف وخفيف دم يقال له العصيمي فكان يقول (الدنيا تبي تطق الحشر) يعني القيامة ستقوم، فسألوه لماذا؟ فقال: يجينا مفتش من تمير وصحفي من الزلفي فهذه من علامات القيامة، وأكرمت كثيرا من أمراء المدن الذين يسمون محافظين الآن وسهلوا لي الأمور كلها ولم يتبق أمامي إلا القنفذة، لكن الوقت أدركني وكان لابد لي من العودة إلى القاهرة فكتبت تقريرا وأخذت عليه (A plus) من الدكتور أحمد الصاوي ونشرتها كمقالات، ثم أكملت العمل الرابع عن الإخراج الصحافي في السعودية وجعلت التطبيق والمقارنة على جريدة البلاد ومجلة الرياض التي كانت تصدر في جدة ذلك الوقت.
• ولكن الواضح أنك لم تتأثر بالأجواء السياسية التي سادت مصر في الستينيات؟
تأثرت طبعا فعبد الناصر كانت له جاذبية، ونحن متحمسون في سن الشباب، ولم نكن نعلم عن سلبياته شيئا، لكننا عشنا الانتكاسة بعد الانفصال عن سوريا وشاهدنا انكماش الناس في مواقفهم.
• أتيت بالراديو إلى الزلفي في وقت كان الأكثرية يعتبرون اقتناءه حراما لتنوع برامجه وأغانيه ثم اشتريت كاميرا للتصوير وافتتحت مكتبة أيضا.. هل أردت أن توصل لهم رسالة معينة؟
لا، وأزيدك من الشعر بيت فقد كان الناس يهجرون من يزور الكويت أو البحرين تلك الأيام لمدة ثلاثة أيام، ولم أكن أشعر بحرج من اقتناء هذه الأشياء وفعلتها عن قناعة فالراديو اشتريته من الرياض ووضعته في السطح لكي لا يعلم به أحد، وبعد فترة عرفت به أمي فتضايقت. وكدت بسببه أن أجلد بعد أن سمعت عن ثبوت العيد فسربتها بدون قصد لأحد أصحابي، فوصل الخبر للجميع فقال المجتمعون: إن لم يصدق الخبر فسنجلده، والحمد لله طلع الخبر صحيحا، أما المكتبة فبدأت فكرتها عندما أتيت بنسختين من عدد من الصحف السعودية ليقرأها الناس، فوجدت إقبالا واستمررت على هذا الأمر طيلة فترة الصيف، ثم سلمت المكتبة لأحد أصدقائي ليقوم بها في غيابي.
• ومتى انقطعت علاقتك بجريدة الخليج؟
أشرفت على طباعتها فقط عندما كنت أدرس في المعهد العلمي في الرياض والسنة الأولى في كلية اللغة العربية، كما أنني عملت في اليمامة في الفترة مابين الشهادة الجامعية والدكتوراه فقط.
• ظللت لفترة تكتب باسم (مشرق) ولم يعرف القراء بأنه حمود البدر، إلا بعد سفرك لأمريكا وانقطاع الزاوية فما سر التخفي والتسمية؟
مشرق هذه كانت معيارة أطلقها علي تاجر اسمه حمد النصار، حيث يبيع الأرز وبعض المواد الغذائية، وكان عنده تقويم في المحل فكنت أذهب إلى محله كل يوم لقراءة ما هو مكتوب خلف ورقة تقويم كل يوم، إضافة إلى مواعيد الصلاة، فيبدو أنني دخلت عليه في أحد الأيام وكان عنده ناس فضايقه وجودي فقال لي: تراك أشرقتنا، يعني نشبت في حلقنا.. فأنا لكي أعدل المفهوم كتبت زاوية (إشراقة) باسم مشرق (أي مضيء) وكنت أرسل من خلالها رسائل ذات مغزى وهدف.
• بدأتها قبل إشراقة الدكتور هاشم عبده هاشم؟
نعم ولم يكن أحد يعرف من هو كاتبها، وإلى جانبها في نفس الصفحة زاوية أخرى بعنوان «فكرة الأسبوع» باسمي الصريح ولم يعرف اسم مشرق أنه حمود البدر، إلا بعد عودتي من أمريكا ومعاودتي كتابتها مرة أخرى.
• البعض يعتقد أنك خرقت تقاليد القبيلة بزواجك من ابنة وزير التجارة الأسبق الشيخ عابد شيخ رحمه الله؟
الزواج قسمة ونصيب وعندما كتب الله لي الزواج من ابنة الرجل الرائع عابد شيخ رحمه الله، لم يكن هو وزيرا للتجارة آنذاك، ولم أكن غنيا ومعروفا وشاء الله أن تتجاور أسرتانا في القاهرة، فكان لي ولها الحظ والنصيب وقد حالفني التوفيق معها وبارك الله لي في أولادي منها، ولعل من الطريف أنني عندما ذهبت لمقابلة والد زوجتي وكان وقتها نائبا لمحافظ مؤسسة النقد في مكتبه وجدت مدير مكتبه وعنده أناس، فقلت له: إنني أتيت بشأن خطبتي ظنا مني أنه والدها فطلب مني أن أدخل إلى المكتب لأن والدها في انتظاري.
• دكتور.. ما سر رفضك من دراسة الإعلام في أمريكا وتحويل تخصصك؟
ليس هناك سر، فقد تم قبولي في قسم الإعلام في (جامعة نورث كارولينا) وكانت معي زوجتي تلك الفترة وابني الأول (بدر) ولم تكن هناك عائلات سعودية في المدينة، ولم تكن أجواء المنزل مريحة لانشغالي عنهما في الدراسة وشعرت زوجتي بالضيق، فقررت عدم البقاء وأخبرت رئيس القسم أنني سأغادر الجامعة وركبت سيارتي بعد أن بحثت عن ولاية تتواجد فيها عائلات سعودية فاتجهت إلى (جامعة ولاية ميتشجان) وفي جامعتها قسم للصحافة، وعندما وصلت إلى هناك ذهبت لرئيس القسم، وعندما عرف أنني عربي سعودي أعطاني كتابا عن الهجرة الخفية لليهود إلى الأراضي المقدسة، وطلب مني أن انقده، فظننت أن الأمريكان لديهم حرية رأي وأنهم يقدرون أراء الآخرين فانتقدت اليهود واحتلالهم لفلسطين، وأن ما يحدث ليس عدلا، وسلمتها له فكتب عليها (غير مقبول) وأعطاني تقدير (c) يعني راسب، ومادام هو رئيس القسم فالموضوع لا يحتاج إلى نقاش، فخرجت من عنده إلى كلية التربية وكان فيها زميل سعودي ممن استشرتهم قبل قدومي إلى ميتشجان هو محمد إسماعيل ظافر، وكان مبتعثا من جامعة أم القرى، وفي تلك الأيام كان الطالب السعودي له مكانة في الولايات المتحدة لدرجة أن تأشيرات كل الطلبة سياسية، فدخلنا على رئيس القسم وقابلناه وشرحت له الموقف الذي حصل معي في قسم الصحافة فقال لي: إذن نأخذك عندنا، فأخذت من عندهم الماجستير في إدارة الجامعات وقلبت الدكتوراه إلى العلاقات العامة والإعلام في الجامعات، فأصبح تخصصي مزدوجا واعترفت فيه جامعة الملك سعود ووافق مجلس الجامعة على أن أكون عضوا في القسمين.
• ما الذي حاولت أن تعوضه كعضو مجلس شورى عن الفترة التي قضيتها أمينا عاما؟.
الصلاحيات تختلف فعضوية المجلس لا علاقة لها بالأمانة العامة التي كانت محصورة في إدارة وتشغيل المجلس ونواحيه الفنية والإدارية.
• وكيف تصف نجاح مجلس يرى البعض أنه يخلو من المناقشات الجادة وحرية التعبير إلى أن يصل إلى درجة التلاكم والسباب وهو ما يحدث في مجالس برلمانية خارجية وجاء على لسانك عندما كنت أمينا عاما؟
هذا الكلام قلته عندما كانت العصي سلاح التفاهم بين أعضاء مجلس اليابان، وفي بعض البلدان العربية ولن أسميها تضيع المصالح كلها بسبب الصراعات بين الأعضاء، فيما لم تلغ في يوم من الأيام أي جلسة لدينا لعدم اكتمال النصاب، ولم يقف أحد وقيل له: لا تتكلم، وكان أقصى شيء يفعله الشيخ بن جبير رحمه الله هو عدم السماح بتسجيل الكلمات غير المناسبة في المحاضر فقط، لكي تكون هناك حرية في الطرح، إلا أن يأتي عضو بشيء شاذ بالمرة فهذا خارج المألوف.
• وعندما طرح الدكتور محمد آل زلفة عضو مجلس الشورى موضوع قيادة المرأة للسيارة رفضتم مناقشته؟
هناك ضوابط يجب اتباعها، فأي موضوع يطرح في المجلس يصوت على ملاءمة مناقشته فإن حصل على خمسين بالمائة زائد واحد يناقش، وإن لم يحصل على النسبة المطلوبة فلا يناقش نهائيا، وهذا الموضوع تحديدا طلب ولم يحصل على نسبة المناقشة.
• مع أنك شخصيا كنت من دعاة قيادة المرأة وانتقدت عندما كتبت متسائلا: ما هو الأسلم أن ندع المرأة تقود السيارة أم نأتي لها بسائق أجنبي؟
كنت أول من أثاره في الصحافة وما كتبته أقام الدنيا ولم يقعدها، والموضوع ليس فيه حكم شرعي، ومازالت نساء البادية يقدن سياراتهن بأنفسهن، لكن الخوف من الاحتكاكات أوقف تطبيقه في المدن، خصوصا في ظل ضعف الثواب والعقاب، وعندما نشرت هذا الكلام سئلت: و في رأيك ماهي مجالات عمل المرأة، فقلت إن كل شيء يخص المرأة لابد أن تدخل فيه سواء في الشرطة أو غيرها.
• في ظل الأوضاع الحالية.. كيف ترى الأمور؟
يجب أن تكون هناك قواعد واضحة وعملية، وأن يسمح للمرأة بقيادة السيارة.
• وهل ستسمح لزوجتك أن تقود سيارتها بنفسها؟
سمحت لها في أمريكا بعد أن حصلت على رخصة قيادة رسمية، وساقت خلال فترة وجودي للدراسة، ولم تعمل حادثة واحدة (ولا مخالفة) وهناك غيري الكثير.
• لكن يصعب عليها أن تقود هنا؟
موضوع قيادة المرأة قادم، وسيصبح واقعا في يوم من الأيام، ولكن بعد أن يتم الحزم في موضوع الثواب والعقاب، وكمثال انظر لحزام الأمان عندما طبق في البداية فوصلت نسبة الالتزام به إلى أكثر من 70في المائة أما الآن فلا تجد نسبة 30في المائة من الملتزمين به على أحسن تقدير فالمسألة ببساطة (أن من أمن العقوبة أساء الأدب)، وأعتقد أن صبرنا سينفد تجاه ما يحدث في البيوت من مشاكل للسائقين وهو أمر لا يطاق أيضا.
• قلت أيضا: إذا كان الأمن قويا فلا خوف من العمالة الوافدة، لكن المشكلة أن أرباب الأعمال جزء هام في المشكلة؟
لو أخذت عناصر المشكلة وحللت وتم التنفيذ الجاد فأنا أعتقد أنها تحل، ولو فتحت المجالات أمام الشباب السعوديين الذين يحاربون وللأسف من رجال الأعمال، فالتزوير في الأوراق الرسمية والدفع من تحت الطاولة أصبحت أساليب يتنافس فيها كثير من النصابين فهذه ثغرات تحتاج إلى تطبيق العقاب الصارم.
• بمعنى أن الشاب السعودي مازال يقف على رغوة صابون؟
• إلى حد ما، ولذلك طالبت بدورات عسكرية للشباب، لكي يتعلموا الانضباط والثواب والعقاب، وفي ظني أن أغلب الشباب يفكرون في وظائف حكومية إلا إذا لم تتوفر.
• ولم لا يقترح موضوع التجنيد الإجباري الذي تطبقه بعض دول المواجهة مع إسرائيل؟
أعتقد أنه سيكون مفيدا.
• عارضت فكرة إدارة الرجال لتعليم البنات.. لماذا؟
ومازلت ضد أن تظل مقصورة على الرجال، إلا أن الأوضاع تحسنت كثيرا الآن، وأصبح لدينا نائبة للوزير مسؤولة عن تعليم البنات وهذا الوضع الطبيعي، وقد تكون هناك فوائد فقدناها في السابق لعدم إشراك المرأة في إدارة تعليم البنات.
• وقفت أيضا بشدة مع تطبيق نظام الساعات الذي ألغي، وكان مرشحا للتطبيق في المدارس الثانوية، فهل مازلت على موقفك السابق؟
نعم والنظام مفيد جدا وفعال ولم تلغه جامعة البترول أبدا، وطبق في المدارس المطورة والشاملة وألغي بسبب (أن الباب اللي يجيك منه الريح سده واستريح) فقد كثر استغلال الطلاب للجانب الاختياري في النظام، فأصبحت هناك ثغرة أسيء استخدامها خارج الإطار الدراسي فأوقف.
• الشكوى قائمة حتى من النظام الحالي لاحتساب درجات الطلاب الذي يدخل فيه القياس واختبار القدرات؟
الناس أعداء ما جهلوا، وقد تكون هناك ثغرات في النظام تحتاج إلى معالجة، لكن رفضه بالكلية خطأ، والمشكلة الآن أن بعض المدارس الأهلية تعطي الدرجات لطلابها بكرم زائد والعكس في المدارس الحكومية، فوضعت هذه الضوابط كالقياس وغيره لمعالجة هذه الثغرات وغيرها، والذي أراه أن كل شيء جديد يرفض إلى أن يتعود عليه الناس، وكمثال فتعليم البنات ظل مرفوضا من الكثيرين في بدايته وجاءت وفود إلى الملك فيصل رحمه الله، فأرسل جلالته للملك فهد رحمه الله عندما كان وزيرا للمعارف تلك الفترة (بأننا إذا جئنا نأخذ بناتهم من البيوت للمدارس فلهم الحق أن يرفضوا، أما المدارس فنفتحها لمن يرغب في الدراسة فيها) وبعد عام جاء أفراد الوفد الرافض يطالبون بمدارس أخرى في مناطقهم، ووصلنا اليوم إلى درجة أن أي فتاة لا تدخل المدرسة تعتبر متخلفة، والسؤال: هل تغير ديننا وتغيرت مفاهيمنا؟ كل ما هنالك أننا اعتدنا على رفض أي جديد وقس على ذلك موضوع الأندية النسائية الخاصة التي رفضت في البداية والآن تمارس فيها الرياضة بقيود وضوابط متبعة وليس هناك أية مشاكل.
• عملت وكيلا لجامعة الرياض (الملك سعود حاليا) وهناك من يقول إنها (أي الجامعة) لا تملك تقاليد جامعية فما صحة هذا القول؟
هذا الأمر ليس بشكل مطلق فأنا الآن متقاعد وأدرس في الجامعة ويقدرونني، ولم أنقطع عن التدريس حتى عندما كنت أمينا عاما لمجلس الشورى، ولي مكتب حاليا وكان لي مكتبان لأن تخصصي مزدوج في الإعلام التربية.
• كأنهم جاملوك؟
ليسوا بحاجة لذلك لأنني لم أنقطع عن التدريس حتى بعد تقاعدي مثل الآخرين.
• قلت عن الأندية الأدبية قبل ثلاثين عاما (شف وجه العنز واحلب لبن) لماذا؟ وهل مازلت عند رأيك؟
أصارحك القول إنني ظالم لها لأنني لم أتعامل معها، ولا أستطيع الحكم عليها، ولكنني قلت ما قلت عن أنشطتها من خلال ما أقرأ وأسمع لأنها لم تكن بلغت ما كنت أتوقعه.
• وهل تحضر الصوالين الأدبية مثل اثنينية الخوجة وما شابهها؟
أحضر بحسب ما تيسر من وقتي في الرياض وعندي اجتماع كل جمعة بعد العصر في منزلي يحضره بعض الإخوة المثقفين، أما إثنينية الخوجة فلم أدع لها أبدا.
• وكيف ترى مستقبل الصحافة الورقية؟
لاشك بأنها ستتأثر بالتطور الهائل لنقل المعلومات الذي يشهده العالم حاليا وعليها أن تعدد وسائلها وتتطور وتستفيد من النجاح الإعلاني للنشر الإلكتروني والذي يحقق دخلا جيدا.
• كيف تطور نفسها ووسائلها وجانب التدريب ضعيف في مؤسساتنا الصحفية؟
أعتقد أن التركيز على الأرباح أنساهم هذا الجانب الهام.
• الكل يقول إن هيئة الصحافيين منذ إنشائها مازالت حبرا على ورق وأنت عضو فيها؟
الصراحة أنني لم أتابعها جيدا ولذا فأنني لا أستطيع الحكم لها أو عليها.
• إذا تحدثنا عن الرياضة، فأنا أتساءل كيف وصلت رئيسا لنادي مرخ واتحاد الجمباز وأنت لا تمارس الرياضة؟
بالنسبة لنادي مرخ فقد رشحت لرئاسته لأنني كنت أول من حمل الدكتوراه في الزلفي، واستدعت مني ظروف وجودي في الرياض بعيدا عن الزلفي ترك المنصب، أما اتحاد الجمباز فدخلته عضوا لإعجابي باللعبة ورشحت لرئاسته من قبل الأعضاء ولم استمر لكثرة مسؤولياتي.
• لم تكن لك ميول محددة؟
إطلاقا.
• لكن الذي أعرفه أن الأبناء يشجعون الهلال؟
أبنائي لم يشجعوا نادي الهلال، ولا أي ناد آخر، وهم يلعبون التنس وركوب الخيل وبعض الرياضات الترفيهية كما كانوا كلهم أعضاء في نادي الفروسية.
• ومتى ستعود للاستقرار في الزلفي؟
لي استراحة هناك، وأذهب لزيارتها في المناسبات والأعياد، وبقائي في الرياض مرتبط بمصالحي إن كانت لي مصالح فعلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.