ما زال قاضي المحكمة الوطنية الاسبانية بالتاسار غارثون ينتظر معلومات طلبها عن الخلية الاسبانية لمنظمة "القاعدة" التي فككت في تشرين الثاني نوفمبر الماضي لكي يضمها إلى ملف التحقيق الذي فتحه في الغرفة الرقم 5 التي يرأسها. وعلى رغم أنه أصبح يملك أدلة "أكثر من كافية"، بحسب المصادر القضائية، لوضع القرار الاتهامي وتقديم الموقوفين الإسلاميين الثمانية إلى المحاكمة، فإنه ينتظر توضيح أمور أخرى تتعلق باتصالات مختلفة قام بها أفراد الخلية الإسلامية، بعضها جديد وبعضها يعود إلى منتصف التسعينات، ربما ستقوده إلى اعتقالات أخرى بين من يشكلون ما يسمى ب"الخلايا النائمة". في غضون ذلك، تبين للمحققين الاسبان أن عماد الدين بركات أبو دحدح، الذي يتزعم الخلية الاسبانية، كان يتلقى تعليمات من مخيم "خلدن" في جلال آباد أفغانستان. وتوصل المحققون إلى ذلك من مراقبة الاتصالات الهاتفية التي أجراها مع الفلسطيني الأصل المطلوب من الأميركيين والمختفي حالياً أنور عدنان محمد صالح الملقب "الشيخ صلاح". فهذا الأخير أسس مع مساعديه خلال العام 1994 مجموعة "التحالف الإسلامي" التي حدث انشقاق في داخلها بين المعتدلين والمتطرفين، فتجمع الأخيرون في منظمة أطلقوا عليها اسم "جند الله" تولت توزيع بيانات أسامة بن لادن ودعايات "المجموعة الإسلامية المسلحة" و"الجبهة الإسلامية للإنقاذ" الجزائريتين. وخلال تلك الفترة لم يكن بن لادن معروفاً سوى من أنور عدنان محمد صالح وأتباعه. وغادر "الشيخ صلاح" اسبانيا في تشرين الأول اكتوبر 1995 إلى بيشاور وكلف "أبو دحدح" بخلافته في قيادة مجموعة أصبحت تشكل نواة خلية مهمة. وفي باكستان انضم "الشيخ صلاح" إلى "مكتب الخدمات" التابع لبن لادن، وكانت مهمته تجنيد شباب جدد من كل بلدان العالم بالطريقة نفسها التي عمل بها في اسبانيا، مع فارق أنه كان يُسلم "المجاهدين الجدد" ثياباً تقليدية أفغانية بعد تأمين اقامتهم، كما كان ينقلهم سراً إلى جلال آباد للتدريب على استعمال الغاز في "مخيم خلدن". واعتقلته السلطات الباكستانية العام 1999 لشهور عدة، خرج بعدها ليركز اقامته نهائياً في مخيم "خلدن" الذي يعتبر مركزاً مهماً ل"الأفغان العرب" البالغ عددهم أكثر من ألف شخص. لكن "أبو صلاح" لم يتخل كلياً عن قيادة الخلية ل"ابو دحدح" بل "محلياً" فقط، فكان يقودها عن طريق الهاتف ويعطي الأوامر لبركات الذي كان يرسل له بدوره من جنّد في اسبانيا. وبأمر من القاضي غارثون راقبت الشرطة الاسبانية خطوط منازل "أبو دحدح" التي بدلها مرات. وهكذا علمت باستمرار علاقته بصديقه القديم مصطفى ست مريم نصر أبو مصعب الذي كان يقيم في اسبانيا قبل انتقاله إلى أفغانستان، إضافة إلى علاقات قوية كان يقيمها مع صحافي من أصل سوري إسلامي النزعة. كما راقبت علاقاته بمحمد آصان أبو زبيدة الذي كان يستقبل المجندين في مخيم "خلدن".