طالب متظاهرون في موسكو بالامتناع عن "إغلاق عيون روسيا وآذانها"، في إشارة الى قرار الحكومة الروسية إغراق محطة "مير" الفضائية الذي اعتبروه "جريمة". وفي الوقت نفسه، أكد قادة الأحزاب اليسارية ان هذا القرار في صالح الولاياتالمتحدة التي بدأت امس، استعدادات لمواجهة "اعتداءات افتراضية" في الفضاء الخارجي. وتعد "مير" مفخرة التكنولوجيا السوفياتية التي سبقت الولاياتالمتحدة في هذا المجال وكانت أطلقت في 20 شباط فبراير عام 1986. إلا أن الانهيارات السياسية والاقتصادية، أدت الى وقف تمويل الكثير من المشاريع الفضائية وبينها "مير" التي كان "تعويمها" يقتضي اعتماد زهاء 200 مليون دولار لم يتمكن من توفيرها بلد يتسرب منه سنوياً قرابة 20 بليون دولار. وبدأ تدريجاً هبوط المحطة من مدار على ارتفاع 400 كيلومتر الى مدار انحداري وصل ارتفاعه امس، الى 285 كيلومتراً. ويتوقع أن تدخل "مير" الأجواء الكثيفة للأرض ويبدأ احتراقها في السابع من آذار مارس المقبل، حينما تصبح على ارتفاع 70 كيلومتراً، لكي يتساقط حطامها في مستطيل الأوقيانوس العالمي طوله 900 كيلومتر وعرضه 200 ويقع بين القارتين الأميركية والاسترالية. وسيكون بوسع الفضوليين ان يشاهدوا احتراق "رمز العزة" الروسية، إذ نظمت شركة "سبيس هاب" الأميركية رحلة خاصة لنقل 120 راكباً على طائرة تحلق في منطقة قريبة من مكان احتراق "مير" وغرقها. وستكلف متابعة هذه العملية التي تستغرق 30 دقيقة مبلغ 6500 دولار للشخص الواحد. والمواطنون الروس لا يملكون في غالبيتهم مثل هذا المبلغ الذي يعد خيالياً، لكنهم ما زالوا قادرين على إطلاق العنان لحناجرهم، إذ طالبوا في تظاهرة جرت في العاصمة امس، ب"عدم تسليم الفضاء الروسي" والامتناع عن إغراق "عيون وآذان" روسيا، في إشارة الى أن المحطة كانت تستخدم للتجسس والرصد. ووجهت قيادة اتحاد الأحزاب اليسارية رسالة مفتوحة الى الرئيس فلاديمير بوتين وقعها زعيم الحزب الشيوعي غينادي زيوغانوف وأكد فيها ان قرار إغراق المحطة اتخذ لخدمة مصالح الولاياتالمتحدة "الساعية الى الهيمنة على الأرض وفي الفضاء". وأضاف أن هذا القرار يتخذ أبعاداً خطيرة بعد تصميم الإدارة الأميركية على نشر شبكة للدفاع الصاروخي فوق أراضي الولاياتالمتحدة، "ما يخلق وضعاً جديداً" في العالم. وذكرت إذاعة "صدى موسكو" أن الرئيس جورج بوش أصدر أوامره لإعداد برنامج سري يتعلق بالسلاح النووي واستعمال الفضاء لأغراض حربية. وفي واشنطن، أقرت القوات الجوية الأميركية تقريراً أشار الى أن وقوع أعمال عدائية في الفضاء مستقبلاً، أصبح من قبيل "اليقين الافتراضي". وأكدت تصميمها على دعم القوة العسكرية الأميركية في الفضاء. وأعربت وزارة الخارجية الروسية عن القلق الشديد لما وصفته ب"سيناريوهات حرب النجوم والحديث عن "أعداء مفترضين". وشدد ناطق باسم الوزارة على أن "الألعاب الفضائية" الأميركية تثير قلقاً شديداً في موسكو وتشكل محاولة لكسر التوازن الاستراتيجي القائم على معاهدة عام 1972 في شأن الدفاع الصاروخي. وأعلنت روسيا أنها ستقدم في نيسان ابريل المقبل، برنامجاً هدفه منع "العسكرة في الفضاء". ومعروف أن روسيا ستحتفل في 12 منه، بذكرى مرور 40 عاماً على انطلاق أول رائد فضاء هو السوفياتي يوري غاغارين الى الفضاء الخارجي.