دق البرلمان الروسي مسماراً آخر في نعش عهد الرئيس السابق بوريس يلتسن، بإقراره أمس اقتراحات الرئيس فلاديمير بوتين برد الاعتبار الى موسيقى النشيد الوطني السوفياتي. وجاء ذلك على رغم اعتراض يلتسن الذي طلب من خلفه أن "يصغي من كل بد" الى نصائحه، مشيراً الى انه ما زال يلتقي باستمرار وزيري الدفاع والداخلية. وطلب من بوتين استصدار قرار بمنع الحزب الشيوعي وازالة جثمان لينين من ضريحه قرب الكرملين. صادق البرلمان الروسي بغالبية ساحقة 381 ضد 51 صوتاً على رموز للدولة الروسية التي كانت "غير شرعية" لأنها اعتمدت عام 1991 بمرسوم اصدره بوريس يلتسن ولم تصادق عليه البرلمانات المتعاقبة التي كانت مناوئة لرئيس الدولة. واقترح بوتين ما صفه ب"صيغة الوفاق المدني والسياسي" اذ أبقى على العلم القيصري ذي الألوان الثلاثة والنسر ذي الرأسين، ملبياً بذلك مطالب اليمين. واسترضى اليسار برد الاعتبار الى النشيد الوطني السوفياتي، على ان تقترن موسيقاه بكلمات جديدة. إلا ان اقطاب العهد اليلتسني الذين اعتادوا ان تكون لهم الكلمة الطولى، اعتبروا المقترحات تحدياً لهم. وشنوا هجوماً ضارياً على بوتين. وقال زعيم الجناح الراديكالي اليميني اناتولي تشوبايس ان بوتين "ارتكب خطأ تاريخياً". واعتبر ان تذرعه برأي الشعب المؤيد للنشيد الوطني القديم ليس حجة مقبوله اذ ان "الغالبية تؤيد الكذب والأجحاف". وانضم الى المنتقدين الرئيس السابق بوريس يلتسن الذي قال أنه "يعارض بشدة" العودة الى النشيد الوطني السوفياتي. وحذر بوتين من "مسايرة امزجة الشعب في شكل أعمى". ونشرت أمس تفاصيل حديث مطول أدلى به يلتسن الى صحيفة "كمسمولسكايا برافدا"، أشار فيه الى انه ما زال يتلقى يومياً تقارير من الكرملين ويستقبل أربع مرات اسبوعياً، اهم الشخصيات في الدولة بمن في ذلك وزيري الدفاع والداخلية. وقال ان بوتين "ملزم" بالاصغاء لنصائحه. كما أعلن "ندمه" على عدم اتخاذ قرار بمنع الحزب الشيوعي ورفع جثمان مؤسس الدولة السوفياتية فلاديمير لينين من ضريحه. وقال: "إن هذه مهمة الرئيس الجديد". واعتبر المراقبون هذه الترصحيات احراجاً لبوتين الذي سارع الى الرد عبر ابلاغه النائب أوليغ بروزوف انه كان يعرف رأي يلتسن "السلبي" سلفاً. واعتبره "جديراً بالاهتمام مثل رأي أي مواطن آخر في روسيا". لكنه قال انه لن يغير وجهة نظره. ووضع يلتسن "في مصاف" المواطنين يعني في رأي المحللين ما يشبه القطيعة بين بوتين والرجل الذي سلمه الراية الرئاسية قبل عام واحد آملاً في ان "يكمل الطريق". وقال ل"الحياة" سياسي روسي بارز ان الرئيس الحالي "ضاق ذرعاً" بتدخل يلتسن وأفراد طاقمه في شؤون الدولة وانه كان يتحين الفرص لإعلان "برائة الذمة" من النظام القديم.