تريد الولاياتالمتحدة أن يكون الارهاب وحده موضوع دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي ستحصل على ما تريد، ويتأخر التعامل مع الصراع العربي - الاسرائيلي اياماً او اسابيع. الرئيس ياسر عرفات سيلقي كلمته من دون ان يعلن دولة فلسطينية، ومساعدوه لا يتوقعون اجتماعاً ثنائياً له مع الرئيس بوش، ولكن ربما التقيا في اروقة مقر الأممالمتحدة وتبادلا حديثاً عابراً. مع ذلك يمكن القول بقدر كبير من الثقة ان المشروع الاميركي للسلام بين الفلسطينيين واسرائيل موجود فعلاً، والاميركيون يشاورون فيه الدول العربية الصديقة، وهم على تنسيق مباشر مع المملكة العربية السعودية، والأرجح ان تشترك الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي في اعلان المشروع معاً، وربما اضيفت روسيا كمكافأة لها على مساعدة الولاياتالمتحدة في حربها على الارهاب. والمشكلة في هذا السيناريو الحقيقي هي وجود آرييل شارون على رأس الحكومة الاسرائيلية، فهو لا يملك مشروعاً للسلام، إلا اذا اعتبرنا ان تقويض السلام مشروع، إلا انه يملك مشروعاً أمنياً فشل حتى الآن في تطبيقه الى درجة ان زاد مشاكل الأمن لاسرائيل. مع ذلك، يزعم شارون انه يعد خطة للسلام، وهو يحاول ان ينسق مع وزير خارجيته شمعون بيريز الذي يكاد يكمل تفاصيل خطة من عنده. ويبدو ان هذا موسم خطط السلام في اسرائيل. فوزير الخارجية السابق عرض خطة تنافس خطة بيريز، وهناك خطط من احزاب اليسار واليمين. بيريز عرض ما خلاصته "غزة اولاً" فيكون الانسحاب الاسرائيلي منها كاملاً، ثم يقلص الوجود الاسرائيلي في الضفة الغربية، وتُجمع المستوطنات، ويخفض عدد المستوطنين، ويجري التفاوض على مستقبل القدس في وقت لاحق. اما بن عامي، فهو يعيد احياء مشروع كامب ديفيد مع زيادة قناعته بأن الفلسطينيين والاسرائيليين لن يستطيعوا الوصول الى السلام بمفردهم، لذلك فالعنصر الجديد هو ان تفرض المجموعة الدولية، بقيادة الولاياتالمتحدة، عليهم التفاوض والسلام. كل هذا ممكن كبداية لولا وجود مجرم الحرب آرييل شارون على رأس الوزارة الاسرائيلية، وتشجيع الولاياتالمتحدة له على ارتكاب الجرائم بالسكوت عنه. ومضى وقت كانت الادارة الاميركية ترفض استقبال الوزير شارون، وهو الآن رئيس الوزراء ويرفض الذهاب الى واشنطن لمقابلة الرئيس بوش خشية ان يحاول هذا الضغط عليه لوقف القتل في الاراضي الفلسطينية. شارون كذاب محترف بقدر ما هو قاتل محترف، وهو قال انه لا يستطيع الذهاب الى الولاياتالمتحدة لانشغاله بموضوع الأمن، اي القتل عمداً وعن سبق اصرار وتصميم، وفي حين أجمع كل من سمع شارون على انه يكذب، فقد لاحظ المراقبون باهتمام انه تحدث عن "متابعة الهدف بوسائل اخرى" وخطر اندلاع اعمال عنف نتيجة لذلك. ولم يستطع المراقبون تحديد ما يمكن عمله لزيادة العنف، وهو قائم ومستمر ومتصاعد منذ تولى شارون رئاسة الوزارة قبل ثمانية اشهر. المشكلة في هذا الوضع هي ادارة الرئىس بوش لا حكومة آرييل شارون. الادارة الاميركية تريد من العالم كله ان يساعدها في محاربة الارهاب، وهذا طلب مشروع، فالارهاب الذي تعرضت له الولاياتالمتحدة غير مبرر على الاطلاق، ويجب ان يعاقب المسؤولون عنه جميعاً، اي اسامة بن لادن والقاعدة فهم كانوا الجهة المنفّذة، ونظام طالبان في افغانستان لرعايته الارهاب. غير ان الرئىس بوش يقول بعد ذلك للعالم "انتم معنا او مع الارهاب"، والمشكلة في هذه القسمة ان العرب والمسلمين يرون ان الولاياتالمتحدة نفسها مع الارهاب الاسرائيلي ضد الفلسطينيين، فهل يكون قتل الاميركيين ممنوعاً ويعاقب مرتكبه، وقتل الفلسطينيين او غيرهم من العرب والمسلمين، مباحاً يكافأ مرتكبه بالمال والسلاح والفيتو في مجلس الأمن؟ قتل الابرياء من اميركيين او فلسطينيين، او اي شعب في اي بلد، ممنوع. والحملة على الارهاب يجب ان تستمر حتى يُقضى نهائياً على الارهابيين. غير ان الآراء تتباين عند هذه النقطة، فالولاياتالمتحدة تعتبر أسر بن لادن او قتله، وإطاحة نظام طالبان هي النهاية، غير ان العرب والمسلمين يقولون ان الحرب الحقيقية على الارهاب يجب ان تحقق هذه الاهداف، ثم تكمل لوقف الارهاب الاسرائيلي على الفلسطينيين. لا اتوقع ابداً ان تحارب الولاياتالمتحدة ارهاب اسرائيل بعد ارهاب القاعدة وطالبان، بل لا نطلب منها ذلك، ولكن نرجو ان تعيد النظر في سياستها ازاء الشرق الاوسط وتطلع بمشروع للسلام يستطيع الفلسطينيون ومن ورائهم العرب والمسلمون، القبول به، وهي إن فعلت تكون كفّرت عن كثير من ذنوبها في تشجيع الارهاب الاسرائيلي على مدى عقود طويلة.