اعلن البنك الدولي خطة عمل ينتظر ان يناقشها مؤتمر دولي يعقد في وقت لاحق من الشهر الجاري يتناول جهود اعادة الاعمار في افغانستان بعد القضاء على حركة طالبان الحاكمة في كابول، لكنه اكد ضخامة التمويل المطلوب ومحدودية مصادره مقترحاً ان يلعب القطاع الخاص الافغاني والمغتربون الافغان في الدول المجاورة لا سيما باكستان وايران دوراً رئيسياً في هذا المجال. ويشارك البنك، بالتضامن مع برنامج الاممالمتحدة الانمائي ومصرف الانماء الآسيوي، في رعاية المؤتمر الدولي الذي سيعقد في اسلام آباد في الفترة بين 27 و29 تشرين الثاني نوفمبر الجاري تحت شعار "الاعداد لاعادة الاعمار في افغانستان" ويتوقع ان يحضره ممثلون عن الدول المانحة وما وصفه البنك ب"عدد كبير من الافغان في الخارج". وقال مسؤول البنك الدولي المكلف شؤون افغانستان وليم بيرد: "ان المؤتمر سيطلق مساراً مكثفاً من المشاورات والنقاشات للاتفاق على تحديد الاحتياجات المستقبلية لعملية اعادة الاعمار في افغانستان"، مشيراً الى ان المؤتمرين سيعملون على الاستفادة من التجارب الميدانية للمنظمات غير الحكومية العاملة في افغانستان والخبرات المكتسبة من عمليات اعادة الاعمار في البلدان الخارجة من الازمات. واقترحت خطة العمل التي ينتظر ان تشكل اساساً لاعمال المؤتمر وتساهم في تحديد استراتيجية لمساهمة البنك الدولي في اعادة عملية الاعمار تأسيس صندوق ائتمان دولي ما اعتبرته هذه الخطة "آلية منطقية" لتنسيق عمليات جمع المساعدات وضمان اولويات التمويل لشريحة واسعة من عملية اعادة الاعمار والانشطة الانمائية. واكد بيرد اهمية تأسيس الصندوق المقترح مشيراً الى ان ادارة المساعدات ستلعب دوراً حاسماً في ضمان نجاح جهود اعادة الاعمار وستتطلب نظاماً مالياً سليماً وتنسيقاً جيداً للمساعدات على قاعدة من الشراكة الحقيقية واخيراً وليس آخراً لا بد للافغان من ان يلعبوا دوراً رئيسياً في مجمل عملية اعادة الاعمار بدءاً بالتخطيط وانتهاء بالتنفيذ. ويتضمن جدول اعمال المؤتمر مجموعة من المسائل الرئيسية المتعلقة بعمليات اعادة الاعمار العاجلة بعد خروج افغانستان من ازمتها مباشرة واهمها انعاش القطاع الزراعي الذي يشكل القاعدة الاساس للاقتصاد الافغاني وتوفير فرص العمل وضمان الامن الغذائي للتجمعات السكانية علاوة على تطوير البنى التحتية لا سيما التعليم والخدمات الصحية وشبكات الري والطرق. واعتبر البنك الدولي ان من السابق لاوانه تحديد حجم التمويل اللازم لاعادة الاعمار لكنه اكد ان الكلفة ستكون "عالية"، وذكر ان المساعدات المطلوبة سيحدد مستوياتها ميزان المدفوعات واحتياجات تمويلات الموازنة اللذان يتوقع ان يكونا على جانب كبير من الضخامة، وكذلك القدرات الاستيعابية للسوق الافغانية التي يتوقع ان تكون محدودة نسبياً في المرحلة الاولى بسبب استنزاف رأس المال البشري لافغانستان بعد زهاء عقدين من النزاعات. وعرضت خطة العمل للتحديات التي ستواجهها عملية اعادة الاعمار مؤكدة ان مجرد العمل بهدف العودة الى عهد ما قبل الازمات في اواخر السبعينات لن يعني اكثر من عودة افغانستان الى وضعها كواحدة من الدول الاكثر فقراً في العالم حسب مقاييس الدخل والمؤشرات الاجتماعية، وخلصت الى ان ضخامة المهمة ستجعل من الصعب الفصل بين عملية اعادة الاعمار ومتطلبات الانماء. ولفتت الخطة الى ان المؤسسات الاقتصادية الرئيسية الرسمية مثل المصرف المركزي والخزانة وادارات تحصيل الضرائب والرسوم الجمركية ومنظمات الاحصاءات والخدمات الاجتماعية ونظامي الامن العام والقضاء اما ضعيفة او غير موجودة بينما البنى التحتية مثل الطرق والجسور وشبكات الري والاتصالات والكهرباء اما مدمرة او غير مؤهلة للعمل بسبب عدم توفر الصيانة. 500 مليون دولار لنزع الالغام وباستثناء الاشارة الى ان نزع الالغام في جميع انحاء افغانستان سيحتاج الى تمويل قد يصل الى 500 مليون دولار قدم البنك الدولي بعض الامثلة في شأن تقدير حجم المساعدات المطلوبة لتمويل عملية اعادة الاعمار في افغانستان التي يقدر التعداد الاجمالي لمواطنيها المقيمين على الاراضي الافغانية ومخيمات اللاجئين في الدول المجاورة بحوالى 25 مليون نسمة. واشار البنك الى ان حجم المساعدات التي اقترحت لتمويل اعادة الاعمار في الضفة الغربية وقطاع غزة التي لا يزيد تعداد سكانها على مليوني نسمة وتملك بعض البنى التحتية الاساسية العاملة بلغ 3 بلايين دولار في العامين الاولين وان المساعدات الخارجية التي خصصت لتمويل اعادة اعمار لبنان سكانه 4 ملايين نسمة بلغت حدود 400 مليون دولار سنوياً لمدة 10 اعوام بينما تلقت البوسنة 5 ملايين نسمة نحو 5.4 بليون دولار في الفترة من 1995 الى 1999. ولم يكشف البنك عن مدى استعداد الدول المانحة للمساهمة في صندوق الائتمان المقترح لكنه اشار الى ان ارتفاع كلفة عملية اعادة الاعمار ومحدودية مصادر التمويل الخارجي، لا سيما "المصادر الخاصة" التي يبدو انها لن تعتبر افغانستان مرشحاً اولياً لاستثماراتها يتطلبان منح القطاع الخاص الافغاني دوراً رئيسياً في هذا المجال. وقال البنك: "اشتهرت افغانستان قبل الحرب برجال اعمالها في التجارة والصرافة ومجالات اخرى وحري باستراتيجية اعادة الاعمار ان تحاول اجتذاب المجموعات الكبيرة من الاعمال ورجال الاعمال والعمال المهرة وغير المهرة من الافغان المقيمين حالياً في باكستان وايران للعودة الى بلادهم". ولفتت خطة العمل الى ان افغانستان، التي يقدر حجم ديونها للمؤسسات المالية بنحو 48 مليون دولار، نصفها تقريباً لوكالة الانماء الدولية، تملك من فترة ما قبل الحرب "سجلاً ايجابياً في استعادة الكلفة في الاستثمار في الخدمات الاساسية مثل الطاقة الكهربائية والفرص الاستثمارية البكر في قطاعات مثل الاتصالات والطاقة وخطوط انابيب نقل الغاز والنفط". لكن البنك الدولي اعترف بغموض الوضع السياسي في افغانستان وصعوبة التنبؤ بما سيحدث في المدى القصير. وكان البنك بالتضامن مع صندوق النقد ومؤسسات دولية اخرى صاغ في سنة 1992 اقتراحات لاعادة الاعمار في افغانستان بكلفة مبدئية تصل الى 622 مليون دولار الا ان تجدد النزاع في العام التالي احبط الخطة.