دانت المحكمة الاسكتلندية الخاصة المنعقدة في كامب زايست هولندا الليبي عبد الباسط المقرحي بتفجير طائرة "بان أميركان" فوق لوكربي سنة 1988 وأمرت بسجنه مدى الحياة. لكن المحكمة المؤلفة من ثلاثة قضاة يرأسهم لورد رانالد سازرلاند برّأت المتهم الليبي الثاني الأمين خليفة فحيمة وأطلقت سراحه فوراً. وهو غادر كامب زايست حُرّاً مساء أمس، في حين يُتوقع ان يُقدّم محامو المقرحي طعناً في الحكم خلال 14 يوماً. تفاصيل ص 5 ومع إغلاق الملف القانوني لقضية لوكربي بإصدار الحكم ضد المقرحي وفحيمة، فُتح الباب الآن أمام تطبيع كامل للعلاقات بين ليبيا والدول الغربية. وشددت التصريحات الأولية للمسؤولين في كل من ليبيا وبريطانيا والولايات المتحدة على إبداء الاحترام لقرار القضاء الاسكتلندي. لكن الأميركيين والبريطانيين شددوا على ان إغلاق قضية لوكربي يرتبط الآن بقبول ليبيا دفع تعويضات مالية تُحددها المحاكم. ويُعتقد ان القضية ستنتظر الآن مصير الإستئناف الذي سيقدّمه محامو المقرحي والذي يُتوقع ان يستغرق قرابة تسعة أشهر. فإذا رفضت محكمة النقض قرار الإدانة، فإن من المحتمل ان ترفض ليبيا دفع تعويضات. كذلك لوحظ ان الأميركيين والبريطانيين اكتفوا بالقول أمس ان على ليبيا ان تتحمل "مسؤولية" كارثة لوكربي، من دون الإشارة الى مسؤولية الزعيم الليبي نفسه العقيد معمر القذافي. وكان الاتفاق بين الأممالمتحدة وليبيا على تسليم المقرحي وفحيمة سنة 1999 الى القضاء الاسكتلندي في هولندا نصّ صراحة على ان المحكمة تحصر تهمة تفجير الطائرة بالمتهمين الليبيين وليس بنظام الحكم نفسه. وصرح الامين المساعد للشؤون الاعلامية باللجنة الشعبية للاتصال الخارجي والتعاون الدولي وزارة الخارجية حسونة الشاوش ا ف ب بأنه "ليست لليبيا كدولة اي علاقة بقضية لوكربي"، رافضاً بذلك الاتهامات الاميركية والبريطانية. وقال: "انها قضية قانونية، وليبيا تدخلت لحماية حقوق مواطنيها". ويبدو واضحاً، بعد ادانة المقرحي، ان الدولة الليبية تريد ان تعتبر ان الحكم لم يمسها كدولة وبالتالي فإنها ستمضي في استئناف هذا الحكم لتقرر بعده موقفها من التعويضات. وتحدث وزير الخارجية البريطاني روبن كوك امس امام مجلس العموم عن الحكم وطالب ليبيا بدفع تعويضات من دون ان يحدد حجمها. لكن ناطقاً باسم رئيس الوزراء توني بلير قدم رقماً بحدود 700 مليون دولار قال انها "ناتجة عن طلبات تأمين مرتبطة بكارثة لوكربي". وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية ريتشارد باوتشر ليل أمس ان على "ليبيا كحكومة ان تكشف كل شيء تعرفه عن تفجير لوكربي، ان تدفع تعويضات، وان تعلن صراحة بأنها تتحمل مسؤولية أفعال المسؤولين الليبيين، وان تتصرف في شكل واضح لا غُبار عليه يؤكد انها تفهم مسؤولياتها". وتُظهر حيثيات قرار محكمة كامب زايست، المؤلف من 82 صفحة، ان القضاة أصدروا بالاجماع حكمهم بإدانة المقرحي بتفجير الطائرة وتبرئة فحيمة على أساس ان أدلة الإدعاء ضده لا تكفي لادانته. لكن اللافت في الحكم ان القضاة رفضوا شهادة العميل الليبي عبدالمجيد الجعايكة وهو الشاهد الرئيسي للإدعاء وقالوا ان كلامه ضد فحيمة والمقرحي لا يُمكن الوثوق به. كذلك رفض القضاة إفادة شاهد رئيسي ثان هو صاحب شركة "ميبو" السويسرية ادوين بولييه وقالوا انه ناقض نفسه في أحيان كثيرة وكذب على المحكمة والمحققين. لكنهم قالوا انهم أخذوا من شهادته ما يمكن دعمه من مصادر أخرى. وبدا من حيثيات الحكم ان القضاة اعتمدوا الى حد كبير - في إدانة المقرحي - على شهادة توني غاوشي صاحب محل ملايس في مالطا. وقال القضاة انهم واثقون بصدقه. وتعرّف غاوشي في المحكمة على المقرحي بوصفه الرجل الذي اشترى من محله ملابس عُثر عليها في الحقيبة المفخخة التي دمّرت طائرة البوينغ الأميركية. وركّز القضاة في حكمهم أيضاً على نفي المقرحي في مقابلة تلفزيونية علاقته بالاستخبارات الليبية وبشركة "ميبو"، وهو أمر تبيّن عدم صحته خلال المحاكمة.