حذر أحد كبار القضاة الإيطاليين العاملين على جبهة مكافحة مافيا كوزا نوسترا الصقليّة، من مخاطر تحسين ظروف السجن لعرّابي المافيا. وقال القاضي سيرجو لاري، وهو أحد "وكلاء نيابة مكافحة المافيا" في مدينة باليرمو إن "كوزا نوسترا لا تزال قوية وفاعلة". واعتبر لاري ان تخلي المافيا الموقت عن أسلوب العنف وتنفيذ المجازر على غرار ما نفذته عامي 1992 و1993 ضد الدولة الإيطالية والقاضيين فالكوني وبورسيللينو "ليس إلا تراجعاً تكتيكياً فرضته ظروف الرغبة في التعايش مع الوضع وإبعاد ضغط الدولة عنها". واضاف: "ندرك تماماً إن ثمة اضطراباً يسود الآن في السجون التي يقبع فيها عرابو المافيا الصقليّة والذين يبدو أنهم بدأوا بتنفيذ استراتيجية جديدة". وأشار إلى رسالة بعث بها عراب كوزا نوسترا التاريخي بيبّو كالو المعروف بكونه أمين الصندوق لمافيا كوزا نوسترا الصقليّة، يعرض فيها استعداده للانسحاب من عضوية المافيا، في مقابل أن تقوم الدولة بتخفيف ظروف السجن المفروضة عليه. وقال القاضي الإيطالي: "على الدولة رفض هذا العرض الواهي وألا تتورط في تخفيف ظروف السجن، اذ لا ينبغي أن تنسى أنه ليس بالإمكان تقديم التنازلات الى العرابين لأن ذلك سيكون ظلماً تجاه المئات من ضحايا المافيا والذين سقطوا وهم يؤدون واجبهم". واضاف: "ان الدخول في صفقة مع احد عرابي المافيا لا يمكن ان يتم الا من خلال تعاونه الكامل والواضح وغير المشروط مع الدولة والقضاء، ومن يرغب في ذلك يعلم جيداً ما عليه أن يفعل وما عليه أن يقدم ويعلم ما الذي سيحصل عليه من منافع إزاء ذلك". وأكد لاري: "ينبغي الحذر من التغاضي عن قوة المافيا، فهي لا تزال قوية وكل ما في الأمر هو أنها وضعت جانباً لفترة موقتة، استراتيجية العنف التي فجرّها في عامي 1992 و 1993 العراب الأكبر توتو ريينا وعائلته المافيوية المعروفة بعائلة كورليوني والتي أدت إلى استشهاد القاضيين جوفانّي فالكوني وباولو بورسيللينو وعدد كبير من رجال الشرطة والأمن والقضاة الآخرين". وتساءل القاضي سيرجو لاري عمّا يمكن أن تفوز به الدولة من عرض واهٍ بالتخلي عن المافيا من قبل العرابّين وليس من خلال تعاونهم الكامل وغير المشروط مع الدولة. ويذكر أن قانوناً يحمل الرقم 49 مكرر، يفرض على عرّابي المافيا المتعنتين، ظروف سجن افرادي قاسية لا تتيح لهم ممارسة الحياة الاعتيادية كالسجناء الآخرين، وهي الحياة التي كانت تتيح في السابق لعرّابي المافيا "إدارة شؤونهم" وتنفيذ برامجهم الإجرامية دون أن تكون جدران السجن حائلاً أمامهم.