يحتفل الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسن اليوم بعيد ميلاده السبعين في المستشفى الذي نقل اليه بعد اصابته بالتهاب جرثومي. ويتوقع ان يزوره هناك خلفه فلاديمير بوتين ليسلمه بندقية الصيد التي كان اشتراها ليقدمها هدية الى الرجل الذي ما برح مواطنوه يتجادلون في ما إذا كان قاد بلادهم الى الحرية أم انه حولها انقاضاً. وكالعادة لم يصدق أحد البيانات الرسمية التي ذكرت ان يلتسن أصيب ب"نزلة برد جرثومية" عابرة وتوقعت ان يبرأ قريباً. فالمواطنون في روسيا لم ينسوا بعد كيف ان الكرملين كان يتحدث عن "قوة "يد" يلتسن حتى عندما أجريت له جراحة في القلب اثر الانتخابات الرئاسية عام 1996. وعلى رغم ان هذا الرجل العملاق كان من ألمع رياضيي الاتحاد السوفياتي فإن أوضاعه الصحية تدهورت بسبب أعباء السياسة وتأثير الكحول الذي أدمنه. ومنذ توليه الرئاسة أمضى شهوراً عدة في المستشفيات ومدة أطول في دور النقاهة، وكانت آخر "زيارة" له الى المستشفى أواخر العام الماضي حين أجريت له جراحة في عينه التي بدأت تغدو كليلة تقريباً. وذكرت ابنته تاتيانا التي كانت من أهم مستشاريه في الكرملين ان والدها "انزعج" كثيراً لاضطراره الى الغاء احتفالات كان مقرراً ان تقام في قصره الريفي بضاحية "غوركي - 9". وعلم انه كان ينتظر كبار رجال الدولة وفي مقدمهم الرئيس بوتين للتهنئة، ثم اراد أن يجتمع الى زملاء الدراسة في المرحلة الجامعية وعدد من الأصدقاء المقربين وافراد العائلة في جلسة خاصة. ويتوقع المراقبون أن يقوم بوتين لوحده اليوم الخميس، بزيارة يلتسن في المستشفى ويهديه بندقية الصيد التي يستبعد أن يستخدمها الرئيس السابق الذي أنهكه مرض القلب ومتاعب السلطة. ولمناسبة عيد يلتسن، أجرى مركز دراسة الرأي العام استقصاء سئل فيه المواطنون عن "حسنات ومساوئ" الحقبة التي حكم خلالها روسيا، فأجاب 75 في المئة أن عهد يلتسن "غلب فيه السيئ"، بينما رأى 15 في المئة انه حقق انجازات لبلاده. وأشارت اسبوعية "ارغونتي اي فاكتي" الأوسع انتشاراً الى ان السرقة والفساد من الظواهر الشائعة والمألوفة في عهد يلتسن، وقالت ان كثيرين من المواطنين يرون ان الحياة في روسيا غدت أسوأ مما كانت عليه في زمن الاتحاد السوفياتي. ويذكر ان مجلس الدوما النواب كاد أن يصدر قراراً بحجب الثقة عن يلتسن عام 1999، بعدما وجهت اليه اتهامات خطيرة بينها هدم الدولة السوفياتية وانتهاك الدستور عام 1993 وقصف البرلمان وشن الحرب الشيشانية وإبادة الشعب الروسي الذي تقلص تعداده بمعدل مليون نسمة في كل سنة من سنوات حكمه. وخلال الأعوام العشرة الأخيرة من القرن العشرين، شهدت روسيا هزات اجتماعية واقتصادية وسياسية نقلتها من مصاف الدول العظمى الى ما يشبه "جمهوريات الموز". وكان يلتسن يغير الحكومات والوزراء كما قفازات اليد، انطلاقاً من حرصه على كرسيه وليس على المصلحة العامة. ولا يعرف أحد الخلفية الحقيقية لاستقالته في آخر أيام سنة 1999، وكيفية اختياره فلاديمير بوتين خلفاً له، ولكن من المؤكد أن الأخير بدأ عملية التصفية التدريجية لإرث سلفه. وشن حملة ضد عدد من رموز الفساد و"طواغيت المال" وشرع في تحقيق الوئام السياسي وأخيراً، قرر العودة الى النشيد الوطني السوفياتي. بيد أن يلتسن الذي صار محوراً للجدل ما برح محط الاهتمام ومنذ نقله الى "مستشفى الكرملين" الذي يعالج فيه كبار رجال الدولة، رابطت كاميرات التلفزيون لتسقط آخر أخبار المريض ربما بحثاً عن "خبطة" يمكن أن تصبح على رأس نشرات الأخبار العالمية.