ضغط المباريات والمسؤولية الكبيرة اللذان يواجههما المدربون في ظل عالم الاحتراف المتطلب والصعب ينعكسان سلباً على صحتهم، و"يأكلان" الكثير من أعصابهم، وينقلان بعضهم على جناح السرعة الى المستشفى، وتكون الضريبة في احيان كثيرة اجراءهم جراحة القلب المفتوح. المدربون مشهورون بأنهم ايضاً "شمّاعة" الهزائم وضحية فشل اللاعبين وسوء الادارة ايضاً، فيصبحون المسؤولين المباشرين عن الاخفاق، ويصير بالتالي "ترحيلهم" حلاً جذرياً او آنياً، يبعد من الاداريين المحاسبة من الجمهور المتعصب خصوصاً. ولعل المباريات وأحداثها شواهد على "الاصابات" التي يتعرض لها هؤلاء وهم في خضم التركيز والشدّ العصبي لاخراج فرقهم من نفق ما قد يؤدي الى هاوية، او الى تصويب المسار، الذي حاد عنه الفريق بعد مسيرة جيدة، يمكن تعويضها، واهدر انتصارات وألقاباً كانت في متناوله. اسماء كثيرة تعرضت للمأزق ودفعت الثمن فقبل ان يبتعد الفرنسي جيرار هوييه من فريق ليفربول مضطراً ليخضع لجراحة في القلب، فعل الشدّ العصبي فعله في صحة كيني دالغليش اللاعب ثم المدرب، والهولندي يوهان كرويف مع برشلونة خضع لجراحة القلب المفتوح، وأريكو ساكي مع بارما الايطالي... ومن يصدق مثلاً ان مدرب ألعاب القوى الفرنسي فرنان اورتبيز كان يغادر المدرجات الى القاعات السفلية لئلا يشاهد لاعبه ستيفان دياغانا يجري سباق ال400م حواجز، فالاختباء افضل من حرق الاعصاب. ويردد بعض النقاد ان المدرب الفرنسي غي رو الذي دخل المستشفى بسبب ازمة قلبية ايضاً، كان اصيب بالسكتة التي لا شفاء منها لو كان حاضراً في الملعب لحظة خروج فريقه اوكسير من مسابقة كأس فرنسا إثر خسارته امام سان بيرست الهاوي 3-5! ويحلل الباحثون الضغط الواقع على كاهل المدربين، ويرون ان عوامل كثيرة تولد ذلك في عالم الاحتراف الذي لا يرحم، فيرتفع ضغط الدم الى درجة "الانفجار"، وأحياناً ينعدم التوازن المطلوب، والصفاء الذهني الضروري في مرحلة اتخاذ القرار السريع لتصويب الموقف "المدرب مسؤول ومقيد بأهواء ورغبات ونظرة مجموعة كبيرة من الاشخاص الى عمله، هم اللاعبون والاداريون والجمهور والصحافة وحتى افراد عائلته"، فضلاً عن ظروفه الخاصة وأحواله الشخصية، فالضغط اذاً يولد الضغط وتتفاقم الامور، علماً ان هناك مجموعة لا يمكنها التألق والبروز واتخاذ القرارات الصائبة وتوجيه اللاعبين الا تحت الضغط، ووقت "الحشرة"الذي يصبح غذاءهم الروحي وملهمهم... ويستعيضون عن تناول الطعام بارتشاف عدد قياسي من فناجين القهوة مصحوبة بعشرات السجائر، وتصدر عنهم تصرفات وحركات غير منطقية في الملعب احياناً اثناء توجيههم الفريق، فمثلاً المدرب الهولندي لويس فان غال يقصر مثل السلطعون، والفرنسي لويس فرنانديز يلتهم مصاصات الحلوى، وهو حل اعتمده كرويف بدلاً من التدخين اثناء مباريات برشلونة بعد الجراحة التي خضع لها. ويفضل الفرنسي جان تيغانا مدرب فولهام الانكليزي عضّ قشة اسنان مسواك. ويكشف اطباء نفسيون ان عدداً لا بأس به من المدربين يلجأ اليهم، ويشكو من الأرق الدائم، خصوصاً اذا كان لا يجد التفاهم والانسجام في محيط النادي والعائلة، ويخشى من تطور حاله نحو الاسوأ، حيث لا تعد تنفع معه المهدئات على انواعها، وتصبح الازمات القلبية واردة في اي لحظة.