تمسكت حركة "الجهاد الإسلامي في فلسطين" ب"استمرار المقاومة ضد الإحتلال"، وذلك بعد ساعات على إعلان "حركة المقاومة الإسلامية" حماس تعليق الهجمات الانتحارية داخل اسرائيل حقنا للدماء الفلسطينية. وعلى رغم ذلك، شهد قطاع غزة اشتباكات هي الأعنف منذ عام 1995 أسفرت عن مقتل ستة فلسطينيين برصاص قوات الامن الفلسطينية خلال احتجاجات في مخيم جباليا، فيما واصلت السلطة محاولات اعتقال الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي، أحد قياديي "حماس" في قطاع غزة. ووسط هذه الاجواء، نفى زعيم "الجهاد الاسلامي" رمضان عبدالله شلح نية الحركة التراجع عن نهج المقاومة، وقال ل"الحياة": "لم يستجد أي شيء يجعلنا نغير موقفنا السابق القائم على الاستمرار في المقاومة طالما ان هناك احتلالاً". واضاف ان "المعركة طويلة ومستمرة، والشعب الفلسطيني لن يعلن الاستسلام". وكان شلح اكد في خطاب امس ان الحركة "لن تنزلق الى معارك داخلية... والدم الفلسطيني خط أحمر لنا حتى لو سفكوا دماءنا". وبذلك يتمايز موقف "الجهاد" عن موقف "حماس" التي أعلنت في بيان أمس "وقف العمليات الإستشهادية داخل الأرض المحتلة عام 1948 ووقف اطلاق الهاون الى حين" من أجل "منع حرب اهلية وفتنة داخلية لا يريدها اي فلسطيني". لكن مصادر فلسطينية أشارت الى ان جهات عدة تمارس ضغوطا على "الجهاد" من اجل وقف الهجمات وأخذ الظروف الراهنة في الاعتبار. وعلى رغم الارتياح الفلسطيني لقرار "حماس"، ساد توتر شديد قطاع غزة، وتحديدا مخيم جباليا حيث تواصلت الاشتباكات لليوم الثاني بين عناصر من "حماس" و"الجهاد" وبين قوات الامن الفلسطينية، واسفرت امس عن مقتل ستة فلسطينيين واصابة 55 آخرين. وكانت المواجهات اندلعت ليل الخميس - الجمعة عندما حاولت قوات امن اعتقال مسلحين من "حماس" اثناء محاولتهم اطلاق هاون على مستوطنات، فتدخل المواطنون وانصار الحركة ما أدى الى مقتل فلسطيني خلال المطاردة. ووقعت هذه الاشتباكات في اعقاب موجة من الاحتجاجات في غزة خصوصاً في محيط منزل عبدالعزيز الرنتيسي، احد قياديي "حماس"، عندما حاولت قوى الامن اعتقاله في اعقاب محاولة سابقة فاشلة. وتجددت الاشتباكات بعد ظهر امس خلال تشييع الشاب الذي قتل اول من امس، ما أدى الى سقوط ستة فلسطينيين، قبل ان تتدخل قيادات "حماس" للتهدئة. وتعتبر هذه الاشتباكات الأعنف في قطاع غزة منذ احداث مسجد فلسطيني في غزة عام 1995 التي راح ضحيتها آنذاك 12 فلسطينياً. وعلمت "الحياة" من مصدر رفيع في الشرطة الفلسطينية ان حلاً وسطا اقترحه الوسطاء تكتفي بموجبه السلطة بفرض الاقامة الجبرية على الرنتيسي في منزله ومنعه من التحدث الى وسائل الاعلام، باء بالفشل بسبب اصرار السلطة على اعتقاله تنفيذا لقرار صادر عن النيابة العامة. وتعليقا على اعلان "حماس" وقف العمليات الانتحارية داخل اسرائيل، قال مصدر رفيع في وزارة الخارجية الاميركية ل"الحياة" ان المسؤولية الامنية لا تزال تقع على عاتق عرفات، مشيرا الى ان اعلان "حماس" تعليق الهجمات "يبقي الباب مفتوحا امام استئنافها مجددا، ما يتطلب من السلطة الفلسطينية تفكيك البنية التحتية للمنظمات الارهابية ومنها حماس". وبعد إشارته الى الخطوات الايجابية الاخيرة التي اتخذتها السلطة، إضافة إلى استئناف الاجتماعات الامنية بين الاسرائيليين والفلسطينيين، قال انه مع تحسن الوضع الامني، فإن على اسرائيل ان تتخذ خطوات لتحسين الاوضاع المعيشية للفلسطينيين من خلال تخفيف القيود المفروضة عليهم. اما في اسرائيل، فتراوحت ردود الفعل على قرار "حماس" بين اعتباره "خدعة"، وبين المطالبة مجددا ب"تفكيك كل التنظيمات الارهابية"، فيما قال وزير الخارجية شمعون بيريز انه سيحكم عليه من خلال الواقع على الارض. من جهة اخرى، رهنت اسرائيل السماح لعرفات بالتوجه الى بيت لحم لرعاية احتفالات اعياد الميلاد وقداس منتصف الليل، باعتقال ناشطين في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" تقول انهما متورطان في قتل وزير السياحة الاسرائيلي رحبعام زئيفي. الا ان وزراء اسرائيليين انتقدوا هذا الموقف، ونقل مسؤولون فلسطينيون عن عرفات قوله انه سيتوجه الى بيت لحم "ولو سيرا على الاقدام". الى ذلك، وجهت 124 دولة رسالة اعتراض على "الفيتو" الذي استخدمته اميركا ضد مشروع قرار في مجلس الامن، وصوتت هذه الدول الى جانب قرار غير ملزم في الجمعية العامة للامم المتحدة يدعو الى ضرورة ارسال مراقبين دوليين الى الاراضي الفلسطينية. ولاقى القرار دعماً من روسيا والاتحاد الاوروبي باستثناء بريطانيا التي امتنعت عن التصويت. كما لوحظ ان الدول التي تتطلع الى عضوية حلف شمال الاطلسي امتنعت ايضا عن التصويت بما فيها البوسنة والهرسك. وعارضت اميركا القرار، الا انها وجهت انتقادا ضمنيا الى اسرائيل، ودعتها الى تهيئة الاجواء حتى يستطيع الفلسطينيون المحافظة على جهودهم ضد "حماس" و"الجهاد"، و"التدقيق بكل حذر في عواقب الاجراءات التي تتخذها ضد الفلسطينيين". وكان الرئيس جورج بوش استقبل أول من امس المبعوث الاميركي الى الشرق الأوسط الجنرال المتقاعد انتوني زيني.