التكهنات التي سرت بعد إدلاء العميل الليبي السابق عبدالمجيد الجعايكة بشهادته الاسبوع الماضي أمام محكمة كامب زايست، بأن القضية المرفوعة على المتهمين الليبيين في قضية لوكربي ليست صلبة، استدعت تدخل الإدعاء العام لطمأنة ذوي ضحايا الطائرة الأميركية. تحرّك الإدعاء الاسكتلندي نهاية الأسبوع الماضي للتقليل من حجم الضرر الناتج من فشل شاهده الرئيسي عبدالمجيد الجعايكة في إقامة دليل واضح "لا يقبل الشك" يُثبت تورط الليبيين عبدالباسط المقرحي والأمين خليفة فحيمة في تفجير طائرة "بان أميركان" فوق لوكربي سنة 1988. وينفي الرجلان اللذان يُحاكمان منذ أيار مايو الماضي أمام محكمة كامب زايست، وسط هولندا، أي علاقة لهما بتفجير الطائرة الأميركية، وهو الحادث الذي أوقع 270 قتيلاً. ويقول محامو الدفاع عنهما ان فلسطينيين وراء كارثة لوكربي. وأدلى الجعايكة، وهو موظف سابق في الاستخبارات الليبية فر الى الولاياتالمتحدة في 1991، بشهادته أمام المحكمة الاسكتلندية المنعقدة في كامب زايست، أيام الثلثاء والأربعاء والخميس. وهو أكد في اليوم الأول من شهادته ان المتهمين المقرحي وفحيمة عضوان في جهاز الإستخبارات الليبية، وان فحيمة كان يُخفي متفجرات في مكتبه في شركة الخطوط الليبية في مالطا، وان فحيمة والمقرحي نقلا قبل أيام من كارثة لوكربي في كانون الأول ديسمبر 1988، حقيبة سامسونايت من دون تفتيشها أمام سلطات الأمن في مطار لوقا المالطي. ويزعم الإدعاء العام الاسكتلندي ان حقيبة سامسونايت مفخخة نُقلت من مطار لوقا الى مطار فرانكفورت الألماني ومنه الى طائرة ال "بان أميركان" في رحلتها الرقم 103 التي انفجرت فوق لوكربي. لكن محاميي الدفاع ريتشارد كين عن فحيمة وويليام تايلور عن المقرحي شنّا هجوماً عنيفاً على الجعايكة، الأربعاء، وقدّماه على انه كاذب كان يُقدّم معلومات غير صحيحة للإستخبارات الأميركية لكي ترضى عنه وتبقى تمدّه بالمال. وبدأ الجعايكة العمل لمصلحة الأميركيين في آب اغسطس 1988، أي قبل أشهر قليلة من كارثة لوكربي. واعتبر قانونيون وإعلاميون ان الجعايكة لم يُقدّم للإدعاء ورقة قوية تسمح له بإثبات الإتهامات التي وجهها الى فحيمة والمقرحي. ولفتوا الى انه لم يقل انه شاهد المتهمين ينقلان حقيبة السامسونايت المفخخة يوم وقوع التفجير، ولم يُقدّم أي دليل يربطهما مباشرة بتفجير الطائرة الأميركية. وشددوا على ان إثبات التهمة في القانون الإسكتلندي يتطلب إقناع القضاة ب "دليل لا يقبل الشك"، وهو أمر لم يظهر ان الجعايكة استطاع تقديمه. ورد مكتب الإدعاء العام الاسكتلندي الجمعة على الشكوك التي ثارت حيال قيمة شهادة الجعايكة. وقال المكتب في بيان رد فيه على استفسارات ذوي ضحايا طائرة ال "بان أميركان"، انه لا يمكن الإدعاء التعليق على شهادة الجعايكة في هذا الوقت و"لكن الأهالي يجب ان يتذكّروا انه لا يمكن النظر الى شهادة واحدة بمعزل عن الشهادات الأخرى". وأوضح البيان ان الإدعاء شرح منذ البدء ان القضية المرفوعة على المتهمين هي "بيّنة استنتاجية" جريمة تُرتكب في منأى عن الشهود ولا يتسنى تقريرها إلا بالشهادة على ملابساتها أو الوقائع التي تتصل بها ويُستدل منها عليها. وتابع البيان ان إفادة أي من الشهود يجب ان يُنظر اليها مع كل الإدلة الأخرى المقدّمة في القضية، وان الإرتباط بين كل ذلك يُبيّنه المدعي العام في مرافعته الختامية أمام القضاة. وإذا كان بيان الإدعاء الاسكتلندي رفض الإنجرار الى تقويم شهادة الجعايكة، فإن المحامي جيمس كرايندلر الذي يمثّل مكتبه عائلات ضحايا كارثة لوكربي، كان أكثر وضوحاً، إذ قال في بيان ان شهادة الجعايكة مثّلت مساهمة قوية في إثبات التهمة على المقرحي وفحيمة "على رغم التقارير الإعلامية المشوّهة". وقال ان الجعايكة "لم ير الرجلين يضعان الحقيبة المفخخة على متن الرحلة ك. أم 180 من لوقا الى فرانكفورت. لكن شهادته مثّلت دليلاً استنتاجياً رائعاً على جُرم المتهمين" وأظهر ان هناك "مؤامرة" للقيام بتفجير الطائرة. وأشار الى ان الجعايكة كان "موظفاً صغيراً" في الاستخبارات الليبية، وانه شهد بأن المتهمين كانا يتنقلان بجوازات مزورة وبحوزتهما حقيبة سامسونايت قبيل حصول كارثة لوكربي. وختم كرايندلر ان محاولة الدفاع الطعن في صدقية الجعايكة "لم تستطع التقليل من أهمية شهادته ... التي هي خطوة أساسية الى أمام".