} استمعت محكمة مانهاتن الفيديرالية في نيويورك امس، الى افادة شاهدين جديدين للادعاء في قضية تفجير سفارتي الولاياتالمتحدة في شرق افريقيا سنة 1998. وكان مقرراً ان يستجوب سام شميدت، محامي المتهم الاميركي اللبناني وديع الحاج، شاهد الادعاء جمال احمد الفضل ابو بكر السوداني لكن شميدت لم يحضر الجلسة، للمرة الثانية في يومين، بسبب مرضه. وكان محامو المتهمين الثلاثة الآخرون، محمد الصادق عودة فلسطيني وخلفان خميس محمد تنزاني ومحمد راشد داوود العوهلي سعودي، اكملوا اول من امس استجواب السوداني. وسعى محامو الدفاع الى ضرب صدقية "ابو بكر السوداني". ودفعه الى الاقرار بأن الاعضاء العاديين في تنظيم "القاعدة" لا يعرفون كل خطط هذا التنظيم الذي يقوده اسامة بن لادن. تلا القاضي ليونارد ساند في بداية جلسة امس على هيئة المحلفين "نص حقائق" ان الادعاء والدفاع اتفقا عليه. وقال ان الاتفاق ينص على "ان السوفيات اجتاحوا افغانستان سنة 1979، ورداً على ذلك بدأ "الجهاد" ضد السوفيات والحكم الشيوعي الموالي لهم". وتابع: "ان نجيب الله تولى السلطة في 1986 ثم انسحب السوفيات سنة 1989، لكنهم استمروا على رغم ذلك في تقديم الدعم الى نجيب الله حتى السنة 1991. وقال ان الاستخبارات الاميركية دعمت المجاهدين الافغان عسكرياً، بما في ذلك مدّهم بصواريخ "ستينغر" من خلال "دولة ثالثة". ثم استدعى الادعاء شاهده عصام محمد الرضي الذي قال انه من مواليد القاهرة سنة 1958، وانتقل الى الكويت حيث عاش 22 سنة. وقال انه تلقى تعليمه في الكويت، ثم انتقل الى كراتشي سنة 1976 لكنه لم يكمل تعليمه بسبب الخلافات داخل باكستان بين علي بوتو ومعارضيه ما ادى الى اغلاق مدرسته، وقال انه تعلم الهندسة في باكستان ثم انتقل الى الولاياتالمتحدة سنة 1979 وتخرج سنة 1981. وقال انه غادر الولاياتالمتحدة ثم عاد اليها تكساس حيث عمل. وسأله الادعاء هل التقى في كراتشي الشيخ عبدالله عزام. فقال: "نعم، التقيته. الشيخ عزام كان يدعو الناس الى حضور لقاءاته. تعرفنا من خلال السفارة المصرية". وتابع انه التقى الشيخ عبدالرسول سياف في بيشاورباكستان في 1983 وانه اخذ معه عائلته. وقال انه سأل سياف كيف يمكنه دعم الجهاد، فأجابه سياف انه يمكنه المساعدة خصوصاً انه يعرف قيادة الطائرات. وقال انه ترك عائلته في كراتشي وعمل لدعم المجاهدين وتدريبهم على الغوص وشراء اجهزة مراقبة ليلية وامور اخرى. وتابع انه اشترى الاجهزة من بريطانياوالولاياتالمتحدة. وقال انه سافر الى الولاياتالمتحدةوبريطانياوالكويت والسعودية. وتابع انه التقى اسامة بن لادن في بيشاور خلال جلسة تولى هو فيها الترجمة لعبدالرسول سياف بسبب وجود شخص انكليزي في الجلسة. واوضح انه قرر ترك باكستان سنة 1985 والعودة الى الولاياتالمتحدة. وشرح سبب قراره بأن جواز سفره كاد ينتهي الجواز المصري. وقال انه كان طلب من الشيخ عزام مساعدته في عمله بسبب اضطراره الى السفر كثيراً. وقال انه عاد الى اميركا وكانت رخصته التي تسمح له بالطيران على وشك الانتهاء. وتابع ان احواله المادية لم تكن جيدة، وانه سكن في 1985 في آرلنغتون في تكساس حيث عمل مدرباً للطيران. وسأله الادعاء هل يعرف من هو وديع الحاج. فأشار باصبعه الى المتهم الجالس في القاعة. وتابع ان وديع اتصل به مرة اخرى من نيروبي وقال له ان اسامة يريد استخدام الطائرة المتوقفة في الخرطوم. وقال انه كان وقتذاك في مصر في شركة "مصر للطيران" في تشرين الثاني نوفمبر 1993 وانه سافر الى الخرطوم من القاهرة عبر نيروبي، واضاف انه رأى وديع الحاج خلال توقفه في نيروبي وان الحاج ابلغه انه ترك العمل مع اسامة في الخرطوم للعمل في منظمة اغاثة في كينيا وقال ان وديع اخبره ان شخصاً يدعى "النووي" سيلتقيه وان هذا الرجل تعلّم الطيران لكنه لم يتخرج. وتابع انه التقى "النووي" في الخرطوم وان الاخير ابلغه انه تلقى تعليمه على الطيران في الولاياتالمتحدة. وقال انه تفحص الطائرة فوجدها في حال رديئة: ليس فيها بطارية واطاراتها لا هواء فيها ومفتاحها مفقود. واضاف انه اشرف على اصلاح الطائرة وطار بها مع "النووي". وقال انها كانت تعاني من خلل لكن امكن الطيران بها. وقال انه و"النووي" جرّبا الطائرة لكنها كادت تتحطم بهما بعدما فقدا السيطرة على جهاز ايقافها جهاز كبح الفرامل. وقال انه بعد هذه التجربة "قرر مغادرة السودان بأسرع وقت" وغصّت هيئة المحلفين والمحكمة بالضحك. وقال انه قرر المغادرة بسرعة ايضاً لأنه مصري واذا عرف المصريون انه على علاقة بأسامة بن لادن في الخرطوم، فان ذلك سيسبب له مشاكل. وقال انه غادر الى اديس ابابا ثم الى القاهرة. وقال انه تلقى عرضاً في الاجتماع مع اسامة: ان يطير بالطائرة ويشحن اغراضاً تعود الى تنظيم "القاعدة" وشركات اسامة بن لادن. وسأله الادعاء: هل ناقشت مع اسامة ان عملك معه هو التجارة ام لدعم "الجهاد" فقال انه قال لاسامة في وقت سابق انه يعتبره مسؤولاً عن قتل مئات الشباب الذين يرسلهم الى القتال من دون تدريب. وانه قال له: "هذا قتل وليس جهاداً". وتابع أن اسامة عرض عليه 1200 دولار راتباً وانه قال له انه سيكون الرجل الثاني الذي يتلقى راتباً بهذا القدر، الاول هو "ابو جعفر العراقي". وقال انه ناقش عرض اسامة مع وديع الحاج كون الاخير على اطلاع واسع على نشاط شركات اسامة. وقال ان وديع قال له ان الراتب المعروض عليه جيد ونصحه بطريقة غير مباشرة بأن يقبله. واضاف انه تلقى اتصالاً من وديع الحاج عاد على اثره الى الخرطوم وجهّز الطائرة للطيران الى نيروبي. وقال انه اخذ معه بالطائرة من الخرطوم الى نيروبي شخصين: احدهما سعودي والآخر يمني. وقال انه بقي في نيروبي ليلتين وعاد الى الخرطوم من دون الراكبين العربيين. وقال انه سمع من شخص يعمل مع اسامة في "وادي العقبت" وسافر معه على متن الطائرة الى نيروبي ان الرجلين السعودي واليمني سيسافران في طائرة اخرى من كينيا في طائرة تابعة لشركة "كينغ آر" King Air وتتسع لخمسة اشخاص الى مكان آخر لا يعرفه. وقال انه شحن 11 جهاز مراقبة ليلية في 1983 - 1988 من الولاياتالمتحدة الى افغانستان، وان المتهم وديع الحاج ساعده في نقل الاجهزة. كذلك شحن رشاشات من اميركا الى افغانستان، وانه رأى هذه الاسلحة لاحقاً في افغانستان وان الافغان لم يعرفوا طريقة استخدامها فاضطر الى الذهاب الى بيشاور. وذكر انه حصل على الاقامة الدائمة في اميركا في 86/1987، وحصل على الجنسية الاميركية في 1994. وقال رداً على سؤال، انه يُعرف باسم "أبوطارق". وسأله فيتزجيرالد: هل اشتريت طائرة لاسامة بن لادن. فقال انه اشترى الطائرة سنة 1993. وشرح تفاصيل ذلك: تحدثت مع وديع الحاج، سكرتير اسامة، عن ضرورة حصول زعيم تنظيم "القاعدة" على طائرة. وقال انه كان يتحدث هاتفياً من اميركا مع وديع الحاج في السودان. وقال ان وديع أخبره ان اسامة يعيش في الخرطوم ويريد شراء طائرة، وانه أخبر وديع ان الطائرة ثمنها 350 ألف دولار، وانه سيحصل على 9 في المئة عمولة. وقال ان الحاج، ممثلاً اسامة، قال انه يريد طائرة سعرها لا يتجاوز 250 ألف دولار، وانه اشترط ان تكون طائرة تستطيع الطيران مسافة ألفي ميل، وتستطيع ايضاً شحن صواريخ "ستينغر" من بيشاور الى الخرطوم. وأضاف ان ذلك ممكن شرط الحصول على اذن بالطيران من بيشاور والهبوط في الخرطوم من دون الاضطرار للتوقف في مكان ثالث. وقال انه نفسه لم يشحن صواريخ "ستينغر" من باكستان الى السودان. واضاف انه حصل على طائرة T-39 ثمنها 250 ألف دولار وان تعديلات ادخلت عليها، وقال ان ثمن الطائرة جاء من الخرطوم 230 الف دولار وانه وصديق له يدعى معتز الحلاق توليا دفع المبلغ الباقي. وقال انه طار بالطائرة من اميركا الى افغانستان: طار شمالاً باتجاه القطب عبر كندا ثم فنلندا ثم آسيا حتى وصولها الى السودان سنة 1993. وأوضح ان الطائرة لم يكن يمكنها قطع مسافة الطيران عبر المحيط الاطلسي ولذلك اختار الطريق الأخرى. وذكر ان الحكومة الاميركية لم تعده لقاء شهادته سوى بحمايته كأي مواطن اميركي. وقال انه أخبر الاميركيين انه ليس متورطاً في أي عمليات مع اسامة بن لادن. وعرض فيتزجيرالد مرة اخرى على الشاهد صورة فقال انها تعود الى شخص يدعى "النووي" الذي كاد يموت معه في الطائرة في الخرطوم. ثم عرض عليه مجموعة صور اخرى، فقال ان الصور هي لطائرة اسامة في الخرطوم وعرض الادعاء عشرات الصور للطائرة مأخوذة من جهات مختلفة. وكانت هيئة المحلفين استمعت صباح الثلثاء الى محاميي الدفاع عن المتهمين عودة والعوهلي كارل هيرمان عن الاول وديفيد باو عن الثاني وحاول المحاميان دفع الشاهد السوداني كان يُعرف فقط باسم "سي. اس. 1" الى الاقرار بأن خطط "القاعدة" لا يعرفها سوى قادة التنظيم والاعضاء الذين تُوكل اليهم مهمة تنفيذ العمليات. واضطر "ابو بكر السوداني" الى الاقرار بذلك تحت وابل من اسئلة. لكن المحاميين هيرمان وباو طرحا على الشاهد الكثير من الاسئلة التي لم يُفهم الهدف منها او علاقتها بالاتهامات الموجهة الى الاربعة الماثلين امام المحكمة. اذ سألا "السوداني" عن علاقة عمر عبدالحكيم المعروف ب"ابو مصعب السوري" بتنظيم "القاعدة" زعم الشاهد انه عضو في مجلس شورى التنظيم وعن الكُتب التي اصدرها. لكن لم يوضحا الهدف من هذا السؤال. كذلك طرحا سؤالاً عن "ابو فضل المصري" المعروف ب"الدكتور فضل" وكتابه "الجامع في طلب العلم الشريف" ورد الشاهد انه لا يعرف هذا الكتاب. ومعروف ان كتاب الدكتور الفضل مؤلف من مجلدين ضخمين سبب ازمة كبيرة داخل "جماعة الجهاد" المصرية التي يقودها الدكتور ايمن الظواهري تولى قيادة هذه الجماعة سنة 1993. كذلك حاول المحاميان دفع الشاهد الى الاقرار بأنه يتلقى كمية ضخمة من المال من الحكومة الاميركية، وهو امر يمكن ان يستخدم ضده لاحقاً من خلال الاشارة الى انه يقول معلوماته عن ابن لادن وتنظيمه "خدمة لأسياده الاميركيين". وقال "السوداني" في المحكمة انه بالفعل كان يريد "مكافأة" من الاميركيين لقاء المعلومات التي قدمها اليهم عن "القاعدة". لكنه قال ان المحققين ابلغوه انه ليس مؤهلاً لتلقي المكافأة وان كل ما قدموه له هو ايجار منزله وبعض المساعدات لإعالة عائلته. وكان لافتاً ان الدفاع لم يطرح اي سؤال على الشاهد في شأن قوله امام المحكمة الاسبوع الماضي انه اتصل ب"حكومات" محلية في المنطقة قبل اتصاله بالاميركيين عارضاً معلوماته عن "القاعدة" عليهم بعد انشقاقه عنها سنة 1996. كذلك لم يطرح الدفاع اسئلة عن الاموال التي أقرّ الشاهد بأنه سرقها من تنظيم "القاعدة" مئة الف دولار في احدى المرات وعشرة آلاف دولار في مرة أخرى. واختتمت جلسة المحكمة الثلثاء باسئلة ديفيد ستيرن محامي التنزاني خلفان خميس محمد. وركز المحامي اسئلته على علاقة المتهم محمود ممدوح سليم "ابو هاجر العراقي" باسامة بن لادن سليم موقوف في نيويورك في قضية السفارتين، لكن موعد محاكمته لم يتقرر بعد. وقال "ابو بكر" ان "ابو هاجر" القى خطبة في فوست كان فيها اول شخص يتحدث عن نية "القاعدة" الانتقال الى السودان من افغانستان. ووافق الشاهد على كلام المحامي ان "ابو هاجر" كان يبرر تصرفات "القاعدة" من خلال الاعتماد على تفسيره للقرآن الكريم والاحاديث النبوية. وتحدث خصوصاً عن تبرير "ابو هاجر" ضرورة ضرب الاميركيين وطردهم من الخليج. وسأله المحامي هل يذكر خطبة اخرى ل"ابو هاجر" برر فيها قتل المدنيين. فقال انه يذكر ذلك وان "ابو هاجر" بنى موقفه على اساس إحدى الفتاوى. وانه ذهب مرة مع "ابو هاجر" لتفقّد مصنع للاسلحة الكيماوية في السودان سنة 1993 او بداية 1994. وأقر الشاهد كذلك بأن "ابو هاجر" محمود سليم عضو نافذ في "القاعدة" وانه قريب جداً من ابن لادن. وأنه لم يجادل "ابو حفص المصري" عندما اخبره الاخير سنة 1994، ان "القاعدة" كانت تريد تفجير سفارة اميركا في الخرطوم "على رغم ان ذلك كان يمكن ان يؤدي الى قتل مدنيين". وأنه لم يجادل قادته أيضاً عندما طلبوا منه المساعدة في شراء يورانيوم، وقال "السوداني" انه عندما انتقل الى الولاياتالمتحدة كان يعرف انه يمكن ان يُسجن فترة طويلة جداً قد تكون 15 سنة او اكثر. وقال القاضي ليونارد ساند انه سيكشف نصّين قانونيين يبرر فيهما سبب اعتماده افادات حصل عليها المحققون الاميركيون من متهمين في قضية السفارتين قبل نقلهم من افريقيا الى الولاياتالمتحدة.